مجموعات النّور في الأردن .. هل لهم حقوق وعليهم واجبات؟ - د. رحيل غرايبة

mainThumb

20-08-2010 11:27 PM

مجموعات (النّور) الموجودون على الأرض الأردنية هم أردنيون شئنا أم أبينا، ولهم حقوق وعليهم واجبات مثلهم كمثل بقية الاردنيين، وكان التعامل معهم منذ قيام الأردن الحديث يقوم على هذا المعنى من الاعتراف بوجودهم ، وما اعرفه أن الملك عبد الله الأول وضع لهم باشا، كما فعل لكل العشائر الأردنية، وربما يكون مصطفى وهبي التل (عرار) الزعيم الوطني الأردني الذي سجل موقفا وطنيا رائعا من خلال اشتقاق فلسفة حياتهم المسطرة في دواوين شعره المنشورة وغير المنشورة .




هناك شرائح من (النّور) استطاعت الانفكاك من ارث العادات و التقاليد، و تكيفت مع الأوضاع المعاصرة، و أصبحوا يمارسون أدوارهم المعيشية كاملة منخرطين في المجتمع تماما، وجزء منهم انتقل نحو حياة جديدة بالكامل، و بعضهم انخرط في الصحوة الإسلامية فمنهم الملتزم بدينه و خلقه على صعيد الشباب والفتيات، مع وجود بعض المعاناة في التفرقة في التعامل الاجتماعي، خاصة في مجال الزواج و النظرة الطبقية التقليدية المشوبة بالازدراء للأسف الشديد .




جوهر الموضوع أنّ بعض هذه المجموعات التي نراها تعيش حياة بائسة في بيوت من الخيش الرديء، على حواف المدن وعلى جنبات الطرق بلا ماء ولا كهرباء و لا مرافق صحية ولا مدارس ولا تأمين صحي ولا ضمان اجتماعي، و يمارسون مهنة التسول على البيوت، وإشارات المرور. ينبغي أن ينظر إلى هذه الظاهرة نظرة عناية (رعاية فائقة) فليس من المعقول أن يمر على بناء الأردن ما يقارب التسعين عاماً، ونحن نرى هذه الشريحة تعيش هذا اللون من الحياة البائسة، و كأنها شيءٌ عاديٌ لا يعنينا، بل الأدهى من ذلك أنّ ضمائرنا تكيفت مع هذه الظاهرة، لا تحرك فينا أدنى مشاعر الإنسانية، ولا المسؤولية من أصحاب القرار عبر كل الحكومات المتعاقبة التي لم تقدم شيئاُ نحوها، بل إنها لم تحظ حتى هذه اللحظة ببرهة من التفكير أو الاهتمام بحده الأدنى المقبول .



المطلوب أولاً وضع خطة زمنية مرحلية لتأهيل هذه التجمعات البشرية عبر مدن سكنية مستقرة، وان تنشأ لهم هيئة حكومية مستقلة، تعنى بإعداد الدراسات الوافية حول أعدادهم، ووجودهم، وأماكنهم، و مهنهم، ودراسات أخرى حول عاداتهم و تقاليدهم و عشائرهم و زعمائهم . ومن ثم لابد من إعداد الدراسات لوضع أحسن السبل لاستيعابهم و تحضيرهم و توظيفهم، ومن ثم إمكانية انخراط أبنائهم و بناتهم في مدراس تربوية و مهنية، و لذلك يمكن أن يصبحوا في المستقبل مجتمعات مهنية مفيدة، تقدم لمجتمعها فنونا من الأعمال اليدوية و الحرفية، فهم مشهورون بأعمال الحدادة و الصياغة و تصليح الخردوات، وانجاز التحف وغير ذلك كثير.



بالإضافة إلى جانب آخر من المسؤولية الملقى على عاتق القوى السياسية والوطنية والدينية بان تمارس دورها وتتحمل مسؤوليتها إلى جانب الجهات الرسمية في التوعية والتثقيف في مختلف الجوانب العرضية والسلوكية، وان تبذل جهدها من اجل الارتقاء بسوية هذه المجتمعات نحو الاستقرار والتحضر وإيجاد نمط جديد من الحياة الحرة الكريمة.



إن هذه المجموعات التي أصبحت تشكل شعبا منغلقا، مبتورا عن المجتمع المحيط ، إلا من حالات التسول، والتعامل الفوقي من الجهة المقابلة، لا يمكن أن يؤدي إلى مستقبل صالح لهم و للمجتمعات من حولهم .



إنّ كثيراً من مجتمعات الغجر في دول أوروبا وخاصة الشرقية منها استطاعوا أن يتكيفوا مع مجتمعاتهم، وان ينخرطوا فيها تماما، حيث أصبحوا شرائح سكانية معتبرة، لا تفرق بينهم وبين غيرهم، وإن كان بعضهم ما يزال يعاني من التفرقة والتمييز في بعض الدول الأوروبية المتحضرة مثل فرنسا على سبيل المثال.



وفي المحصلة إنّ قضية مجتمعات النّور ينبغي أن تجد الاهتمام من قبل المنظمات الإنسانية وهيئة الأمم المتحدة و لجانها المتخصصة، ومن مؤسسات المجتمع المدني لرفع سويتهم والارتقاء بحياتهم نحو الحدود الدنيا من الحياة الإنسانية الكريمة.

rohileghrb@yahoo.com

الراي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد