قوة الاقتصاد الأردني وسط العواصف الإقليمية

mainThumb

21-04-2025 12:46 PM

يواجه الأردن في السنوات الأخيرة تحديات اقتصادية متزايدة نتيجة التوترات الإقليمية، والتي أثّرت بشكل مباشر على مصادر دخله الرئيسية، فمنذ جائحة كورونا، تراجعت إيرادات السياحة بنسبة 76% في عام 2020 مقارنة بعام 2019، قبل أن تعاود الارتفاع تدريجياً لتصل إلى حوالي 5 مليار دينار أردني في عام 2024، لكنها لا تزال تواجه ضغوطاً نتيجة الحرب في غزة وإغلاق المعابر مع سوريا، كما تأثرت تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج، التي تمثل نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، بانخفاض مؤقت خلال الجائحة، ثم عادت للارتفاع بنسبة 1.5% عام 2023، وبنسبة 2.8% عام 2024 لتصل الى حوالي 2.3 مليار دينار أردني بحسب بيانات البنك المركزي.

إضافة إلى ذلك، يعاني الأردن من تداعيات العقوبات الغربية على سوريا، والتي أثّرت على حركة الترانزيت والتبادل التجاري، حيث انخفضت صادرات الأردن إلى سوريا بنسبة أكثر من 50% منذ 2011، كما أن التوتر العلاقات بين ايران والولايات المتحدة وانعكاسه على العراق، الشريك التجاري الأهم بعد السعودية، يهدد استقرار الصادرات الأردنية التي تبلغ نحو 800 مليون دينار سنوياً للعراق.

ومما زاد الضغط، فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية إضافية على المنتجات الأردنية، ما أثّر على الصادرات التي تُقدّر بنحو 2 مليار دينار سنوياً إلى السوق الأمريكية.

أمام هذا الواقع، لا بد من إعادة النظر في الهيكل الاقتصادي الأردني لضمان استدامته ومناعته أمام الصدمات، وأولى هذه الأمور، يتمثل بالعمل على تعزيز الإنتاج المحلي، لا سيما في قطاعات تمتلك ميزات نسبية مثل الزراعة (6% من الناتج المحلي)، والصناعات الدوائية (تشكل 8% من إجمالي الصادرات)، والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي نما بنسبة 5% عام 2023.

ثانياً، تنويع الشركاء التجاريين ضرورة، ففي عام 2022، كانت 40% من الصادرات الأردنية موجهة لدول مجلس التعاون الخليجي وأمريكا، مما يجعل التوجه نحو إفريقيا وآسيا، وتعظيم الاستفادة من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، خطوة استراتيجية لتقليل المخاطر.

ثالثاً، الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والتعليم المهني أمر حيوي، خاصة أن نسبة البطالة بين الشباب حوالي 18.2% في عام 2024 بحسب بيانات دائرة الاحصاءات العامة، لذلك التحول نحو اقتصاد المعرفة يمكن أن يوفر فرصاً بديلة ويقلل الاعتماد على السياحة والتحويلات.

رابعاً، مراجعة السياسات الضريبية أمر ضروري، حيث تُظهر تقارير البنك الدولي أن الأردن من بين الدول ذات العبء الضريبي المرتفع مقارنة بمستوى الدخل، ما يحدّ من جاذبية الاستثمار.

أخيراً، الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي هو نقطة قوة الأردن، حيث يُصنَّف ضمن أكثر الدول استقراراً في المنطقة، وهذا عنصر جذب مهم للمستثمرين.

إن الطريق نحو اقتصاد أردني قوي في ظل الأزمات يمرّ عبر تنويع مصادر الدخل، وتحفيز الابتكار، والانفتاح على أسواق جديدة، والعمل على استثمار الميزات التنافسية المتاحة بحكمة ومرونة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد