قصيدة شهيرة لم يكتبها الأصمعي

mainThumb
الأصمعي لم يكتب القصيدة

12-04-2025 04:27 PM

السوسنة - منذ سنوات طويلة، انتشرت قصيدة "صوت صفير البلبل" على نطاق واسع، وأصبحت جزءًا من الروايات الشعبية والمناهج الدراسية، ونُسبت إلى الأصمعي، اللغوي المعروف في العصر العباسي. ولكن بعد التدقيق التاريخي واللغوي، يتضح أن هذه القصيدة لم تكن من تأليف الأصمعي على الإطلاق، بل هي مجرد حكاية ملفقة لا تصمد أمام التحقيق العلمي.
حيلة الشعر والذهب... بين الواقع والخيال
الرواية المتداولة تزعم أن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور كان يمتلك ذاكرة حادة، تحفظ القصائد من سماعها مرة واحدة، مما مكّنه من خداع الشعراء والادعاء بأنه سمعها سابقًا، حتى لا يدفع المكافأة الذهبية التي وعد بها لكل قصيدة جديدة. ووفق القصة، فإن الأصمعي ابتكر قصيدة مليئة بالكلمات الصعبة ليُفشل حيلة الخليفة، وعندئذٍ اضطر الخليفة إلى دفع المكافأة.
لكن مراجعة المصادر التاريخية تؤكد أن الأصمعي لم يكن شاعرًا، بل كان راوية ولغويًا بارزًا في عصره. لم يُعرف عنه أنه قابل الخليفة المنصور، ولم يرد ذكر القصيدة في أي كتاب موثوق إلا في مصادر متأخرة جدًا، كتبت بعد وفاة الأصمعي بألف عام تقريبًا!
أخطاء لغوية وعروضية... لا تليق بعالم لغوي
بعيدًا عن الرواية التاريخية، فإن القصيدة ذاتها تحتوي على أخطاء نحوية وكسور عروضية، مثل الخطأ في النصب في البيت الأول:
"صوت صفير البلبل هيج قلبي الثملي"
والصواب: "هيج قلبي الثملا".
كما أن بعض كلماتها غير موجودة في أي معجم عربي معتمد، مما يثير الشكوك حول مصدرها الحقيقي.
 من كتب القصيدة؟
يُرجّح أن مؤلف القصيدة شخص مجهول كتبها بأسلوب ساخر، ثم نُسبت إلى الأصمعي لإضفاء قيمة أدبية عليها. ساهمت القصة الطريفة وحب الناس للحكايات الذكية في انتشارها وربطها باسم الأصمعي دون أي دليل تاريخي.
تؤكد الدراسات أن قصيدة "صوت صفير البلبل" ليست من تراث الأصمعي، ولم يسمع بها الخليفة المنصور، بل هي مجرد رواية شعبية ممتعة لكنها لا تتوافق مع الحقائق التاريخية واللغوية.
في عصر تنافس الروايات والقصص، تبقى الحقيقة أهم عنصر في نقل التراث الأدبي، فالتاريخ لا يُبنى على الأساطير، بل على الأدلة والوثائق!

أقرأ أيضًا: 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد