هجوم مسيّرات الدعم السريع يوقع قتلى شمال السودان

mainThumb
الجيش السوداني

06-04-2025 07:22 PM

السوسنة- قُتل ثلاثة أشخاص وجُرح ما لا يقل عن عشرة آخرين في هجوم نفذته طائرات مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع» على مقر الفرقة العسكرية التابعة للجيش السوداني في مدينة الدبة شمال السودان، وفقاً لمصادر محلية. ويُعد هذا ثاني هجوم يستهدف مدينة في الولاية الشمالية خلال أقل من 24 ساعة.

وذكر سكان محليون أنهم استيقظوا فجر الأحد على أصوات انفجارات عنيفة مصدرها مقر اللواء 73 العسكري، مشيرين إلى أن عدة طائرات مسيّرة شاركت في الهجوم، حيث سُمعت ضربات متتالية في الموقع ذاته.

 

ومنذ أشهر تتعرض الولاية الشمالية لسلسلة من الهجمات بالمسّيرات استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت مدنية، بالتركيز على محطة الكهرباء الرئيسية في مدينة مروي، تسببت أكثر من مرة في قطع الإمداد الكهربائي عن ولايات واسعة في البلاد.

وأعلنت «الفرقة 19 مشاة» في مروي، يوم السبت، أن الدفاعات الأرضية تمكنت من إسقاط عدد من المسّيرات التي أطلقتها «قوات الدعم السريع» في محاولة لاستهداف مقر قيادة الفرقة العسكرية والبنية التحتية في المدينة. وأكدت «الفرقة 19 مشاة» الاستعداد التام للتصدي لأي تهديدات أو هجمات على الولاية الشمالية، وأن الجيش مستمر في حماية مقراته وتأمين المناطق الاستراتيجية.

وعلى الرغم من كثافة الهجمات بالمسّيرات في الآونة الأخيرة، لم تصل السلطات السودانية إلى تحديد واضح للأماكن التي تطلق منها تلك المسيرات. ويأتي الهجوم على مدينة الدبة بعد أيام من تهديدات كان قد أطلقها قائد ثاني «قوات الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، بأن ولايتي الشمالية ونهر النيل تعد أهدافاً عسكرية لقواته.

ومنذ اندلاع الصراع الحالي بالبلاد في 15 أبريل (نيسان) 2023، غالباً ما كانت الاتهامات توجّه إلى «قوات الدعم السريع» باستهداف مناطق مدنية تقع تحت سيطرة الجيش، لكن «الدعم السريع» دأبت على نفي أي صلة لها بهجمات المسيّرات.

حظر التجوال
عناصر كتيبة قوات المهام الخاصة التابعة للجيش السوداني في الولاية الشمالية (أ.ف.ب)
عناصر كتيبة قوات المهام الخاصة التابعة للجيش السوداني في الولاية الشمالية (أ.ف.ب)
من جانبه، أعلن حاكم الولاية الشمالية، عابدين عوض الله، يوم الأحد، أمر طوارئ بتقليص ساعات حظر التجوال للأشخاص والمركبات. ونص القرار على تعديل ساعات الحظر لتبدأ من الساعة العاشرة مساء إلى الساعة الخامسة صباحاً، مع التشديد على تطبيق العقوبات الواردة في أحكام الأمر.

واتجه طرفا الحرب في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، على نحو متزايد إلى استخدام طائرات مسيّرة خلال المعارك في ولايات متعددة، خصوصاً في ولايتي الجزيرة والخرطوم.

من جهة ثانية، قال «حزب الأمة القومي»، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، إن تصاعد الانتهاكات بحق المواطنين، خصوصاً في حق الناشطين السياسيين وأعضاء «لجان المقاومة» والمتطوعين في غرف الطوارئ، يؤكد استهدافاً ممنهجاً للمدنيين من قبل طرفي الحرب. وشملت هذه الانتهاكات إعدامات ميدانية واعتقالات تعسفية.

وأضاف الحزب، في بيان، يوم الأحد على موقع «فيسبوك»، أن استخبارات الجيش اعتقلت عدداً كبيراً من المدنيين بذريعة التعاون مع «قوات الدعم السريع»، بينما قتلت أيضاً «قوات الدعم السريع» عشرات المدنيين وشردت مئات الأسر، كما قامت بنهب الممتلكات وترويع الأهالي في مشهد يعكس «مدى وحشية هذه القوات وجرائمها المستمرة بحق المدنيين».

