الوهم الأكبر
لو كان الوهم يُعَبّأ في قوارير لبيعها، حتما كنا سنقرأ على ملصقاتها عبارة: صنع في الولايات المتحدة الأمريكية. لم تُر دولة في العالم تخترع الشعارات الرنانة المعبرة عن أسمى القيم الإنسانية، وتكون في الوقت نفسه أول من يتنكر لها، أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، التي باعت الوهم لشعبها أولا قبل أن تبيعه لشعوب الأرض.
على سبيل المثال: شعار الحرية الذي أقامت له أمريكا تمثالا يعبر عن سؤدد هذه القيمة الإنسانية في الحياة الأمريكية ورعاية الأمريكيين للحريات في العالم، ليست سوى صنم من العجوة يأكله سادة البيت الأبيض، كلما جاعت إمبرياليتهم، فهم يتعاملون مع هذه القيمة بنسبية واضحة، سواء مع الشعب الأمريكي، أو الدول الأخرى، يذكرني ذلك بمشهد من أحد أفلام المخرج الشهير يوسف شاهين، الذي يحكي عن حلم الشباب في الهجرة إلى الجنة الأرضية المسماة (أمريكا)، تضمن هذا المشهد تجسيد تمثال الحرية وقد بدا وجهه كامرأة عاهرة تغمز بعينها وتطلق ضحكة ماجنة، في إشارة واضحة إلى وهم الحرية الذي التصق بهذه الدولة. باع سادة البيت الأبيض وهْم حرية التعبير عن الرأي لشعبهم، وأقنعوا الجماهير، بأن أصواتهم وآراءهم لها ثقلها بما يمكن من خلالها التأثير على السياسات الخارجية الأمريكية والضغط على صناع القرار.
لوهلة، استبشرنا بالاحتجاجات والاعتصامات القوية التي انطلقت في الجامعات الأمريكية، ثم انسابت إلى جامعات أوروبا، للضغط على صناع القرار لوقف حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على قطاع غزة.
الشعب الأمريكي على الرغم من أنه انفتح على الرواية الفلسطينية للحرب وظهرت له الخديعة التي قام بها إعلامه المُضلِّل، إلا أنه لم يخرج بعد من سيطرة وطغيان النزعة الاستهلاكية
وكانت معظم الآراء تتجه للقول إن هذا الضغط الجماهيري سوف يكون محطة فارقة في الحرب، وأن صناع القرار سوف يرضخون لهذا الضغط. وكم كنا مفرطين في التفاؤل ونحن نرى أن الشعب الأمريكي تحرر أخيرا من هيمنة الإعلام الأمريكي على العقول، وأنه صار منفتحا على الأحداث في غزة، بعيدا عن التزييف الإعلامي، وأن هذا كفيل بالضغط على الإدارة الأمريكية.. نعم كنا مفرطين في الوهم، فالإدارة الأمريكية أثبتت لنا بما لا يدع مجالا للشك، أن رعايتها ودعمها للكيان الصهيوني لا حدود له، ولا يتأثر بشيء، وأنها ماضية في طريق هذا الدعم مهما تكبدت من خسائر، ومهما خسرت من حلفاء، فهي إلى يومنا هذا تبارك سفك الدماء على أرض غزة، وتزود العدو بكل ما يلزمه لمزيد من الفتك والتدمير، وأنها طرف في الصراع، وليست وسيطا، طرف ينحاز بشكل فج للكيان الإسرائيلي. إنه الوهم ذاته الذي باعه سادة البيت الأبيض للشعب الأمريكي وصدقناه جميعا، عندما أقنعوه وأقنعونا بأن انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام كان انسحاب سلام، استجابة لضغط الجماهير الأمريكية. وانطلاقا من هذه الأكذوبة وهذا الوهم، حملت الذاكرة الشعبية الأمريكية عبارة «حرب فيتنام انتهت من الداخل»، أي أنها انتهت من الداخل الأمريكي عن طريق التظاهرات والاحتجاجات المناهضة للحرب.. لكن في حقيقة الأمر، انسحبت القوات الأمريكية بعد فشل أهدافها في فيتنام وخسارة خمسين ألف جندي على مدى سنوات، فلم تكن أكذوبة الاستجابة للضغط الجماهير، سوى غطاء لهذا الانسحاب الذي لجأت إليه الولايات المتحدة. لقد كان معظم المعارضين للحرب يؤيدون العمل العسكري، حتى الذين ساروا تحت راية السيناتور الأمريكي يوجين مكارثي، الذي قاد حملة مناهضة للحرب، كان عدد كبير جدا من ناخبيه يؤيدون العمل العسكري، وإنما كان اعتراضهم على سياسات وسلوكيات الإدارة الأمريكية في الحرب، فقد كانوا يخاطبون الرئيس بشعار «الفوز أو الخروج من فيتنام»، فكانت معارضة لم تتناول المبررات الأخلاقية، أو الاستراتيجية للحرب. ونظرا لأن حرب فيتنام كانت حلقة في الحرب الباردة بين الأمريكيين والسوفييت، فقد أيد معظم أعضاء مؤسسة الحرب الباردة الخروج من هذا المستنقع، ونصحوا الرئيس الأمريكي جونسون، بأن المهمة المحددة لم يعد بالإمكان القيام بها، وأن عليه سحب القوات من فيتنام، وبالفعل استجاب الرئيس الأمريكي وأعلن وقف إطلاق النار والبدء في محادثات السلام. المؤيدون للحرب وجدوا فيها فرصة سانحة للتواري خلف رغبات وتطلعات الشعب الأمريكي، وروجوا إلى أن وقف القتال كان ثمرة المعارضة ومناهضة الحرب، لإضفاء الصبغة الديمقراطية على الإدارة الأمريكية، والاستمرار في بيع الوهم للشعب.
أكبر دليل على هذا الوهم، أن الساسة الأمريكيين قاموا قبلها عبر آلتهم الإعلامية الضخمة بغسيل أدمغة الشعب لإقناعه بضرورة التدخل العسكري في فيتنام، وبالفعل كان هناك تأييد جماهيري كبير للحرب، وتسابق الشباب لنيل شرف الالتحاق بالخدمة العسكرية لخوض القتال، لذلك يمكن القول إن تأثير الضغط الشعبي الأمريكي على القرار السياسي خاصة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي يكاد يكون من المستحيل، فالإدارة الأمريكية التي دأبت على التلاعب بآراء شعبها وتفننت في صناعة العدو لتجييش وتعبئة الجماهير، هي نفسها التي تتلاعب به في ممارسة مظاهر حرية التعبير عن الرأي والمشاركة في صناعة القرار، بِحشْرِه في مساحة يلهو بها، لكن لسان حال الإدارة: اصرخوا كما تشاؤون، فلن نحجب أصواتكم، لكننا ماضون في الطريق. هذا هو مسلك الساسة الأمريكيين مع الجماهير، حتى لو اقتضى الأمر استخدام القوة والعنف، وهذا ما شاهدناه في تعامل أجهزة الأمن مع الاحتجاجات الطلابية المطالبة بوقف الحرب ووقف دعم الكيان الإسرائيلي.
الشعب الأمريكي على الرغم من أنه انفتح على الرواية الفلسطينية للحرب وظهرت له الخديعة التي قام بها إعلامه المُضلِّل، إلا أنه لم يخرج بعد من سيطرة وطغيان النزعة الاستهلاكية، فهو ينطلق من ضرورة الإشباع الفوري، الذي لا يتخطى سطح المادة بعيدا عن المثل العليا الضابطة للمسافة بين المثير والاستجابة كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري، ومن ثم يبقى الاستهلاك هو شأنه الأول والأقوى. وخلافا لما يظن الجميع، فإن هذا الشعب يعاني ضعف الوعي، ويكفي أن زبيغنيو برجينيسكي مستشار الأمن الأمريكي الأسبق، ذكر في كتاب «الفوضى.. الاضطراب العالمي عند مشارف القرن الحادي والعشرين»، أن عدد المواطنين بأمريكا الذين يعيشون في جهل تام يصل إلى 23 مليون مواطن.
لذلك هذا الشعب يسهل بيع الوهم له، خاصة أن الولايات المتحدة تمتلك آلة إعلامية ضخمة مؤثرة، وهذا بدوره يجعلنا نفيق من وهم التعويل على الضغط الجماهيري الغربي في وقف الحرب على غزة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
اعتقال ضابط بالشاباك لتسريب معلومات أمنية حساسة
حسام حبيب ينفي ارتباطه بفتاة من الأردن ويهدد بالقضاء
دالبدا عياش ترد بصراحة على أسئلة خاصة بحياتها الزوجية
زيادة إقبال الأردنيين على شراء الذهب بنسبة 65%
خصم 10% الأربعاء في أسواق المؤسسة المدنية الأردنية
الكهرباء الوطنية: المرحلة الثانية للربط الأردني العراقي تكتمل قريباً
الإعلام الإيراني ينفي مزاعم فيديو قرب السفارة بواشنطن
أزمة نقص الأدوية في قطاع غزة تعيق عمل الطواقم الطبية
اليونيسف: انتهاكات حقوق الطفل بالسودان ترتفع 1000%
تجارة عمان تدعو لرفع العلم على مؤسسات القطاع التجاري
مئات المستوطنين المتطرفين يقتحمون باحات الأقصى
حماس تدرس مقترحًا إسرائيليًا لوقف إطلاق النار مقابل تبادل رهائن وسجناء
كم بلغ سعر الذهب في السوق المحلي الثلاثاء
كنعان: العلم الأردني عنوان التضحيات والنهج المدافع عن الوطن والأمة
مخالفة بــ ٥٠ دينارا في هذا المكان
الأردن .. رفع العلم بشكل موحَّد في جميع محافظات المملكة
الأردن .. رحلات سياحية عبر القطار إلى مدينة درعا السورية
استدعاء طالبة جامعية شتمت الأجهزة الأمنية .. تفاصيل
سبب وفاة الممثلة الأردنية رناد ثلجي يهز القلوب
تنويه هام من الإفتاء للأردنيين ..
الكترونيا فقط .. الأحوال المدنية تُلغي الحضور الشخصي
قانون الأبنية والأراضي .. تعرّف على نسب الضريبة .. وأبو حسان:لن يثقل كاهل المواطن
إيران تلوح بطرد مفتشي الوكالة النووية ونقل اليورانيوم المخصب
الأردن .. شقة بمليون ونصف المليون في عمّان
سوريا .. قوات أحمد العودة تهاجم عناصر من الدفاع السورية .. فيديو
الحكومة تحسم الجدل حول قانون ضريبة الأبنية والأراضي