السوسنة - عندما شارفت جماعة الحوثي على السيطرة على محافظة مأرب، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا شمال اليمن، تسلل اليأس إلى الأوساط اليمنية نتيجة عجز القوات الحكومية عن صد الاجتياح الواسع للحوثيين، والذي كاد يقضي على آمال الخلاص من مشروع إيران في اليمن، وبتدخلٍ مفاجئٍ ومُنظم تمكنت وحدات عسكرية معروفة بـ"ألوية العمالقة" من قلب المعادلة وإحباط مخطط الحوثيين بالسيطرة على مأرب.
تشكلت ألوية العمالقة رسميا بداية 2017م، مع بدء التحالف الذي تقوده السعودية عملية عسكرية باتجاه مضيق باب المندب والساحل الغربي لليمن عُرفت بعملية "السهم الذهبي"، وكانت هذه القوات حينها تتشكل من 4 ألوية عسكرية جميع مقاتليها على الأرجح من محافظات جنوب اليمن، وقد أظهرت حينها أداء فاعل في مواجهة الحوثيين وطردهم من كل مشارف مضيق باب المندب وصولا إلى مدينة المخا على الشريط الساحلي.
وتوسعت نواة ألوية العمالقة على مدى السنوات الماضية حتى أصبح قوام القوة يراوح 17 تتألف من زهاء 50 الف مقاتل، وتنتشر في مسرح عملياتها الرسمي في الساحل الغربي لليمن، ومؤخرا أرسلت قوات احتياطية إلى محافظة شبوة (على الساحل الشرقي لليمن) تماشيا مع الإصلاحات السياسية والترتيبات العسكرية التي أشرف عليها التحالف في تلك المحافظة.
وقال مصدرٌ عسكري، إن التحالف اعتمد على ألوية العمالقة في هذه المهمة بناء على التفاهمات التي حدثت مع إزاحة القيادي التابع لحزب الإصلاح -ذراع الإخوان المسلمين في اليمن- محمد صالح بن عديو من منصب محافظ شبوة، وتعيين الشيخ القبلي عوض العولقي بدلًا عنه. أضاف: "لقوات العمالقة رصيد حافل بالانتصارات ويمكن الركون عليها في أي مهمة".
أفاد خبير عسكري أن "القوة الوحيدة التي حافظت على رصيد انتصاراتها وبحالة صِفر هزيمة أمام الحوثيين هي ألوية العمالقة، والأخيرة أثبتت جدارتها على مستوى الخطط العسكرية التكتيكية والإستراتيجية، وعملت على مدى السنوات الماضية على تعظيم مكاسبها، وكان اتفاق ستوكهولم الموقع بين الحكومة والحوثيين والمؤامرات الإخوانية أهم العراقيل التي وقفت في طريق هذه القوات أثناء ما كانت على بعد بضع كيلو مترات من السيطرة على ميناء الحديدة الحيوي".
وكان استدعاء التحالف لألوية العمالقة إلى شبوة لتوليتها قيادة المعركة لطرد الحوثيين من مديريات "بيحان-عسيلان-عين" غرب شبوة، بعد أن سيطر عليها الحوثيون أواخر سبتمبر الماضي عندما كانت هذه المديريات في نطاق سيطرة القوات الحكومية التي يتحكم بها حزب الإصلاح، واستطاعت العمالقة استعادة المديريات الثلاث في غضون 10 أيام ثم شرعت في هجوم جديد ضد الحوثيين جنوب مأرب.
وعن المصدر، فإن الحرج الذي سببته العمالقة للقوات الحكومية التي فشلت في مواجهة الحوثيين وبدت في معاركها كأنها على اتفاق مع الجماعة الحوثية، دفع حزب الإصلاح -صاحب القرار في أمر وتوجيه القوات الحكومية- إلى شن حملات إعلامية ودعائية منظمة وصلت إلى مستوى تصدير مفاهيم متطرفة لوسم قوات العمالقة لدى الهيئات والمنظمات الخارجية، وذلك عبر النفوذ الدبلوماسى لحزب الإصلاح وتمويله منظمات تعمل من الخارج لرسم صور مشوهة عن القوى التي يعدها خصيمة له.
وتلقت ألوية العمالقة تدريبات مكثفة من القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، ومنحها دورها المشهود في المعارك ثقة التحالف، سيما وأن القوات الحكومية تركت أثرًا بالغًا على أهداف التحالف ومعركته في اليمن بعد أن سلّمت محافظات بكاملها لجماعة الحوثي كما حدث مع محافظتي الجوف والبيضاء، شرق ووسط اليمن.
وأفاد مصدر سياسي واسع الإطلاع، أن التحالف العربي سيجد أنه من الضروري إعادة تقييم الوضع على الأرض وإزاحة الأطراف التي تسببت بحدوث انتكاسات كبيرة على مدى 7 أعوام منذ تدخله في اليمن؛ مُشددًا على "أهمية أن ينظر التحالف من جديد وبمستوى من اليقظة والحذر لعلاقاته مع حزب الإصلاح، كون الأخير مرتبط بشكل واضح مع جماعة الحوثي وتتقاطع مصالحه مع الجماعة بما يهدد أمن المنطقة والإقليم".