وأدان الحزب الانتهاكات من قبل الطرفين، مطالباً بوقف هذه الممارسات فوراً، وإطلاق سراح جميع المعتقلين الأبرياء، والالتزام الصارم بسيادة القانون، ومحاسبة المتورطين والمتفلتين دون استثناء.

مأساة دارفور
جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
وفي دارفور، غرب البلاد، حذَّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، يوم الأحد، من أن الوضع في مخيم زمزم للاجئين بشمال دارفور لا يزال مأساوياً. وقالت المنسقة الأممية، عبر منصة «إكس»، إن سكان المخيم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مؤكدة ضرورة الوصول الآمن والمستدام للمساعدات. كما شدَّدت المنسقة على ضرورة وقف الحرب الدائرة في السودان.

وكانت الحكومة السودانية طالبت، يوم السبت، الأمم المتحدة، بالتدخل لإنقاذ حياة مواطني الفاشر والمناطق المجاورة لها، كما طالبت برصد «الجرائم» كافة التي ترتكبها «قوات الدعم السريع» لتقديمها للجهات الأممية المعنية. ودعا مجلس السيادة السوداني ممثلي الوكالات والبعثات الأممية للضغط على «قوات الدعم السريع» لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر.

وتحاصر «قوات الدعم السريع» منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وسط قتال عنيف مع الجيش والقوة المشتركة المساندة له من حركات الكفاح المسلح.

ووفقاً لتنسيقية «لجان مقاومة الفاشر»، فإن المدينة التي تحتضن أكثر من 800 ألف نسمة، بينهم أكثر من 120 ألفاً نزحوا إليها منذ اندلاع القتال في دارفور، في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء. وذكرت وكالات الإغاثة العاملة في المنطقة أن أكثر من 70 في المائة من سكان الفاشر في حاجة للمساعدات. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية سجلت حالات وفيات بسبب الجوع والعطش ونقص الرعاية الصحية.

وحسب بيانات لوكالات الإغاثة، فإن الوضع الإنساني المتردي في المدينة والمخيمات حولها، دفع المئات من السكان إلى الفرار إلى مناطق آمنة في الإقليم. وأفادت مصادر محلية بأن «قوات الدعم السريع» جددت القصف العنيف على معسكر زمزم الذي يبعد نحو 15 كيلومتراً عن الفاشر.

تروج إشاعات

من جهتها، قالت «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش في الفاشر، في بيان، إن «قوات الدعم السريع تروج هذه الأيام لإشاعات حول هجوم وشيك على المدينة، مدعية أنها تطوق الفاشر من عدة اتجاهات»، مضيفةً أن «هذه أكاذيب هدفها بث الذعر والتشريد». وأهابت بجميع السكان «عدم الالتفات لتلك الرسائل المضللة، والتبليغ الفوري عن أي تحركات مشبوهة أو شخصيات غريبة».

وأكدت أن المدينة تشهد استقراراً نسبياً، وأن الوضع الأمني تحت السيطرة الكاملة، وأن القوات صامدة وتعمل في تنسيق تام لحماية المدينة وأهلها. وأوضح البيان أن «الجيش والقوة المشتركة وبقية المقاتلين يجرون عمليات تمشيط مكثفة داخل الأحياء السكنية، بهدف منع تسلل العناصر التخريبية والحفاظ على أمن وممتلكات المواطنين». واستقبلت محليات في شمال دارفور خلال الأيام الماضية المئات من الأسر الفارة من الفاشر ومعسكر زمزم بسبب الجوع، وتواجه أوضاعاً قاسية هناك وتعيش بلا مأوى في العراء.

من جانبها، ناشدت «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، جميع السكان داخل الفاشر ومعسكري أبو شوك وزمزم المجاورين لها، لمغادرة مناطق الاشتباك في المدينة والتوجه إلى مناطق سيطرتها في محلية كورما والمحليات الآمنة الأخرى في الولاية. وقالت إن هذه المناشدة جاءت نظراً لتصاعد العمليات العسكرية في مدينة الفاشر، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وحفاظاً على أرواح المدنيين العزل.


اقرأ المزيد عن:








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد