شهد الأردن في العقد الأخير سلسلة من الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية التي تهدف إلى تمهيد الطريق نحو حكومات برلمانية، حيث تُصبح الأحزاب السياسية الركيزة الأساسية لتشكيل الحكومات. مع ذلك، لا يزال الجدل مستمرًا حول مدى تأثير هذه الإصلاحات على النظام السياسي. يرى البعض أن هذه التعديلات نقلت النظام من 'نيابي ملكي وراثي' إلى 'ملكي مطلق مرن'، ما أثار تساؤلات حول ملامح المرحلة القادمة واذا كانت البلاد ستشهد انفراجة سياسية حقيقية مشابهة لما بعد عام ١٩٨٩، وكذلك مدى جاهزية الأحزاب السياسية لتولي زمام الحكم في ظل الواقع الجديد.
في الانتخابات النيابية الأخيرة، تم تخصيص مقاعد للأحزاب السياسية، إلا أن التجربة أظهرت أن المشهد السياسي الأردني ما زال يعاني من ضعف هيكلي وتنظيمي في عدد كبير من الأحزاب. باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، تفتقر العديد من الأحزاب إلى برامج سياسية واضحة ورؤية استراتيجية، وقدرة على اقناع المواطنين سواء بشخوصها او افكارها وبرامجها ،ما يثير الشكوك حول قدرتها على لعب دور بارز في الحياة السياسية في البلاد ،بما فيها تولي مسؤولية تشكيل الحكومات في المستقبل القريب.
جاء تكليف الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة في خطوة تهدف إلى دفع مسيرة التحديث السياسي إلى الأمام. لكن لا تزال التحديات قائمة في تحقيق النموذج البرلماني المنشود. فالإنجازات التشريعية التي عززت دور الأحزاب لم تترجم بعد إلى واقع ملموس، ولا يزال المشهد السياسي غير ناضج بما يكفي لتطبيق الحكومات البرلمانية بشكل فعّال. تكمن المشكلة في أن العديد من الأحزاب تعتمد بشكل كبير على الفردية والعلاقات الشخصية بدلاً من الاعتماد على برامج حزبية واضحة ومتكاملة. هذه الثقافة السياسية تعيق التعاون والثقة بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبر أساسًا لنجاح أي تجربة برلمانية. لذا، من الضروري إعادة النظر في آلية تشكيل الأحزاب، بحيث تُبنى من القاعدة إلى الهرم، دون وجود ما يسمى 'حزب الدولة' المدلل. فكل الأحزاب يجب أن تكون جزءًا من نسيج الوطن، وتعمل على تحقيق المصلحة الوطنية دون تمييز بين موالين ومعارضين.
إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجه النظام السياسي، هناك ضغوط إقليمية ودولية تساهم في تعقيد المشهد. الحرب في غزة، الصراعات الإقليمية المستمرة، والتوترات الاقتصادية التي تزيدها أزمة اللاجئين، كلها عوامل تدفع الأردن إلى التريث في تنفيذ الإصلاحات السياسية بشكل كامل. هذه الظروف تجعل اي حكومة تتوخى الحذر في اتخاذ خطوات جريئة نحو تطبيق النظام البرلماني، خشية أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. ومع ذلك، يجب إعادة النظر في العديد من القوانين التي تضر بالحريات العامة، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أساء إلى سمعة الأردن في المحافل الدولية. هذا القانون الذي يعزز من الرقابة على الحريات الإلكترونية ويزيد من القيود على التعبير عن الرأي، لا يتناسب مع توجهات الأردن نحو الديمقراطية والحرية السياسية. لذا، يجب إعادة تقييم هذا القانون بما يضمن توازنًا بين حماية المجتمع وتعزيز الحريات العامة.
على الجانب الآخر، يجد الإسلاميون في البرلمان الأردني أنفسهم اليوم أمام فرصة تاريخية لإثبات قدرتهم على التكيف مع المشهد السياسي المحلي، واستعادة ثقة الدولة والشعب. التحولات الإقليمية والأحداث الراهنة وضعتهم في اختبار حقيقي، حيث يتعين عليهم اليوم تغليب المصلحة الوطنية على أي أجندات حزبية ضيقة. تجربة الإسلاميين في دول الربيع العربي، مثل مصر وتونس، تقدم دروسًا هامة يجب الاستفادة منها، حيث أدت الأخطاء التي ارتكبتها هذه التيارات إلى فقدانها للتأييد الشعبي وتقويض دورها السياسي. اليوم، أمام الإسلاميين في الأردن فرصة تاريخية لتبني سياسات مرنة وواقعية تحترم التعددية وتضع مصلحة البلاد في المقام الأول، مما يعزز مكانتهم السياسية ويجنبهم تكرار إخفاقات الماضي. هذه الفرصة قد لا تتكرر، لذا فإن نجاحهم في استغلالها سيساهم في تعزيز دورهم في الحياة السياسية الأردنية بشكل إيجابي.
أمام حكومة الدكتور جعفر حسان دور كبير في تعزيز الحوار مع الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، بالإضافة إلى إطلاق الحريات العامة بما يضمن تجذير أسس الديمقراطية. ومع ذلك، يجب أن يترافق هذا الدور مع مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يتعارض مع مبادئ حرية التعبير ويضر بصورة الأردن دوليًا. نجاح مشروع التحديث السياسي الذي أشار إليه الملك عبد الله الثاني يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على التغلب على التحديات، وتعزيز الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة. لن يتحقق هذا النجاح إلا بتضافر جهود الحكومة، البرلمان، والأحزاب، والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على أي مصالح حزبية أو شخصية. ختامًا تقف الحكومة والبرلمان والأحزاب الأردنية أمام فرصة حقيقية لتطبيق الرؤية الملكية وتحقيق تحول نوعي في الحياة السياسية. لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب تجاوز العقبات الراهنة وتطوير النظام الحزبي ليكون أكثر نضجًا واستقرارًا. لا يمكن لأي حزب أن يحتكر الولاء أو يدعي تمثيل الدولة وحده، فجميع الأحزاب هي جزء من هذا الوطن، ولا بد من إيقاف تقسيم المواطنين إلى موالين وغير موالين. التحول نحو حكومات برلمانية حقيقية يتطلب إرادة سياسية قوية وجهودًا مستمرة لتطوير الثقافة السياسية في المجتمع. الاستقرار السياسي لن يتحقق إلا من خلال تضافر جهود جميع الأطراف، مع العمل على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالأردن. تضافر هذه الجهود سيعزز مكانة الأردن السياسية ويضمن استقراره في ظل الأزمات المحيطة به.
شهد الأردن في العقد الأخير سلسلة من الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية التي تهدف إلى تمهيد الطريق نحو حكومات برلمانية، حيث تُصبح الأحزاب السياسية الركيزة الأساسية لتشكيل الحكومات. مع ذلك، لا يزال الجدل مستمرًا حول مدى تأثير هذه الإصلاحات على النظام السياسي. يرى البعض أن هذه التعديلات نقلت النظام من 'نيابي ملكي وراثي' إلى 'ملكي مطلق مرن'، ما أثار تساؤلات حول ملامح المرحلة القادمة واذا كانت البلاد ستشهد انفراجة سياسية حقيقية مشابهة لما بعد عام ١٩٨٩، وكذلك مدى جاهزية الأحزاب السياسية لتولي زمام الحكم في ظل الواقع الجديد.
في الانتخابات النيابية الأخيرة، تم تخصيص مقاعد للأحزاب السياسية، إلا أن التجربة أظهرت أن المشهد السياسي الأردني ما زال يعاني من ضعف هيكلي وتنظيمي في عدد كبير من الأحزاب. باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، تفتقر العديد من الأحزاب إلى برامج سياسية واضحة ورؤية استراتيجية، وقدرة على اقناع المواطنين سواء بشخوصها او افكارها وبرامجها ،ما يثير الشكوك حول قدرتها على لعب دور بارز في الحياة السياسية في البلاد ،بما فيها تولي مسؤولية تشكيل الحكومات في المستقبل القريب.
جاء تكليف الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة في خطوة تهدف إلى دفع مسيرة التحديث السياسي إلى الأمام. لكن لا تزال التحديات قائمة في تحقيق النموذج البرلماني المنشود. فالإنجازات التشريعية التي عززت دور الأحزاب لم تترجم بعد إلى واقع ملموس، ولا يزال المشهد السياسي غير ناضج بما يكفي لتطبيق الحكومات البرلمانية بشكل فعّال. تكمن المشكلة في أن العديد من الأحزاب تعتمد بشكل كبير على الفردية والعلاقات الشخصية بدلاً من الاعتماد على برامج حزبية واضحة ومتكاملة. هذه الثقافة السياسية تعيق التعاون والثقة بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبر أساسًا لنجاح أي تجربة برلمانية. لذا، من الضروري إعادة النظر في آلية تشكيل الأحزاب، بحيث تُبنى من القاعدة إلى الهرم، دون وجود ما يسمى 'حزب الدولة' المدلل. فكل الأحزاب يجب أن تكون جزءًا من نسيج الوطن، وتعمل على تحقيق المصلحة الوطنية دون تمييز بين موالين ومعارضين.
إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجه النظام السياسي، هناك ضغوط إقليمية ودولية تساهم في تعقيد المشهد. الحرب في غزة، الصراعات الإقليمية المستمرة، والتوترات الاقتصادية التي تزيدها أزمة اللاجئين، كلها عوامل تدفع الأردن إلى التريث في تنفيذ الإصلاحات السياسية بشكل كامل. هذه الظروف تجعل اي حكومة تتوخى الحذر في اتخاذ خطوات جريئة نحو تطبيق النظام البرلماني، خشية أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. ومع ذلك، يجب إعادة النظر في العديد من القوانين التي تضر بالحريات العامة، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أساء إلى سمعة الأردن في المحافل الدولية. هذا القانون الذي يعزز من الرقابة على الحريات الإلكترونية ويزيد من القيود على التعبير عن الرأي، لا يتناسب مع توجهات الأردن نحو الديمقراطية والحرية السياسية. لذا، يجب إعادة تقييم هذا القانون بما يضمن توازنًا بين حماية المجتمع وتعزيز الحريات العامة.
على الجانب الآخر، يجد الإسلاميون في البرلمان الأردني أنفسهم اليوم أمام فرصة تاريخية لإثبات قدرتهم على التكيف مع المشهد السياسي المحلي، واستعادة ثقة الدولة والشعب. التحولات الإقليمية والأحداث الراهنة وضعتهم في اختبار حقيقي، حيث يتعين عليهم اليوم تغليب المصلحة الوطنية على أي أجندات حزبية ضيقة. تجربة الإسلاميين في دول الربيع العربي، مثل مصر وتونس، تقدم دروسًا هامة يجب الاستفادة منها، حيث أدت الأخطاء التي ارتكبتها هذه التيارات إلى فقدانها للتأييد الشعبي وتقويض دورها السياسي. اليوم، أمام الإسلاميين في الأردن فرصة تاريخية لتبني سياسات مرنة وواقعية تحترم التعددية وتضع مصلحة البلاد في المقام الأول، مما يعزز مكانتهم السياسية ويجنبهم تكرار إخفاقات الماضي. هذه الفرصة قد لا تتكرر، لذا فإن نجاحهم في استغلالها سيساهم في تعزيز دورهم في الحياة السياسية الأردنية بشكل إيجابي.
أمام حكومة الدكتور جعفر حسان دور كبير في تعزيز الحوار مع الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، بالإضافة إلى إطلاق الحريات العامة بما يضمن تجذير أسس الديمقراطية. ومع ذلك، يجب أن يترافق هذا الدور مع مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يتعارض مع مبادئ حرية التعبير ويضر بصورة الأردن دوليًا. نجاح مشروع التحديث السياسي الذي أشار إليه الملك عبد الله الثاني يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على التغلب على التحديات، وتعزيز الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة. لن يتحقق هذا النجاح إلا بتضافر جهود الحكومة، البرلمان، والأحزاب، والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على أي مصالح حزبية أو شخصية. ختامًا تقف الحكومة والبرلمان والأحزاب الأردنية أمام فرصة حقيقية لتطبيق الرؤية الملكية وتحقيق تحول نوعي في الحياة السياسية. لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب تجاوز العقبات الراهنة وتطوير النظام الحزبي ليكون أكثر نضجًا واستقرارًا. لا يمكن لأي حزب أن يحتكر الولاء أو يدعي تمثيل الدولة وحده، فجميع الأحزاب هي جزء من هذا الوطن، ولا بد من إيقاف تقسيم المواطنين إلى موالين وغير موالين. التحول نحو حكومات برلمانية حقيقية يتطلب إرادة سياسية قوية وجهودًا مستمرة لتطوير الثقافة السياسية في المجتمع. الاستقرار السياسي لن يتحقق إلا من خلال تضافر جهود جميع الأطراف، مع العمل على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالأردن. تضافر هذه الجهود سيعزز مكانة الأردن السياسية ويضمن استقراره في ظل الأزمات المحيطة به.
شهد الأردن في العقد الأخير سلسلة من الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية التي تهدف إلى تمهيد الطريق نحو حكومات برلمانية، حيث تُصبح الأحزاب السياسية الركيزة الأساسية لتشكيل الحكومات. مع ذلك، لا يزال الجدل مستمرًا حول مدى تأثير هذه الإصلاحات على النظام السياسي. يرى البعض أن هذه التعديلات نقلت النظام من 'نيابي ملكي وراثي' إلى 'ملكي مطلق مرن'، ما أثار تساؤلات حول ملامح المرحلة القادمة واذا كانت البلاد ستشهد انفراجة سياسية حقيقية مشابهة لما بعد عام ١٩٨٩، وكذلك مدى جاهزية الأحزاب السياسية لتولي زمام الحكم في ظل الواقع الجديد.
في الانتخابات النيابية الأخيرة، تم تخصيص مقاعد للأحزاب السياسية، إلا أن التجربة أظهرت أن المشهد السياسي الأردني ما زال يعاني من ضعف هيكلي وتنظيمي في عدد كبير من الأحزاب. باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، تفتقر العديد من الأحزاب إلى برامج سياسية واضحة ورؤية استراتيجية، وقدرة على اقناع المواطنين سواء بشخوصها او افكارها وبرامجها ،ما يثير الشكوك حول قدرتها على لعب دور بارز في الحياة السياسية في البلاد ،بما فيها تولي مسؤولية تشكيل الحكومات في المستقبل القريب.
جاء تكليف الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة في خطوة تهدف إلى دفع مسيرة التحديث السياسي إلى الأمام. لكن لا تزال التحديات قائمة في تحقيق النموذج البرلماني المنشود. فالإنجازات التشريعية التي عززت دور الأحزاب لم تترجم بعد إلى واقع ملموس، ولا يزال المشهد السياسي غير ناضج بما يكفي لتطبيق الحكومات البرلمانية بشكل فعّال. تكمن المشكلة في أن العديد من الأحزاب تعتمد بشكل كبير على الفردية والعلاقات الشخصية بدلاً من الاعتماد على برامج حزبية واضحة ومتكاملة. هذه الثقافة السياسية تعيق التعاون والثقة بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبر أساسًا لنجاح أي تجربة برلمانية. لذا، من الضروري إعادة النظر في آلية تشكيل الأحزاب، بحيث تُبنى من القاعدة إلى الهرم، دون وجود ما يسمى 'حزب الدولة' المدلل. فكل الأحزاب يجب أن تكون جزءًا من نسيج الوطن، وتعمل على تحقيق المصلحة الوطنية دون تمييز بين موالين ومعارضين.
إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجه النظام السياسي، هناك ضغوط إقليمية ودولية تساهم في تعقيد المشهد. الحرب في غزة، الصراعات الإقليمية المستمرة، والتوترات الاقتصادية التي تزيدها أزمة اللاجئين، كلها عوامل تدفع الأردن إلى التريث في تنفيذ الإصلاحات السياسية بشكل كامل. هذه الظروف تجعل اي حكومة تتوخى الحذر في اتخاذ خطوات جريئة نحو تطبيق النظام البرلماني، خشية أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. ومع ذلك، يجب إعادة النظر في العديد من القوانين التي تضر بالحريات العامة، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أساء إلى سمعة الأردن في المحافل الدولية. هذا القانون الذي يعزز من الرقابة على الحريات الإلكترونية ويزيد من القيود على التعبير عن الرأي، لا يتناسب مع توجهات الأردن نحو الديمقراطية والحرية السياسية. لذا، يجب إعادة تقييم هذا القانون بما يضمن توازنًا بين حماية المجتمع وتعزيز الحريات العامة.
على الجانب الآخر، يجد الإسلاميون في البرلمان الأردني أنفسهم اليوم أمام فرصة تاريخية لإثبات قدرتهم على التكيف مع المشهد السياسي المحلي، واستعادة ثقة الدولة والشعب. التحولات الإقليمية والأحداث الراهنة وضعتهم في اختبار حقيقي، حيث يتعين عليهم اليوم تغليب المصلحة الوطنية على أي أجندات حزبية ضيقة. تجربة الإسلاميين في دول الربيع العربي، مثل مصر وتونس، تقدم دروسًا هامة يجب الاستفادة منها، حيث أدت الأخطاء التي ارتكبتها هذه التيارات إلى فقدانها للتأييد الشعبي وتقويض دورها السياسي. اليوم، أمام الإسلاميين في الأردن فرصة تاريخية لتبني سياسات مرنة وواقعية تحترم التعددية وتضع مصلحة البلاد في المقام الأول، مما يعزز مكانتهم السياسية ويجنبهم تكرار إخفاقات الماضي. هذه الفرصة قد لا تتكرر، لذا فإن نجاحهم في استغلالها سيساهم في تعزيز دورهم في الحياة السياسية الأردنية بشكل إيجابي.
أمام حكومة الدكتور جعفر حسان دور كبير في تعزيز الحوار مع الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، بالإضافة إلى إطلاق الحريات العامة بما يضمن تجذير أسس الديمقراطية. ومع ذلك، يجب أن يترافق هذا الدور مع مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يتعارض مع مبادئ حرية التعبير ويضر بصورة الأردن دوليًا. نجاح مشروع التحديث السياسي الذي أشار إليه الملك عبد الله الثاني يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على التغلب على التحديات، وتعزيز الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة. لن يتحقق هذا النجاح إلا بتضافر جهود الحكومة، البرلمان، والأحزاب، والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على أي مصالح حزبية أو شخصية. ختامًا تقف الحكومة والبرلمان والأحزاب الأردنية أمام فرصة حقيقية لتطبيق الرؤية الملكية وتحقيق تحول نوعي في الحياة السياسية. لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب تجاوز العقبات الراهنة وتطوير النظام الحزبي ليكون أكثر نضجًا واستقرارًا. لا يمكن لأي حزب أن يحتكر الولاء أو يدعي تمثيل الدولة وحده، فجميع الأحزاب هي جزء من هذا الوطن، ولا بد من إيقاف تقسيم المواطنين إلى موالين وغير موالين. التحول نحو حكومات برلمانية حقيقية يتطلب إرادة سياسية قوية وجهودًا مستمرة لتطوير الثقافة السياسية في المجتمع. الاستقرار السياسي لن يتحقق إلا من خلال تضافر جهود جميع الأطراف، مع العمل على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالأردن. تضافر هذه الجهود سيعزز مكانة الأردن السياسية ويضمن استقراره في ظل الأزمات المحيطة به.
التعليقات
حكومة جعفر .. بين الرؤية الملكية والتحديات السياسية
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
حكومة جعفر .. بين الرؤية الملكية والتحديات السياسية
شهد الأردن في العقد الأخير سلسلة من الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية التي تهدف إلى تمهيد الطريق نحو حكومات برلمانية، حيث تُصبح الأحزاب السياسية الركيزة الأساسية لتشكيل الحكومات. مع ذلك، لا يزال الجدل مستمرًا حول مدى تأثير هذه الإصلاحات على النظام السياسي. يرى البعض أن هذه التعديلات نقلت النظام من 'نيابي ملكي وراثي' إلى 'ملكي مطلق مرن'، ما أثار تساؤلات حول ملامح المرحلة القادمة واذا كانت البلاد ستشهد انفراجة سياسية حقيقية مشابهة لما بعد عام ١٩٨٩، وكذلك مدى جاهزية الأحزاب السياسية لتولي زمام الحكم في ظل الواقع الجديد.
في الانتخابات النيابية الأخيرة، تم تخصيص مقاعد للأحزاب السياسية، إلا أن التجربة أظهرت أن المشهد السياسي الأردني ما زال يعاني من ضعف هيكلي وتنظيمي في عدد كبير من الأحزاب. باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، تفتقر العديد من الأحزاب إلى برامج سياسية واضحة ورؤية استراتيجية، وقدرة على اقناع المواطنين سواء بشخوصها او افكارها وبرامجها ،ما يثير الشكوك حول قدرتها على لعب دور بارز في الحياة السياسية في البلاد ،بما فيها تولي مسؤولية تشكيل الحكومات في المستقبل القريب.
جاء تكليف الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة في خطوة تهدف إلى دفع مسيرة التحديث السياسي إلى الأمام. لكن لا تزال التحديات قائمة في تحقيق النموذج البرلماني المنشود. فالإنجازات التشريعية التي عززت دور الأحزاب لم تترجم بعد إلى واقع ملموس، ولا يزال المشهد السياسي غير ناضج بما يكفي لتطبيق الحكومات البرلمانية بشكل فعّال. تكمن المشكلة في أن العديد من الأحزاب تعتمد بشكل كبير على الفردية والعلاقات الشخصية بدلاً من الاعتماد على برامج حزبية واضحة ومتكاملة. هذه الثقافة السياسية تعيق التعاون والثقة بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة، وهو ما يعتبر أساسًا لنجاح أي تجربة برلمانية. لذا، من الضروري إعادة النظر في آلية تشكيل الأحزاب، بحيث تُبنى من القاعدة إلى الهرم، دون وجود ما يسمى 'حزب الدولة' المدلل. فكل الأحزاب يجب أن تكون جزءًا من نسيج الوطن، وتعمل على تحقيق المصلحة الوطنية دون تمييز بين موالين ومعارضين.
إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجه النظام السياسي، هناك ضغوط إقليمية ودولية تساهم في تعقيد المشهد. الحرب في غزة، الصراعات الإقليمية المستمرة، والتوترات الاقتصادية التي تزيدها أزمة اللاجئين، كلها عوامل تدفع الأردن إلى التريث في تنفيذ الإصلاحات السياسية بشكل كامل. هذه الظروف تجعل اي حكومة تتوخى الحذر في اتخاذ خطوات جريئة نحو تطبيق النظام البرلماني، خشية أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. ومع ذلك، يجب إعادة النظر في العديد من القوانين التي تضر بالحريات العامة، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أساء إلى سمعة الأردن في المحافل الدولية. هذا القانون الذي يعزز من الرقابة على الحريات الإلكترونية ويزيد من القيود على التعبير عن الرأي، لا يتناسب مع توجهات الأردن نحو الديمقراطية والحرية السياسية. لذا، يجب إعادة تقييم هذا القانون بما يضمن توازنًا بين حماية المجتمع وتعزيز الحريات العامة.
على الجانب الآخر، يجد الإسلاميون في البرلمان الأردني أنفسهم اليوم أمام فرصة تاريخية لإثبات قدرتهم على التكيف مع المشهد السياسي المحلي، واستعادة ثقة الدولة والشعب. التحولات الإقليمية والأحداث الراهنة وضعتهم في اختبار حقيقي، حيث يتعين عليهم اليوم تغليب المصلحة الوطنية على أي أجندات حزبية ضيقة. تجربة الإسلاميين في دول الربيع العربي، مثل مصر وتونس، تقدم دروسًا هامة يجب الاستفادة منها، حيث أدت الأخطاء التي ارتكبتها هذه التيارات إلى فقدانها للتأييد الشعبي وتقويض دورها السياسي. اليوم، أمام الإسلاميين في الأردن فرصة تاريخية لتبني سياسات مرنة وواقعية تحترم التعددية وتضع مصلحة البلاد في المقام الأول، مما يعزز مكانتهم السياسية ويجنبهم تكرار إخفاقات الماضي. هذه الفرصة قد لا تتكرر، لذا فإن نجاحهم في استغلالها سيساهم في تعزيز دورهم في الحياة السياسية الأردنية بشكل إيجابي.
أمام حكومة الدكتور جعفر حسان دور كبير في تعزيز الحوار مع الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، بالإضافة إلى إطلاق الحريات العامة بما يضمن تجذير أسس الديمقراطية. ومع ذلك، يجب أن يترافق هذا الدور مع مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يتعارض مع مبادئ حرية التعبير ويضر بصورة الأردن دوليًا. نجاح مشروع التحديث السياسي الذي أشار إليه الملك عبد الله الثاني يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على التغلب على التحديات، وتعزيز الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة. لن يتحقق هذا النجاح إلا بتضافر جهود الحكومة، البرلمان، والأحزاب، والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على أي مصالح حزبية أو شخصية. ختامًا تقف الحكومة والبرلمان والأحزاب الأردنية أمام فرصة حقيقية لتطبيق الرؤية الملكية وتحقيق تحول نوعي في الحياة السياسية. لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب تجاوز العقبات الراهنة وتطوير النظام الحزبي ليكون أكثر نضجًا واستقرارًا. لا يمكن لأي حزب أن يحتكر الولاء أو يدعي تمثيل الدولة وحده، فجميع الأحزاب هي جزء من هذا الوطن، ولا بد من إيقاف تقسيم المواطنين إلى موالين وغير موالين. التحول نحو حكومات برلمانية حقيقية يتطلب إرادة سياسية قوية وجهودًا مستمرة لتطوير الثقافة السياسية في المجتمع. الاستقرار السياسي لن يتحقق إلا من خلال تضافر جهود جميع الأطراف، مع العمل على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالأردن. تضافر هذه الجهود سيعزز مكانة الأردن السياسية ويضمن استقراره في ظل الأزمات المحيطة به.
التعليقات