التجربة الاستعمارية وصعوبة إعادتها

mainThumb

13-04-2025 09:38 AM

كان الخبر يقطع الفيافي على ظهر ناقة، ويجتاز المحيطات على ذات ألواح ودُسر، فيمكث زمناً طويلاً يُمِيت الحدث مهما كان حاراً ومهولاً، ما يفرض الحالة القائمة على الظلم والإجرام. لكن الضوء يقطع المسافة التي يقصدها راكب الناقة آلاف المرات جيئة وذهاباً في ساعة، وهذا الخبر الذي تحمله الناقة و السفينة لتنشره للناس يحتاج أشهرا طويلة ليصل إلى وجهته، ثم سنين لتصل ردة فعل الناس عليه، يأتينا الآن في ثوان أو أقل، لأنه ركب الضوء أو ما يشبهه، فقد يصل حدث وقع في أدنى الأرض، إلى أقصى والأرض وجيرانه على بعد أميال لم يصلهم ولم يشعروا به وقد يأتيهم الخبر من وسيلة اعلام في أميركا وهم في قلب الحدث لم يسمعوا به عن طريق الوسائل القديمة أو وصلهم وتجاهلوه..

التغيرات في الزمن تكمن في تغير المعطيات والأدوات، وأخطر المعطيات والأدوات التي يمتلكها الإنسان الحالي ويتحرك من خلالها فتحقق له التفوق هي "موجات الأثير" التي تسابق الزمن، فهي لا تخدم من كان يريد السيطرة، بقدر ما تحقق لمن يدافع عن نفسه من تغول الدول الشريرة، والمتواطئة، صرخة استغاثة لكل البشر، لكي يساهموا في نصرة الحق والوقوف ضد الباطل، مع ضمان سرعة الوصول إلى أي مكان في الكرة الأرضية، لإقامة الحجة على البشرية بمجملها.. بعد ان كانت الأحداث تحدث، فلا يسمع بها أحد، وإن سمع فيسمع بعد أن ينتهي الحدث ويحقق المعتدي أهدافه ويصبح أمراً واقعاً يصعب تغييره، وهناك جرائم ضد الإنسانية لم نسمع بها إلا من خلال كتب كتبها من شهد الوقيعة ولم تصلنا إلا بعد مئات السنين، قرأها في زمن قريب من حدوثها أفراد وأسقط في أيديهم، وسواد الشعوب لا يدرون!! أما اليوم بفضل التواصل السريع "زويت لنا" الكرة الأرضية بحيث يصلها الخبر لحظة وقوعه، وتتفاعل معه الشعوب على اختلاف مشاربها اهتماماتها..
ما فعله الأوروبيون المتوحشون في القرون الماضية وأفنوا الملايين في قارة أميركا وأستراليا، عندما كان الخبر يحتاج إلى شهور أو سنين ليكتشفه الناس، هذا الإجرام لن يتكرر لأن الكون كله شاهد يسمع ويرى وسيكبح جماح الشر..

وبالرغم من تغول الدول الشريرة على البشر الا أن الإنسانية في البشر ما زالت موجودة، وما نشهد تفاعله من الشعوب الحرة، والناشطين على مواقع التواصل، والتأثير العميق على الحكومات والشركات الداعمة للاحتلال، يرينا أن مآسي الشعوب ستنتهي قريباً..
واستجابة الأحرار تحصل في لمح البصر، فما أن يقرر حر مواجهة الشركات حتى يطير الخبر كالضوء يغلف الكرة الأرضية ويستقر بين يدي كل متصل بشبكات التواصل، وأمام عيون كل البشرية، وتبدأ الشركات تدفع ثمن تهميش رأي الشعوب، واستهتارهم بدماء الأبرياء، وتبدأ بذلك الخسائر تنثال على الرأسمالية، التي لا يؤمن الا بالمال، وأمام ذلك ينصاع إلى أوامر من يدافع عن الإنسانية وحقوق الشعوب، عله يوقف خسائره..

الرأسمالية، لا يوقفها الا نزفها المالي، والنزف المالي تفاقمه الشعوب الحرة التي تناضل من خلال الفضاء الإلكتروني، ومن خلال الصبر والوعي ومواصلة النضال الإلكتروني الشعبي، ستضمر الغدة السرطانية في بلادنا وتموت، وسيكون سلاح الشعوب الواعية الإلكتروني، الخيار الفعال في لجم الدول الاستعمارية وإعادتها إلى الجادة، لتصبح دولاً تخدم الشعوب، ولا تخدم رأس المال والشركات العابرة للقارات..
نحن بعد أن فقدنا الأمل بدولنا نستبشر من خلال الأثير بجهود الشعوب الحرة لنصرتنا ورفع الظلم الذي تمارسه قوى الاستعمار الغربي الصهيوني، من خلال الأدوات الحديثة التي أصبحت عنوان المرحلة، لأننا سئمنا من خذلان محيطنا الذي يصر على تشبثه بالأدوات البائدة، وما زال يتيه هو وبعارينه في الصحارى بلا دليل.. لكن أملنا بأن التجربة الاستعمارية لن تتكرر بعد أن يطاح بها من شعوب الأرض عبر الفضاء الالكتروني!






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد