اشتهر محمّد عبده بلعنه المَشهور للسّياسة، رغم أنّ اللّعن صفة سيئة، فهي وبحسب ما قال لي جاري الطّفيلي مرّةً: 'بِتْلِفْ بِتْلِفْ وبترجَع لصاحِبها'، ولا أعلم لماذا نحمِل كلّ هذا السّخط على الكَلمة، رغم أنّنا لا نمارسها، إنّنا نصدّر عواطفنا كآراء سياسيّة، ونصنعُ من الكلمة قالبًا، كقالب الحلوى (cake)، ونسكب داخِله الدين، والمصلحة، واسم العائِلة، والطّبخة المفضّلة، والموقف الشّخصيّ، ونخرج برأي سياسي (مُحمَّر). و(على سيرة) قالب الكيك فإنّني أستذكر الضّفة الغربيّة التي تستمرّ إسرائيل بابتلاعها، بينما تلبس أمام العالم وجهًا يشبه وجه النّباتيين، إسرائيل نباتيّة ولا تأكل أرض (جسَد) الفلسطينيين، وهم الذينَ لا يريدون التّفاوض معها حول القطعة المتبقية من القالب؛ لهذا فإنّ عاموس يادلين رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ في دولة الاحتلال، رئيس استخباراتها السّابق، رأى أنّ الحلّ الوحيد هو ابتلاع ربع القطعة المتبقي، وإعلان الحدود من طَرف واحد، وهكذا تكون الشّوكة في ملعب أو حلق الفلسطينيين، يوصف هذا بالإحسان (أن تعامل الفلسطينيّ كأنّك تراه، وأن تحبّ له 13% مما تحبّ لنفسك). صَحيفة النّهار اللّبنانيّة، وفي عددها رقم (26680)، الصادر بتاريخ 11 أكتوبر (تشرين أوّل) من العام 2018، ملأت صفحاتها بالأبيض. وعلى الصّحف العربيّة اليوم، واللّبنانيّة تحديدًا، أن تحذو حذوها؛ كأنّ النّهار تقول: لا شيء، الأخبار هُنا منتهية الصلاحيّة، الشّوكة متعفّنة، السياسيون 'يطبخون على نار جهنّم'، الأخبار مكرّرة كالدّم في شوارع بيروت، محرر الجريدة لا يغيّر ملابسه الداخليّة خوفًا من تغيُّر الأخبار، موزّع الصّحيفة رجل آلي، والذي يكتب الأبراج رجل مختل عقليًا، والأيام تكرّر بعضها. تكرّر بعضها. تكرّر بعضها (...). صحيفة النّهار، كانت تقصدُ تلك الفترة أنّ الورقيَّ تراجَع. ولم تعرف أنّ لبنان سيصل مرحلة تراجُع أكبر وأكثر قسوة. أتذكر ما قامت به صحيفة النّهار اليوم في ظلِّ بوادر انفجار (الاحتقانات) التي يقفُ على أعتابها لبنان. لبنان الذي بلا رئيسٍ منذُ أشهر، والذي يَقْتَتِلُ فيه الفلسطينيونَ في مؤقّتهم المستمرِّ: (مخيّم عين الحلوة)، والذي (تنحرفُ) فيه شاحنة سلاحٍ (منحرفة أصلًا) عن مسارها، فتصبح الصّورة أوضح في أعين اللبنانيين عن المستقبل ومصير البلاد، والذي ينجو فيه وزير، اليوم، من محاولة اغتيال، والذي توجّه فيه، اليوم، لحاكم مصرفه السّابق، عقوباتٌ بالجملة وتهم فساد، والذي (انخسفت) عملته، وتقطّع قراره السّياسيّ المستقل أشلاءً في العواصم، والذي ما زال يبحثُ منذُ ثلاثِ سنواتٍ عن أسباب انفجار المرفأ، وعن ممول لتمويل صوامع القمح، لبنان الذي يتلقى تهديدات الاحتلال بإعادته إلى العصر الحجري؛ كمحاولة للهروب من تأزّمه الداخليّ إلى صدر اللّبنانيين، لبنان الذي بلا كهرباء، وبهتافات محزنة وساخرة بالشّوارع بُحَّت بلا فائدة، والذي يقف على مسافة صفريّة.. من حربٍ محتملة، ستسمى حربًا أهليّة ربّما.. ولكنّها في الحقيقة صراع دول كبرى على هذه البقعة الجغرافيّة المنكوبة بسياسييها وأحزابها، مثلنا تمامًا. جدة تميم، إم عطا، سبقت جريدة النّهار بنحو ربع قرن، 'لسّا بنفاصل القناصل عليها.. مثل ما بتفاصلي مع الغَجَريّةِ'، أفكّر الآن بنزار عِندما قال: 'وجرائِد تخلع أثوابها الداخليّة'، وبصديقي الثمانينيّ الذي كان يحدّثني عن أيام الانتداب البريطانيّ، كلّما زارني، والذي كان يؤكّدُ لي أنّنا كفلسطينيين لم نخرُجْ بعدُ من عُنُقِ الزّجاجة، أو من أسفل ظهرها، بأفضل تعبير، وأنّنا ما زلنا ندخل خمّ (دجاج الحُسيني)، وندفن رؤوسنا في الرّمل، والرّملُ وَهْم. قالَ هذا منذُ سنوات، قبلَ لقاءات المصالحة والفصائل، وقبل إقالة المحافظين، وحديث تغييرات الحكومة، ومزاداتها، وقبل أن يعتزل الشّعب، (اعتزالَ كافِرٍ) أخبار السّياسة والسّياسيين، ويستقرَّ في (وادٍ آخَر) غير ذي زرعٍ أيضًا. 'اللّيخة' هذه، والخميس الذي يُشبه الأحد.. عدا أنّ ربَّ الحربِ لا يرتاح فيه، وأنا الذي 'لستُ وحدي، ولا جريدة معي'، ولا أعاني من أيّ صداع، ولا أفهم في السّياسة، ولا في الأحزاب الإسلاميّة، ولا في الشاويرما، ولا في جلسات المصالحة، ولا في الشّأن الداخليّ اللبنانيّ، ولا في الصّحافة، وهذه الــ (سمك.. لبن.. تمرهندي).. لا أقصدُ فيها شيئًا، أو أحدًا، وأنا لستُ (أحمد سَبانخ).
اشتهر محمّد عبده بلعنه المَشهور للسّياسة، رغم أنّ اللّعن صفة سيئة، فهي وبحسب ما قال لي جاري الطّفيلي مرّةً: 'بِتْلِفْ بِتْلِفْ وبترجَع لصاحِبها'، ولا أعلم لماذا نحمِل كلّ هذا السّخط على الكَلمة، رغم أنّنا لا نمارسها، إنّنا نصدّر عواطفنا كآراء سياسيّة، ونصنعُ من الكلمة قالبًا، كقالب الحلوى (cake)، ونسكب داخِله الدين، والمصلحة، واسم العائِلة، والطّبخة المفضّلة، والموقف الشّخصيّ، ونخرج برأي سياسي (مُحمَّر). و(على سيرة) قالب الكيك فإنّني أستذكر الضّفة الغربيّة التي تستمرّ إسرائيل بابتلاعها، بينما تلبس أمام العالم وجهًا يشبه وجه النّباتيين، إسرائيل نباتيّة ولا تأكل أرض (جسَد) الفلسطينيين، وهم الذينَ لا يريدون التّفاوض معها حول القطعة المتبقية من القالب؛ لهذا فإنّ عاموس يادلين رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ في دولة الاحتلال، رئيس استخباراتها السّابق، رأى أنّ الحلّ الوحيد هو ابتلاع ربع القطعة المتبقي، وإعلان الحدود من طَرف واحد، وهكذا تكون الشّوكة في ملعب أو حلق الفلسطينيين، يوصف هذا بالإحسان (أن تعامل الفلسطينيّ كأنّك تراه، وأن تحبّ له 13% مما تحبّ لنفسك). صَحيفة النّهار اللّبنانيّة، وفي عددها رقم (26680)، الصادر بتاريخ 11 أكتوبر (تشرين أوّل) من العام 2018، ملأت صفحاتها بالأبيض. وعلى الصّحف العربيّة اليوم، واللّبنانيّة تحديدًا، أن تحذو حذوها؛ كأنّ النّهار تقول: لا شيء، الأخبار هُنا منتهية الصلاحيّة، الشّوكة متعفّنة، السياسيون 'يطبخون على نار جهنّم'، الأخبار مكرّرة كالدّم في شوارع بيروت، محرر الجريدة لا يغيّر ملابسه الداخليّة خوفًا من تغيُّر الأخبار، موزّع الصّحيفة رجل آلي، والذي يكتب الأبراج رجل مختل عقليًا، والأيام تكرّر بعضها. تكرّر بعضها. تكرّر بعضها (...). صحيفة النّهار، كانت تقصدُ تلك الفترة أنّ الورقيَّ تراجَع. ولم تعرف أنّ لبنان سيصل مرحلة تراجُع أكبر وأكثر قسوة. أتذكر ما قامت به صحيفة النّهار اليوم في ظلِّ بوادر انفجار (الاحتقانات) التي يقفُ على أعتابها لبنان. لبنان الذي بلا رئيسٍ منذُ أشهر، والذي يَقْتَتِلُ فيه الفلسطينيونَ في مؤقّتهم المستمرِّ: (مخيّم عين الحلوة)، والذي (تنحرفُ) فيه شاحنة سلاحٍ (منحرفة أصلًا) عن مسارها، فتصبح الصّورة أوضح في أعين اللبنانيين عن المستقبل ومصير البلاد، والذي ينجو فيه وزير، اليوم، من محاولة اغتيال، والذي توجّه فيه، اليوم، لحاكم مصرفه السّابق، عقوباتٌ بالجملة وتهم فساد، والذي (انخسفت) عملته، وتقطّع قراره السّياسيّ المستقل أشلاءً في العواصم، والذي ما زال يبحثُ منذُ ثلاثِ سنواتٍ عن أسباب انفجار المرفأ، وعن ممول لتمويل صوامع القمح، لبنان الذي يتلقى تهديدات الاحتلال بإعادته إلى العصر الحجري؛ كمحاولة للهروب من تأزّمه الداخليّ إلى صدر اللّبنانيين، لبنان الذي بلا كهرباء، وبهتافات محزنة وساخرة بالشّوارع بُحَّت بلا فائدة، والذي يقف على مسافة صفريّة.. من حربٍ محتملة، ستسمى حربًا أهليّة ربّما.. ولكنّها في الحقيقة صراع دول كبرى على هذه البقعة الجغرافيّة المنكوبة بسياسييها وأحزابها، مثلنا تمامًا. جدة تميم، إم عطا، سبقت جريدة النّهار بنحو ربع قرن، 'لسّا بنفاصل القناصل عليها.. مثل ما بتفاصلي مع الغَجَريّةِ'، أفكّر الآن بنزار عِندما قال: 'وجرائِد تخلع أثوابها الداخليّة'، وبصديقي الثمانينيّ الذي كان يحدّثني عن أيام الانتداب البريطانيّ، كلّما زارني، والذي كان يؤكّدُ لي أنّنا كفلسطينيين لم نخرُجْ بعدُ من عُنُقِ الزّجاجة، أو من أسفل ظهرها، بأفضل تعبير، وأنّنا ما زلنا ندخل خمّ (دجاج الحُسيني)، وندفن رؤوسنا في الرّمل، والرّملُ وَهْم. قالَ هذا منذُ سنوات، قبلَ لقاءات المصالحة والفصائل، وقبل إقالة المحافظين، وحديث تغييرات الحكومة، ومزاداتها، وقبل أن يعتزل الشّعب، (اعتزالَ كافِرٍ) أخبار السّياسة والسّياسيين، ويستقرَّ في (وادٍ آخَر) غير ذي زرعٍ أيضًا. 'اللّيخة' هذه، والخميس الذي يُشبه الأحد.. عدا أنّ ربَّ الحربِ لا يرتاح فيه، وأنا الذي 'لستُ وحدي، ولا جريدة معي'، ولا أعاني من أيّ صداع، ولا أفهم في السّياسة، ولا في الأحزاب الإسلاميّة، ولا في الشاويرما، ولا في جلسات المصالحة، ولا في الشّأن الداخليّ اللبنانيّ، ولا في الصّحافة، وهذه الــ (سمك.. لبن.. تمرهندي).. لا أقصدُ فيها شيئًا، أو أحدًا، وأنا لستُ (أحمد سَبانخ).
اشتهر محمّد عبده بلعنه المَشهور للسّياسة، رغم أنّ اللّعن صفة سيئة، فهي وبحسب ما قال لي جاري الطّفيلي مرّةً: 'بِتْلِفْ بِتْلِفْ وبترجَع لصاحِبها'، ولا أعلم لماذا نحمِل كلّ هذا السّخط على الكَلمة، رغم أنّنا لا نمارسها، إنّنا نصدّر عواطفنا كآراء سياسيّة، ونصنعُ من الكلمة قالبًا، كقالب الحلوى (cake)، ونسكب داخِله الدين، والمصلحة، واسم العائِلة، والطّبخة المفضّلة، والموقف الشّخصيّ، ونخرج برأي سياسي (مُحمَّر). و(على سيرة) قالب الكيك فإنّني أستذكر الضّفة الغربيّة التي تستمرّ إسرائيل بابتلاعها، بينما تلبس أمام العالم وجهًا يشبه وجه النّباتيين، إسرائيل نباتيّة ولا تأكل أرض (جسَد) الفلسطينيين، وهم الذينَ لا يريدون التّفاوض معها حول القطعة المتبقية من القالب؛ لهذا فإنّ عاموس يادلين رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ في دولة الاحتلال، رئيس استخباراتها السّابق، رأى أنّ الحلّ الوحيد هو ابتلاع ربع القطعة المتبقي، وإعلان الحدود من طَرف واحد، وهكذا تكون الشّوكة في ملعب أو حلق الفلسطينيين، يوصف هذا بالإحسان (أن تعامل الفلسطينيّ كأنّك تراه، وأن تحبّ له 13% مما تحبّ لنفسك). صَحيفة النّهار اللّبنانيّة، وفي عددها رقم (26680)، الصادر بتاريخ 11 أكتوبر (تشرين أوّل) من العام 2018، ملأت صفحاتها بالأبيض. وعلى الصّحف العربيّة اليوم، واللّبنانيّة تحديدًا، أن تحذو حذوها؛ كأنّ النّهار تقول: لا شيء، الأخبار هُنا منتهية الصلاحيّة، الشّوكة متعفّنة، السياسيون 'يطبخون على نار جهنّم'، الأخبار مكرّرة كالدّم في شوارع بيروت، محرر الجريدة لا يغيّر ملابسه الداخليّة خوفًا من تغيُّر الأخبار، موزّع الصّحيفة رجل آلي، والذي يكتب الأبراج رجل مختل عقليًا، والأيام تكرّر بعضها. تكرّر بعضها. تكرّر بعضها (...). صحيفة النّهار، كانت تقصدُ تلك الفترة أنّ الورقيَّ تراجَع. ولم تعرف أنّ لبنان سيصل مرحلة تراجُع أكبر وأكثر قسوة. أتذكر ما قامت به صحيفة النّهار اليوم في ظلِّ بوادر انفجار (الاحتقانات) التي يقفُ على أعتابها لبنان. لبنان الذي بلا رئيسٍ منذُ أشهر، والذي يَقْتَتِلُ فيه الفلسطينيونَ في مؤقّتهم المستمرِّ: (مخيّم عين الحلوة)، والذي (تنحرفُ) فيه شاحنة سلاحٍ (منحرفة أصلًا) عن مسارها، فتصبح الصّورة أوضح في أعين اللبنانيين عن المستقبل ومصير البلاد، والذي ينجو فيه وزير، اليوم، من محاولة اغتيال، والذي توجّه فيه، اليوم، لحاكم مصرفه السّابق، عقوباتٌ بالجملة وتهم فساد، والذي (انخسفت) عملته، وتقطّع قراره السّياسيّ المستقل أشلاءً في العواصم، والذي ما زال يبحثُ منذُ ثلاثِ سنواتٍ عن أسباب انفجار المرفأ، وعن ممول لتمويل صوامع القمح، لبنان الذي يتلقى تهديدات الاحتلال بإعادته إلى العصر الحجري؛ كمحاولة للهروب من تأزّمه الداخليّ إلى صدر اللّبنانيين، لبنان الذي بلا كهرباء، وبهتافات محزنة وساخرة بالشّوارع بُحَّت بلا فائدة، والذي يقف على مسافة صفريّة.. من حربٍ محتملة، ستسمى حربًا أهليّة ربّما.. ولكنّها في الحقيقة صراع دول كبرى على هذه البقعة الجغرافيّة المنكوبة بسياسييها وأحزابها، مثلنا تمامًا. جدة تميم، إم عطا، سبقت جريدة النّهار بنحو ربع قرن، 'لسّا بنفاصل القناصل عليها.. مثل ما بتفاصلي مع الغَجَريّةِ'، أفكّر الآن بنزار عِندما قال: 'وجرائِد تخلع أثوابها الداخليّة'، وبصديقي الثمانينيّ الذي كان يحدّثني عن أيام الانتداب البريطانيّ، كلّما زارني، والذي كان يؤكّدُ لي أنّنا كفلسطينيين لم نخرُجْ بعدُ من عُنُقِ الزّجاجة، أو من أسفل ظهرها، بأفضل تعبير، وأنّنا ما زلنا ندخل خمّ (دجاج الحُسيني)، وندفن رؤوسنا في الرّمل، والرّملُ وَهْم. قالَ هذا منذُ سنوات، قبلَ لقاءات المصالحة والفصائل، وقبل إقالة المحافظين، وحديث تغييرات الحكومة، ومزاداتها، وقبل أن يعتزل الشّعب، (اعتزالَ كافِرٍ) أخبار السّياسة والسّياسيين، ويستقرَّ في (وادٍ آخَر) غير ذي زرعٍ أيضًا. 'اللّيخة' هذه، والخميس الذي يُشبه الأحد.. عدا أنّ ربَّ الحربِ لا يرتاح فيه، وأنا الذي 'لستُ وحدي، ولا جريدة معي'، ولا أعاني من أيّ صداع، ولا أفهم في السّياسة، ولا في الأحزاب الإسلاميّة، ولا في الشاويرما، ولا في جلسات المصالحة، ولا في الشّأن الداخليّ اللبنانيّ، ولا في الصّحافة، وهذه الــ (سمك.. لبن.. تمرهندي).. لا أقصدُ فيها شيئًا، أو أحدًا، وأنا لستُ (أحمد سَبانخ).
التعليقات
أنا لستُ "أحمد سبانخ"
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
أنا لستُ "أحمد سبانخ"
اشتهر محمّد عبده بلعنه المَشهور للسّياسة، رغم أنّ اللّعن صفة سيئة، فهي وبحسب ما قال لي جاري الطّفيلي مرّةً: 'بِتْلِفْ بِتْلِفْ وبترجَع لصاحِبها'، ولا أعلم لماذا نحمِل كلّ هذا السّخط على الكَلمة، رغم أنّنا لا نمارسها، إنّنا نصدّر عواطفنا كآراء سياسيّة، ونصنعُ من الكلمة قالبًا، كقالب الحلوى (cake)، ونسكب داخِله الدين، والمصلحة، واسم العائِلة، والطّبخة المفضّلة، والموقف الشّخصيّ، ونخرج برأي سياسي (مُحمَّر). و(على سيرة) قالب الكيك فإنّني أستذكر الضّفة الغربيّة التي تستمرّ إسرائيل بابتلاعها، بينما تلبس أمام العالم وجهًا يشبه وجه النّباتيين، إسرائيل نباتيّة ولا تأكل أرض (جسَد) الفلسطينيين، وهم الذينَ لا يريدون التّفاوض معها حول القطعة المتبقية من القالب؛ لهذا فإنّ عاموس يادلين رئيس معهد أبحاث الأمن القوميّ في دولة الاحتلال، رئيس استخباراتها السّابق، رأى أنّ الحلّ الوحيد هو ابتلاع ربع القطعة المتبقي، وإعلان الحدود من طَرف واحد، وهكذا تكون الشّوكة في ملعب أو حلق الفلسطينيين، يوصف هذا بالإحسان (أن تعامل الفلسطينيّ كأنّك تراه، وأن تحبّ له 13% مما تحبّ لنفسك). صَحيفة النّهار اللّبنانيّة، وفي عددها رقم (26680)، الصادر بتاريخ 11 أكتوبر (تشرين أوّل) من العام 2018، ملأت صفحاتها بالأبيض. وعلى الصّحف العربيّة اليوم، واللّبنانيّة تحديدًا، أن تحذو حذوها؛ كأنّ النّهار تقول: لا شيء، الأخبار هُنا منتهية الصلاحيّة، الشّوكة متعفّنة، السياسيون 'يطبخون على نار جهنّم'، الأخبار مكرّرة كالدّم في شوارع بيروت، محرر الجريدة لا يغيّر ملابسه الداخليّة خوفًا من تغيُّر الأخبار، موزّع الصّحيفة رجل آلي، والذي يكتب الأبراج رجل مختل عقليًا، والأيام تكرّر بعضها. تكرّر بعضها. تكرّر بعضها (...). صحيفة النّهار، كانت تقصدُ تلك الفترة أنّ الورقيَّ تراجَع. ولم تعرف أنّ لبنان سيصل مرحلة تراجُع أكبر وأكثر قسوة. أتذكر ما قامت به صحيفة النّهار اليوم في ظلِّ بوادر انفجار (الاحتقانات) التي يقفُ على أعتابها لبنان. لبنان الذي بلا رئيسٍ منذُ أشهر، والذي يَقْتَتِلُ فيه الفلسطينيونَ في مؤقّتهم المستمرِّ: (مخيّم عين الحلوة)، والذي (تنحرفُ) فيه شاحنة سلاحٍ (منحرفة أصلًا) عن مسارها، فتصبح الصّورة أوضح في أعين اللبنانيين عن المستقبل ومصير البلاد، والذي ينجو فيه وزير، اليوم، من محاولة اغتيال، والذي توجّه فيه، اليوم، لحاكم مصرفه السّابق، عقوباتٌ بالجملة وتهم فساد، والذي (انخسفت) عملته، وتقطّع قراره السّياسيّ المستقل أشلاءً في العواصم، والذي ما زال يبحثُ منذُ ثلاثِ سنواتٍ عن أسباب انفجار المرفأ، وعن ممول لتمويل صوامع القمح، لبنان الذي يتلقى تهديدات الاحتلال بإعادته إلى العصر الحجري؛ كمحاولة للهروب من تأزّمه الداخليّ إلى صدر اللّبنانيين، لبنان الذي بلا كهرباء، وبهتافات محزنة وساخرة بالشّوارع بُحَّت بلا فائدة، والذي يقف على مسافة صفريّة.. من حربٍ محتملة، ستسمى حربًا أهليّة ربّما.. ولكنّها في الحقيقة صراع دول كبرى على هذه البقعة الجغرافيّة المنكوبة بسياسييها وأحزابها، مثلنا تمامًا. جدة تميم، إم عطا، سبقت جريدة النّهار بنحو ربع قرن، 'لسّا بنفاصل القناصل عليها.. مثل ما بتفاصلي مع الغَجَريّةِ'، أفكّر الآن بنزار عِندما قال: 'وجرائِد تخلع أثوابها الداخليّة'، وبصديقي الثمانينيّ الذي كان يحدّثني عن أيام الانتداب البريطانيّ، كلّما زارني، والذي كان يؤكّدُ لي أنّنا كفلسطينيين لم نخرُجْ بعدُ من عُنُقِ الزّجاجة، أو من أسفل ظهرها، بأفضل تعبير، وأنّنا ما زلنا ندخل خمّ (دجاج الحُسيني)، وندفن رؤوسنا في الرّمل، والرّملُ وَهْم. قالَ هذا منذُ سنوات، قبلَ لقاءات المصالحة والفصائل، وقبل إقالة المحافظين، وحديث تغييرات الحكومة، ومزاداتها، وقبل أن يعتزل الشّعب، (اعتزالَ كافِرٍ) أخبار السّياسة والسّياسيين، ويستقرَّ في (وادٍ آخَر) غير ذي زرعٍ أيضًا. 'اللّيخة' هذه، والخميس الذي يُشبه الأحد.. عدا أنّ ربَّ الحربِ لا يرتاح فيه، وأنا الذي 'لستُ وحدي، ولا جريدة معي'، ولا أعاني من أيّ صداع، ولا أفهم في السّياسة، ولا في الأحزاب الإسلاميّة، ولا في الشاويرما، ولا في جلسات المصالحة، ولا في الشّأن الداخليّ اللبنانيّ، ولا في الصّحافة، وهذه الــ (سمك.. لبن.. تمرهندي).. لا أقصدُ فيها شيئًا، أو أحدًا، وأنا لستُ (أحمد سَبانخ).
التعليقات