وقفة تأمّل وتدبّر في «ضربة الإخوان» للوطن

mainThumb

17-04-2025 10:40 AM

طوى الأردن، منذُ عهد جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه، صفحة أيّ سلاحٍ منظّم غير سلاح الدّولة، طواها للأبد، في وقتٍ يتابع فيه الأردنيون عبر الشاشات يومياً كيفَ تسعى الدولة في لبنان إلى «حصريّة السّلاح» في يدها، وكيفَ هذا السّلاح يتحوّل لمحرّض على اقتتالاتٍ قد تكون مدمّرة، ويكفي أن ننظر إلى السّودان حيثُ لا أحد يستطيع إحصاء عدد القتلى، أو إلى ليبيا وغيرهما.

التفكير في تأسيس أو محاولة تأسيس مجموعةٍ مسلّحة في الأردن، يعني أنّ ثمة أطرافاً خارجيّة، وقد تكونُ مدفوعةً إسرائيلياً، أو جرى توريطها إيرانياً مثلاً، تحاول زعزعة استقرار الأردن، الذي احتفظ باستقراره رغم ما يموجُ حوله من حروبٍ طاحنة، وإنّ هذه الزعزعة، لولا أنه جرى تدارُكها من الأجهزة الأمنية المختصّة، كانت ستشكّل ذريعةً للدولة التي لا تحتاج ذريعة، وهي إسرائيل، لتصعيد موقفها المعادي للأردن، وفي أكثر السيناريوهات حلكة.. علينا بالطّبع النظر إلى ما يفعله جيشها المحتل في دولتين مجاورتين، هما لبنان وسوريا.

أمّا ما بعدَ الثلاثاء، فله سيناريوهاته الكثيرة، التي ستمتدّ سياسياً ونيابياً وأمنياً حسب ما تقدّره الدّولة الأردنيّة، التي وحدها تمتلك المعلومات كافّة، ومن المهم في سياقٍ مثل هذا تجنّب الفِتَن، بغضّ النظر عن شكلها، والحفاظ على التماسك المجتمعيّ، والالتفاف خلف القيادة الهاشميّة، التي تدرك تماماً كيف تقود البلاد إلى برّ الأمان.

وعلينا أن نتذكر الانعكاسات الخطيرة لأيّ تنظيم مسلح على الدّولة، ومهما كانت العلاقة مبنيةً على التفاهم بين السلطة والتنظيم، إلّا أنّه يبقى مثل الذي يضع عقرباً داخل عباءته ولا يعرف متى يلدغه، والثابت أنّ اللدغ حاصل في نهاية المطاف، ولنا في أحداث «أيلول الأسود» عبرة لا تنسى، انتهت بالمحافظة على حصريّة وقدسيّة السّلاح للدولة.

والأخطر في هذا المخطّط الإجرامي الإرهابي، هذه المرة، أنه لم يأتِ من عصابة داعش الإرهابية مثلاً، ولا من تنظيم القاعدة وما شابهَهُما من تنظيمات متطرّفة، بل ولد من رحم جماعة «الإخوان المسلمين»، التي لطالما عملت تحت مظلّة القانون، وكانت ضابط إيقاع لكل صوت ضالٍ أو فكرة ظلامية تخرج من أفواه الصّغار طوال العقود الماضية، إلا أنّ ما جرى هذه المرة يستدعي التوقف والتمعّن والتدبّر، وإعادة الحسابات السياسية في الوطن.

تمرّ المنطقة اليوم بأخطر مراحلها، لما تشهده من حرب إبادة طاحنة في قطاع غزة، واعتداءات تدميرية في الضفة الغربية المحتلة، وتوسّع الاحتلال الاسرائيلي داخل العمق السوريّ، وما جرى من حرب اسرائيلية مدمرة على حزب الله في لبنان، كل ذلك ترك وسيترك تداعيات خطيرة على المنطقة لا نعرف عقباها، فكل يوم نسمع ونعيش أحداثاً جديدة لا تخلو من الألم والغضب، لأنّ المظلوم فيها عربيٌ شقيقٌ لنا.

في ظل هذه الأحداث الخطيرة، التي يتابعها الأردنيون بقلق وترقّب وحذر، يفكر هؤلاء بضرب أهداف أردنية بالصواريخ والمسيّرات، لنشر الفوضى وجرّ البلد إلى المستنقع الدمويّ، هذا الفكر أو التصرّف لا يمكن أن يكون فردياً، وعلى «الجماعة» أن تعترف أنّها اليوم ليست «جماعة الأمس»، إذ قد طغى عليها اللّون الأسود لا الأخضر المسالم، ما يوجب على الدولة الأردنية أن تعيد الحسابات الاستراتيجية، وتتخذ قرارات جريئة دون مهادنة أو مداهنة، فأمن الوطن لا يحتمل التباطؤ، وفي نهاية الأمر كلّنا تحت مظلة الدستور والقانون.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد