السوسنة - شروق الكلباني - في ساعات الصباح الأولى يعمل الجميع بهمة ونشاط وحيوية أكثر من أي وقت آخر خلال اليوم، لكن ما أن تحين ساعات الظهيرة حتى يبدأ الجسم بالتعب والهزل ويفقد قدرته على الاستمرار وخصوصا بعد وجبة الغداء، وعندها حتماً سيرغب في الراحة والنوم، هذه المشكلة التي لم يكن يعاني منها أجدادنا بسبب ظروف حياتهم العملية التي كانت تتيح لهم أخذ قسط من الراحة في وقت الظهيرة وهي ما تسمى "بالقيلولة".
أصبحت القيلولة الان حلم يريده الكثيرون ويتقنه القليلون، وذلك لأن هناك من لا يستطيع النوم في هذا الوقت ولو لبضع دقائق حتى وإن رغب في ذلك، و بالرغم من تعبه الشديد وإرهاقه.
فيما نصح خبراء في الطب السريري في جامعة كاليفورنيا الناس بالنوم من ٢٠_٣٠ دقيقة فقط لأن استمرار النوم في هذا الوقت يغير من نفسية الإنسان إلى الأسوأ ويزيد من خمول الجسم بالإضافة إلى أنها قد تصعب نومه ليلاً وتعرضه للسهر الطويل الذي يرهق جسم الإنسان ويصيبه بالإجهاد والاكتئاب، وبذلك يصبح المرء في حالة تهور لنحو ساعة بعد الاستيقاظ تعرف بحالة "جمود النوم".
أكد أطباء أن الرجوع الى القيلولة مهم جداً على الإنسان وصحته وذلك لأنها تجدد طاقته الذهنية والنفسية والانتاجية في وقت واحد، بالإضافة الى انها السبب الرئيسي في علاج الام العضلات و الفقرات القطنية وضغط الدم المرتفع، وأن أنسب وقت لذلك هو وقت الظهيرة أو ما بعدها بقليل وتحديداً الساعة الثالثة، وأعزوا السبب في ذلك؛ تباطؤ الساعة البيولوجية في هذه الفترة، كما أفاد الكثيرون ممن اعتادوا على القيلولة بعد الغداء.
و قال أطباء في مركز النوم والسهر في باريس أن القيلولة تقلل من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة ٣٠ ٪.
وأشار الخبراء الى أن القيلولة بجانب نوم ساعات كافية ليلاً يجعل الإنسان يشعر بنشاط عال؛ وبذلك حتما سيكون أكثر ابداعاً وأكثر قدرة على تأدية وظائفه العلمية والعملية وتجعله أكثر قدرة على الإنجاز وتقلل من وقوع المرء في الأخطاء والتعرض للحوادث.
وقام الباحثون بعمل دراسة حديثة جديدة لاختبار قدرة التحصيل العلمي لدى الافراد بعد حصولهم على القيلولة وعلى راسهم أستاذ جامعة سارلاند في ألمانيا المسؤول عن هذه الدراسة البروفيسور "أكسل ميكلينجر" بتقسيم الافراد الى مجموعتين ووضعهم تحت الاختبار.
المجموعة الاولى ويطلق عليها اسم (ويطلق عليها اسم "control group") وهي المجموعة التي لم يحصل أفرادها على نوم القيلولة خلال النهار أما المجموعة الثانية فهي المجموعة التي حصل أفرادها على فترة قصيرة من النوم خلال ساعات العمل.
بعد ذلك طلب الباحثون من افراد المجموعتين مشاهدة مجموعة فيديوهات أعدها الباحثون، ثم اختبروا مدى تذكر المجموعتين لمعلومات هذه الفيديوهات وتبين ان افراد المجموعة الاولى واجهوا صعوبات في تذكر تفاصيل هذه الفيديوهات على عكس المجموعة الثانية.
وكانت هذه الدراسة تركز على دور جزء في المخ يطلق عليه اسم "hippocampus" وهي منطقة في المخ وظيفتها تقوية الذاكرة واسترجاعها "consolidated" خلال اليوم قبل أ تنتقل لتحفظ في الذاكرة طويلة المدى وهي ما يعرف ب "into long-term memory"، وتبين أن القيلولة تساعد على تنشيط هذا الجزء من الماغ وبالتالي تنشيط الذاكرة والاسترجاع.
يقول الباحثون أن هذا الاختبار يبين أن التحصيل العلمي المكثف والذي يتبعه فترة قصيرة من النوم هي كل ما يحتاجه الانسان ليستطيع تذكر ما تعلمه سابقا بكامل التفاصيل وبسهولة أكبر.
ومن خلال التاريخ وصل لنا عن مجموعة من الشخصيات العالمية التاريخية محافظتها على القيلولة، ففي وقت الحرب كان نابليون وتشرشل يقومون بها حتى بأوج حروبهم وكانوا يرون انها تعود عليهم بالفائدة جسديا وفكريا وتزيد من نشاط عقولهم وكذلك مثل الفنان الموسيقي بتهوفن والرسام دافنشي والعلماء مثل آينشتاين، وغيرهم.
نصائح للحصول على قيلولة مفيدة
أولا: يجب النوم في وضع مريح جسديا كالاتكاء على شيء طري وناعم أو الاستلقاء.
ثانيا: خفض جميع مصادر الضوء لتنعم العيون بالراحة ولكي لا تمنع الجسم من إعادة ضبط الهرمونات.
ثالثا: الابتعاد عن الضجيج والضوضاء قدر المستطاع.
رابعا: تجنب الغوص في التفكير العميق والمحاولة في الاسترخاء والنوم دون تشويش ذهني.
خامسا: ضبط المنبه بعد ٢٠ او ٣٠ دقيقة للاستيقاظ.
سادسا: أخذ نفس عميق لمدة دقيقة بعد الاستيقاظ من النوم ثم إعادة الاضاءة لما كانت عليه سابقا.
وأخيرا هل قررت أن تنعم بقيلولة هذا اليوم؟!