سحر التسامح
في مثل هذا اليوم، لم يحدث شيء يستحق الذكر، سوى بعض المشكلات المعتادة التي تقع على مدار الساعة في كل البيوت، الصغيرة منها والكبيرة في هذا العالم. إذا أخطأ أحدهم في حق الآخر، يبقى السؤال: هل سيتمكن الشخص المظلوم من مسامحة المسيء على فعلته النكراء، أم إن الأمر سيتطور إلى طلب العدالة الإلهية، وتوكيل الرب بالانتقام السريع من مرتكب الفعل المشين، مصحوباً بالنذور والعويل الطويل الذي قد يمتد لسنوات طوال، لن ينتهي إلا بفقدان الظالم إحدى ذراعيه، أو إصابته بشلل رباعي يجعله يدرك أن إيذاء الناس ليس «لعبة»؟
وعندما أقول «الناس» هنا، فإنني أفعل ذلك بتواضع جمّ، إذ أعلم تمام العلم أنني لست كسائر الآخرين؛ فمَن تسوّل له نفسه إيذائي، سينال سوء العاقبة، وما هي إلا أيام معدودات حتى تعود «الكارما» أدراجها، عاجلًا لا آجلًا.
أكثر ما كان يشغلني في قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- عندما أمره الله بالتضحية بابنه المحبوب عوضًا عن ماعز، هو أنه استجاب للأمر دون شكوى أو تذمر، وكذا فعل ابنه. وفي اللحظة الأخيرة، فُكَّ الله عنهما هذا الابتلاء، فعادا إلى منزلهما بكل هدوء.
وما يثير دهشتي في هذه القصة كذلك لم يكن طاعة الأمر ولا توقيف التنفيذ فحسب، بل قدرتهما، الأب والابن معًا، على إعادة العلاقة بينهما إلى صفائها الأول، واستمرار الحب العميق بينهما.
ثمة شيء أعمق من فكرة الطاعة يتجلى لي في هذه الحكاية؛ إنه سحر التسامح.
إن المعجزة في هذه القصة ليست في الامتثال وحسب، بل في القدرة على نسيان ما حدث، وفي تحقيق هذا الصفاء الكامل، على شرط أنهم أنبياء وأصفياء اختارهم الله.
لقد كان وهم الفردانية أحد أبرز المفاهيم التي شغلت الإنسان الحديث عبر التاريخ. أنتجت السرديات الكبرى، والقصائد، والأغاني، والفلسفة، ما أحب أن أسميه «الإنسان الذري»، الذي لا يقوى على مقاومة الدوران الهستيري حول ذاته. كل ما يشغله هو الانغماس في أناه، والتفتيش عن مكامن قوته، حتى بات ينمو ويتغول على حساب الآخر، كمن يلتهم غيره ليعزز ذاته المتورمة.
وهكذا، لم يعد يقبل بأية هفوة في حقه، بل انهمك في قراءة كتب السطوة والتنمية البشرية التي تصطاد الانفعالات الشعورية للأنا العليا كما وصفها فرويد، وتغذيها بوهم الشخصية الأسطورية التي لا تُقهر ولا تُنال.
تطور الأمر، فراح الإنسان الحديث يؤسس قواعد لقراءة لغة الجسد، وتحليل الإيماءات، واصطياد لحظات السكون والهمهمة أثناء الحوارات، مما جعله يهرس كل (آخر) تحت أنياب وسواسه، بدعوى أن كل حركة تصدر عن الآخر إنما هي فعل قصدي للنيل منه.
هكذا صار الإنسان الحديث ذاتًا شكاكة، متوجسة، قابلة للتفتت والانهيار السريع، إذا لم تجد الترحيب الذي يتناسب مع حجم خيالها الجامح.
إنها سموم الخيلاء، أحد أخطر منتجات الفردانية المنتصرة دومًا.
وهذا ما سمح لتفشي التفكك الأسري على مختلف الصعد، وانهيار العلاقات الإنسانية التي استُثمرت فيها سنوات طويلة.
لم يعد التغني بالعزلة حكرًا على المبدعين الذين يحتاجون إلى مسافة للتأمل والجمال، بل صارت العزلة ضرورة دفاعية لحماية الذات الأسطورية، المشوشة، والمُدَوَّخة من فرط شعورها بالعبقرية.
إن المسامحة، بشكل عام، تحتاج أحيانًا إلى معجزة إلهية كي تتحقق؛ إذ ليس من الضروري أن يجبر الإنسان نفسه على المسامحة إن لم يكن قادرًا عليها بصدق.
فمصارعة الأشياء تخلق عنادها، ومقاومة الرغبة الطبيعية للإنسان تعملق الجراح المكبوتة، فتتغول وتغتذي عليه.
ولكن، يبقى السؤال:
مسامحة مَن؟
وعلى أي أخطاء؟
هل هي أخطاء جسيمة لا تُنسى؟
أم إنها هفوات بسيطة، كانت جداتنا تواجهها يوميًا، فتنسى مع غياب شمس الظهيرة، ثم تتعالى الضحكات مع طقوس تحضير الشاي وكعك المساء؟
صحيح أن فكرة التسامح تبدو كأنها هبة من طرف واحد، تسير في اتجاه واحد، لكن في جوهرها لا تعني فقدان الذاكرة تماماً؛ بل تعني نسيانًا مقصودًا، نعيد استحضاره بقرارٍ داخلي.
يقول توماس مان:
“يصبح التسامح جريمة عندما يُطبق على أولئك الذين يسخرون حياتهم لإلحاق الضرر بالآخرين. فغالبًا ما تقع الأسماك في مصائدها لأنها تنسى وظيفة الشبكة المنصوبة لها في الأعماق».
في نهر الحياة، يغير المتسامحون طريقهم ألف مرة، انتصارًا للنسيان على الذاكرة، انتصارًا للرمال على الحجارة، وللمحو على النقش.
لكن، يبدو أنهم غيّروا مسارهم مراتٍ عدة حتى تاهوا في صحراء الوجود، وبقي أولئك الذين لم يعرفوا معنى الهفوات الإنسانية، التي يمارسها الجميع مع الجميع.
بيان من حماس بشأن نفاد مخزونات الغذاء في غزة
جولة مشاورات سياسية رابعة بين الأردن والهند
الشباب النيابية تبحث مع الجامعات مشاركة الشباب بالتحديث السياسي
ارتفاع الإيرادات المحلية خلال الشهرين الأولين من العام
سوريا .. بعد مقتل 13 شخصاً توضيح بشأن تسجيل الإساءة للنبي ﷺ
السميرات يتابع سير العمل في مشروع البوابات الذكية بمطار الملكة علياء
لجنة المرأة في النواب تزور جمعيات خيرية في البادية الشمالية
غوتيريش:حل الدولتين يتلاشى إلى حد الاختفاء
العيسوي يلتقي وفدا شبابيا من مدينة السلط
الأمانة: تمديد مهلة خصم الـ50% على رسوم الأبنية والتنظيم
موعد تفويج الحجاج الأردنيين إلى مكة المكرّمة
موكب نتنياهو يتعرض لحادث سير في القدس .. صور
رئيس الوزراء: الأردن خط الدفاع الأول أمام محاولات تهويد القدس
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
مصادر حكومية: الأردن أكبر من الرد على بيانات فصائل فلسطينية
الأردن .. حالة الطقس من الخميس إلى الأحد
مسلسل تحت سابع أرض يتسبّب بإقالة 3 مسؤولين سوريين .. ما القصة
توضيح مهم بشأن تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
الليمون يسجل أعلى سعر بالسوق المركزي اليوم
رسائل احتيالية .. تحذير هام للأردنيين من أمانة عمان
الخط الحجازي الأردني يطلق أولى رحلاته السياحية إلى رحاب
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
مصدر أمني:ما يتم تداوله غير صحيح
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
أسعار غرام الذهب في الأردن الخميس