ليبيا: الوضع تجاوز خط اللاعودة

mainThumb

08-04-2025 03:26 AM

خط اللاعودة في العنوان أعلاه، المقصود به أن العدَّ العكسي لنهاية الدولة الليبية قد بدأ في التسارع. وليس أمام الليبيين من حلول سوى الاستعداد لما سيأتي من مراحل، بدأنا نشهد بوادرها تتالى. وأن أي محاولة ترقيع لما هو حاصل، في رأيي ليس سوى إضاعة للوقت وللجهد. وأن الحديث عن إجراء انتخابات رئاسية أو نيابية لا يختلف عن حديث من يحاول بيع سمك يسبح في بحر أو بيع طيور تطير في فضاء.

ومن الأخير، يمكن القول إن الوضعية الحالية تسير بالبلاد وبالعباد إلى حرب لا محالة قادمة. وحتى في حالة حدوثها لن تكون الحلَّ. ولنا فيما سبق من حروب تجارب وأمثلة. وما سيحدث معروف، وهو اختفاء وجوه من السطح، ومكانها تحلُّ أخرى، والعودة إلى نفس المربع مضافاً إلى ذلك ما سيحدث من دمار في العمران، وهلاك في الأرواح.

وليس من المبالغة مطلقاً القول إن الوضع العام في ليبيا يدعو حقاً إلى القلق والخشية، بوصوله مؤخراً إلى حالة قصوى من انفلات الفوضى، وتوحّش في نهب المال العام تجاوز كل الحدود والخطوط.

كان ذلك الموجز، وفيما يلي البعض من التفاصيل.

خلال الأيام الماضية، ومع بدء الاحتفالات الشعبية بحلول عيد الفطر المبارك، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي الليبية على الإنترنت في بث تسجيلات مرئية لأرتال عسكرية ضخمة، قادمة من الشرق والغرب، نحو العاصمة طرابلس، والهدف، كما يقال، الاستعداد لاقتلاع جهاز الردع من مقره في قاعدة مطار معيتيقة (الدولي) والقضاء عليه. وبدوره، أعلن جهاز الردع النفير العام.

عودة المظاهر العسكرية إلى العاصمة لا يبشر بخير، بل نذير بشرور. وتعبير عما يحدث من صراعات وراء أبواب مغلقة على النفوذ والمال العام بين مختلف الأطراف.

وكأن ذلك لا يكفي، بدأ الناس يتناقلون أخبار معارك عسكرية نشبت بين جماعات مسلحة في مدينة صبراتة غرب العاصمة، تتقاضى رواتبها من خزينة الدولة، وتتكوّن أساساً من مهرّبي البشر والوقود، وانتقلت منها المعارك شرقاً إلى مدينة الزاوية على بُعد 40 كيلومتراً من طريق السكة، مقر رئيس الحكومة في طرابلس.

وفي يوم الأحد المنصرم، والليبيون يستعدون للعودة إلى ممارسة أعمالهم عقب انقضاء عطلة عيد الفطر، أعلن مصرف ليبيا المركزي، في عهد محافظه الجديد، عن تخفيض سعر بيع الدينار الليبي مقابل الدولار الأميركي. سعر الدولار في السوق الرسمية ارتفع بنسبة 13 في المائة، ووصل سعره في السوق الموازية إلى 7.30 دينار ليبي بين عشية وضحاها. وتبين أن المصرف يواجه أزمة دين عام مستفحلة تبلغ المليارات من الدنانير، ناجمة عن انفراط في الإنفاق العام من قبل الحكومتين في طرابلس وبنغازي لعدم وجود ميزانية. وهناك أخبار، في مواقع التواصل الليبية، على الإنترنت، تتحدث عن سرقة أموال الشركة العامة للاتصالات وإفلاسها. وفي أميركا، وخلال لقاء غير رسمي حضره السفير الأميركي لدى ليبيا، وموسى الكوني عضو في المجلس الرئاسي، وخالد المشري رئيس المجلس السيادي، اعترف عضو المجلس الرئاسي بأن ليبيا بلد محتل بقوات روسية وتركية. الحديث مسجّل وموثق، وبُثت مقاطع منه. وأوضح أن طائرته في طريق العودة من زيارة إلى دولة أفريقية مُنعت من عبور الأجواء فوق قاعدة براك في الجنوب الليبي بأوامر روسية. وأنه لا المجلس الرئاسي ولا حكومة الوحدة الوطنية من يحكم في طرابلس، بل الجماعات المسلحة وهي لا تأتمر بأمرهما. والأسوأ، عودة حوادث الخطف والقتل من جديد إلى السطح.

كل ذلك حدث ويحدث، من دون أن يصدر عن أي من الحكومتين، في طرابلس وبنغازي، بيان واحد بأسطر قليلة، يوضح لليبيين حقيقة ما يجري.

وفي نقلة سياسية نوعية، تناقلت وسائل الإعلام الليبية والتركية مؤخراً خبر وصول صدام خليفة حفتر، نجل المشير خليفة حفتر، وقائد القوات البرّية إلى أنقرة، وعقده مباحثات على أعلى مستوى مع وزير الدفاع ورئيس الأركان التركيين.

حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة التزمت الصمت حيال استقبال تركيا لنجل المشير حفتر، على اعتبار أنها الحكومة المعترف بها دولياً.

السؤال حول المسار الذي تسير نحوه الأمور في غرب البلاد وشرقها لم يعد مستغلقاً كما كان في السابق. الأمور تبدو، حالياً، ربما لدى كثيرين في أكثر تجلّياتها وضوحاً ومدعاة للقلق والخشية. والملاحظ أنها تتحرك بإيقاع سريع في خط سير معروف، يقود نحو محطة أخيرة!!






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد