تأثير الحرب التجارية على الأردن

mainThumb

06-04-2025 10:30 PM

شهدت السياسة التجارية الأمريكية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب تحولات جذرية، تمثلت في تبني نهج حمائي وفرض رسوم جمركية على عدد من الدول والسلع، في إطار ما عُرف بـ “الحرب التجارية"، ورغم أن الأردن لا يُعد طرفا مباشرا في هذه الحرب بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الكبار مثل الصين والاتحاد الأوروبي، إلا أن انعكاسات هذه السياسات طالت الاقتصاد الأردني، لا سيما في ظل العلاقات التجارية القوية بين البلدين.

وبالرغم أن الأردن يتميز بالشراكات التجارية القوية مع أكثر من 146 دولة حول العالم، ويصدر ما قيمته حوالي 8 مليارات دينار أردني، الا أن المشكلة في أن ربع هذه الصادرات حوالي 2 مليار دينار تتجه إلى السوق الأمريكية، خاصة من خلال اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين منذ عام 2001، وتشمل هذه الصادرات قطاعات حيوية مثل الصناعات النسيجية كالقمصان والملابس الرياضية، وكذلك المنتجات الزراعية كالتمور والأعشاب الطبية وبعض الفواكه المجففة، إضافة الى المنتجات الكيمياوية والمستحضرات الطبية والصيدلانية، والأسمدة والمنتجات الكيميائية كالفوسفات والأسمدة النيتروجينية، علاوة على المنتجات البلاستيكية والمطاطية كالأنابيب البلاستيكية، والعبوات، وأجزاء صناعية تُستخدم في سلاسل الإنتاج الأمريكية.

وفي ظل سياسات ترامب التجارية، ازداد القلق من احتمالية فرض قيود جمركية إضافية، وهو ما يمكن أن يضعف تنافسية المنتجات الأردنية في السوق الأمريكية، كما أن تراجع الطلب الأمريكي على بعض السلع نتيجة زيادة الأسعار داخليا بسبب الرسوم المفروضة على سلاسل التوريد، قد يؤثر بشكل غير مباشر على حجم وارداتها من الدول الأخرى، ومنها الأردن، إضافة الى ذلك، فإن تأثر الاقتصاد العالمي وتباطؤ التجارة الدولية نتيجة الحرب التجارية سيؤدي إلى تراجع الطلب الكلي، مما سيؤثر على الصادرات الأردنية عامة، وسيفاقم التحديات أمام ميزان المدفوعات، بمعنى آخر تراجع الصادرات إلى أمريكا يؤدي إلى انخفاض الإيرادات من العملة الأجنبية، مما يوسّع العجز في ميزان المدفوعات الأردني ويزيد الضغط على احتياطيات البنك المركز من العملة الأجنبية.

إن تأثر صادرات الأردن سيكون محدود نسبي إذا ما تمت استراتيجيات تعويضية وتوجيه المنتجات الأردنية إلى أسواق جديدة، ما يساعد في الحفاظ على استدامة الاقتصاد الأردني، ولتخفيف تأثير القيود الجمركية، على الأردن استغلال الفوسفات والبوتاس وزيادة نسب النمو والتصدير في هذا القطاع من خلال تعزيز القيمة المضافة في صناعة التعدين التحويلية، حيث يمكن إقامة مصانع لإنتاج الأسمدة الكيميائية والمنتجات الصناعية المعتمدة على هذه المعادن.

على الأردن استثمار موقعه الاستراتيجي، وخاصة في ظل تعرقل سلاسل التوريد العالمية، ليصبح مركزا لوجستيا عالميا عبر تطوير بنيته التحتية، مثل ميناء العقبة، وبناء شبكة السكك الحديدية لربط أسواق الخليج وأوروبا، وآسيا، والعمل على دعم القطاعات الرائدة مثل التكنولوجيا المالية (FinTech) من خلال تقديم حوافز الدعم الابتكار، وتشجيع الاستثمار في القطاع الطبي والصناعات الدوائية التي يتمتع الأردن بسمعة قوية فيها، بالإضافة إلى تعزيز السياحة العلاجية.

كما ينبغي على الأردن التركيز على الطاقة المتجددة والابتكار بشكل عام وفي الزراعة المستدامة بشكل خاص باستخدام تقنيات مثل الزراعة المائية، وتأسيس مصانع تعليب غذائية لتحويل المنتجات الزراعية المحلية إلى سلع غذائية جاهزة للاستهلاك، وأخيرا التحول نحو الصناعات التكنولوجية كالاستثمار في تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأشباه الموصلات، مما يسهم في تعزيز قدرة الأردن على المنافسة في الأسواق العالمية، وخلق فرص عمل متقدمة في القطاع التكنولوجي.
إن تنفيذ هذه الإجراءات الاستراتيجية، مثل تعزيز الصناعات التكنولوجية، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الأردنية، سيسهم بشكل كبير في زيادة الصادرات وخفض العجز في ميزان المدفوعات، كما أن هذه التحسينات ستؤدي إلى تحقيق تدفقات أكبر من العملات الأجنبية، مما يعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ويحقق نموا مستداما.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد