ماذا بعد تغيير واشنطن الوضع القانوني لبعثة سوريا في الأمم المتحدة؟
عمان ــ السوسنة
سلمت واشنطن وعبر الأمم المتحدة البعثة السورية في نيويورك مذكرة تنص على تغيير وضعها القانوني من بعثة دائمة لدولة عضو في الأمم المتحدة إلى"بعثة لحكومة غير معترف بها".
وتضمنت المذكرة إلغاء التأشيرات الممنوحة لأعضاء البعثة من فئة G1 المخصصة للدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة والتي تقوم واشنطن بالاعتراف بحكوماتهم باعتبارها البلد المضيف لمقر الأمم المتحدة إلى فئة G3 التي تمنح للمواطنين الأجانب المؤهلين أمميا للحصول على سمة من دون أن تعترف واشنطن بحكوماتهم.
قرار يطرح الكثير من الأسئلة حول غاية الولايات المتحدة الأمريكية من اتخاذه سواء لجهة الإبقاء على حالة التحفظ في العلاقة مع الحكم الجديد في دمشق أو لجهة وضعه في خانة الابتزاز للضغط عليه مقابل تقديم كل التنازلات الممكنة في سبيل الاعتراف بشرعية مكتملة لم تمنحه واشنطن إياها حتى اللحظة وجاء القرار الأخير ليثير الشكوك أكثر حول النوايا الأمريكية وتوقيت البوح ببعضها على خلفية ما جرى في ساعة متأخرة من مساء الخميس الماضي.
القرار و"بازار السياسة"
وفي أول تعليق رسمي على تغيير سمة البعثة السورية قالت وزارة الخارجية السورية إن "الإجراء المتعلق بتعديل الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك هو إجراء تقني وإداري ". مشيرة إلى أنه "لا يعكس أي تغيير في الموقف من الحكومة السورية الجديدة ".
المحامي والقانوني السوري رجب مرعي أكد أن "تعليق وزارة الخارجية السورية على القرار الأمريكي بشأن تغيير الوضع القانوني للبعثة السورية حاول قدر الإمكان التخفيف من وقعه على السوريين وعلى الدول التي تحاول دمشق أن تبني معها أمتن العلاقات على اعتبار أن واشنطن سيدة الموقف بالنسبة لهؤلاء من أجل الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة وتطوير العلاقة معها من عدمه".
ورأى مرعي أن "القرار الأمريكي ينطوي على ضغوط تمارسها واشنطن على الحكومة السورية الحالية وليس الحكومة السابقة، كما أشار المصدر المسؤول في وزارة الخارجية السورية"، لافتا إلى أن "البعثة الدبلوماسية السورية في نيويورك لم تتعرض لموقف مشابه أيام حكومات بشار الأسد كما أن قرارا كهذا لم يسر على أفغانستان أيام حكم حركة طالبان التي طالما ارتبط سلوكها بالتشدد والغلو في تطبيق الشريعة الإسلامية وعدم احترام حرية المرأة وحقوق الأقليات".
وأضاف أن "الخطوة الأمريكية تندرج في إطار المراجعة الأمنية الشاملة التي أطلقتها وزارة الأمن الداخلي الأمريكية للتعامل مع سوريا باعتبارها "بلدا عالي الخطورة" أسوة ببلدان آخرى سبق وأن وضعتها واشنطن ضمن "القائمة الحمراء"، مشيرا إلى أن "في الأمر تطورا دبلوماسيا دقيقا يضع نظرة الحكومة الأمريكية إلى الحكومة السورية على المحك بعد تجاهل نسبي وإهمال غامض بدا في حينه مفتوحاً على احتمالات عديدة".
وشدد مرعي على أن "القرار الأمريكي جاء على خلفية جدل داخلي دار حول كيفية مقاربة العلاقة مع الحكومة السورية الجديدة الموسومة عند جزء كبير من صانعي القرار الأمريكي بالتشدد الديني حيث أعادت أحداث الساحل والجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية فيه تسليط الضوء، مجددا على تاريخ "هيئة تحرير الشام" والفصائل المنضوية داخل هذه الحكومة والتي بدت عشية انتزاعها السلطة من يد الحكم السابق وكأنها تمسك بالعصا السحرية الكفيلة بإقناع المجتمع الدولي بأنها قد مارست القطيعة النهائية مع الماضي العقائدي المتشدد".
وأوضح القانوني السوري أن "ذلك لم يمنع واشنطن من استثناء البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة تطبيقا لاتفاقية المقر التي تلزم الحكومة الأمريكية باستقبال ممثلي الدول الأعضاء"، مشيرا إلى أنه "ورغم هذا الاستثناء فإن واشنطن لا ترغب حاليا في القفز فوق فكرة أن العمود الفقري للحكومة السورية الانتقالية قائم على فصائل لا تزال مصنفة على أنها إرهابية وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" الأمر الذي اقتضى عدم الاعتراف بها بموجب السياسية الأمريكية الحالية القابلة للتغير عندما يتعلق الأمر ببازار المفاوضات والمصالح التي يمكن أن تضمنها حكومة الشرع لواشنطن وحلفائها في المنطقة. والتي يرجح أنها قد قامت بتمرير عناوينها إلى دمشق خلال المدة السابقة".
وأكد القانوني السوري أن "التداعيات الفورية للقرار الأمريكي قد تتعلق بسحب الحصانة الدبلوماسية عن أعضاء البعثة السورية في الأمم المتحدة إذا ما أرادت واشنطن ذلك في المستقبل كما أنها قد تقيد دخول أفرادها إلى بعض مباني وطوابق الأمم المتحدة فضلا عن أنها ستساهم في الحد من حرية المشاركة الدبلوماسية السورية في الفعاليات والاجتماعات الرسمية التي تعقد ضمن أروقة الأمم المتحدة".
وختم مرعي حديثه لموقعنا بالتشديد على أن "واشنطن أبقت الباب مواربا على عودة الأمور إلى سابق عهدها فيما يتعلق بعمل البعثة السورية في نيويورك وصولا إلى إمكانية الاعتراف بالحكومة السورية مستقبلا رابطا ذلك بمدى كفاءة الحراك الدبلوماسي السوري في التعامل مع الموقف استنادا إلى انفتاح بعض الدول الصديقة على دمشق ورغبتها في تمهيد الطريق أمام الحكومة السورية لنيل الحظوة الأمريكية ضمانا لمصالح هذه الدول التي غالباً ما يبيحها استقرار الوضع السياسي في سوريا".
"هنا مكمن الخطورة"
من جانبه يرى المحلل السياسي السوري إبراهيم العلي أن "أخطر ما في القرار الأمريكي بالنسبة لسوريا يتمثل في الحالة الذيلية التي غالبا ما تبديها دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول الغربية تجاه سلوك واشنطن وموقفها من الدول سيما تلك التي تشهد تغييرا جذريا في أنظمة الحكم".
وشكك العلي في قدرة دول الاتحاد الأوروبي التي سارع وزراء خارجيته إلى زيارة دمشق ولقاء الرئيس الشرع في أخذ موقف مغاير عن موقف واشنطن الأكثر وضوحا من الحكومة السورية رغم أنها معنية بشكل مباشر بوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا وهو أمر يحتاج إلى تنسيق مباشر مع الجانب السوري".
ورأى المحلل السياسي أن "هذا الأمر قد يدفع دول الاتحاد الأوروبي ومعها عديد الدول الإقليمية إلى تشجيع الحكومة السورية الجديدة على توسيع إطار المشاركة الوطنية في الحكم عبر إبرام عقد جديد يتمثل فيه كل السوريين بشكل أعمق مما هو عليه الواقع حاليا". مشيرا إلى أن "هذا الأمر قد يشجع واشنطن على انفتاح حقيقي على دمشق ربطا بتغيير سلوكها وتبريد المخاوف الداخلية والخارجية من احتكار السلطة والاعتماد في ترسيخها على مقاتلين أجانب لايفقهون خصوصية المجتمع السوري ولا يجيدون وفق المحلل السياسي غير القتال على خلفية عقائدية جامدة عابرة للحدود ومتنكرة للفكرة الوطنية".
وذكر العلي ببقاء "الانفتاح العربي على دمشق أيام حكم الرئيس السابق بشار الأسد شكليا نتيجة للفيتو الذي وضعته واشنطن على هذه البلدان رغم وجود رغبة حقيقية من قبل قادتها آنذاك في احتواء بشار الأسد تمهيدا لإبعاد سوريا عن دائرة النفوذين الإيراني والتركي"، متمنيا "ألا تقوم واشنطن بوضع هذا الفيتو على كل من يرغب في التواصل مع القيادة السورية الجديدة بناء على سردية وجود سلطة دينية متشددة في دمشق قد تثير قلق المجتمع الأمريكي قبل قيادته".
"ليس الأمر على هذا السوء"
من جانبه يرى المحلل السياسي السوري فهد العمري أن "ثمة تهويلا مقصودا من البعض بخصوص قرار واشنطن المتعلق بالبعثة السورية في الأمم المتحدة يراد منه إعطاء انطباع قطعي بأن حكومة دمشق معزولة ولا حظوظ أمامها في الاستمرار فيما الحقيقة أن العالم بأسره قد سعى إلى فتح قنوات اتصال علنية وسرية معها".
واستدل العمري على ذلك بكلام المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الذي أكد أن "وضع الجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة سيبقى دون تغيير فيما ستستمر عضويتها في الأمم المتحدة".
وشدد المحلل السياسي على أن "الضغوطات التي تفرض على الأنظمة الوليدة من قبل الدول الوازنة في العالم وعلى رأسها الولايات هي أمر معروف ومفهوم في سياق مصلحة الدول العظمى وسعيها لترتيب المنطقة وفق شروطها وهو أمر تعيه حكومة دمشق جيدا وقد بادرت لإعلان حسن نواياها من خلال طمأنة كل الدول المحيطة وعلى رأسها إسرائيل بأنها لن تكون مصدر قلق أو تهديد لأي دولة"، مشيرا إلى أن "الأيام القادمة ستثبت التزام حكومة دمشق بذلك الأمر الذي سيجعل هذه الدول تبادر سريعا إلى رفع العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية عن سوريا فغاية الجميع وفق العمري هي السلام الذي سيصار إليه في نهاية المطاف بعد عودة سوريا إلى دول الاعتدال العربي التي تريد إبرام السلام مع إسرائيل بالوسائل الدبلوماسية وليس عبر دعم الفصائل التي تحاربها كما كانت تفعل إيران والنظام السوري السابق".
وختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن "ذلك لا يسقط عن كاهل الحكومة السورية الحالية مسؤولية رعاية السلم الأهلي وتعزيز ثقة المواطن بالدولة عبر سن قوانين لا تقبل الإلتباس لجهة دعم مفهوم العدالة والمواطنة المنشودة التي تشكل الضمانة الحقيقية للجميع".
المصدر: RT
قرار جديد من ترامب يتعلق بالرسوم الجمركية
راعي كنيسة الميلاد: الجيش الإسرائيلي يُمتهن الكذب في هذه الحرب
النواب يواصل الاثنين مناقشة مشروع قانون الوطنية لشؤون المرأة
قصور المجتمع الدولي في السودان
ضريبة الأبنية تفتح جرح الثقة بين الشعب والحكومة
النظام الجديد لضريبة الأبنية والأراضي في الأردن
ممثل مصري يتصدر محركات البحث بعد ظهوره بدار المسنين .. صورة
عموتة يغازل النشامى .. فهل سيدرب المنتخب العراقي
أنشطة شبابية متنوعة في محافظات المملكة
تحذيرات من أزمة مالية في الضمان الاجتماعي: دعوات لإجراءات عاجلة
الأردن .. رفع العلم بشكل موحَّد في جميع محافظات المملكة
مخالفة بــ ٥٠ دينارا في هذا المكان
الأردن .. رحلات سياحية عبر القطار إلى مدينة درعا السورية
استدعاء طالبة جامعية شتمت الأجهزة الأمنية .. تفاصيل
سبب وفاة الممثلة الأردنية رناد ثلجي يهز القلوب
تنويه هام من الإفتاء للأردنيين ..
مقابلات وامتحانات في البريد والأحوال والتنمية والإقراض .. أسماء
التربية تعلن موعد بدء امتحان الثانوية العامة 2025
مدعوون للتعيين في وزارات ومؤسسات حكومية .. اسماء
إيران تلوح بطرد مفتشي الوكالة النووية ونقل اليورانيوم المخصب
إنترنت فضائي "ستارلينك" في الأردن
الأردن .. شقة بمليون ونصف المليون في عمّان
سوريا .. قوات أحمد العودة تهاجم عناصر من الدفاع السورية .. فيديو