‏في يوم اليتيم العربي

mainThumb

06-04-2025 03:16 PM

‏تختل علاقات الإعالة، من منظور نفسي وإجتماعي بغياب أحد الوالدين، الأب أو الأم، وخصوصاً في مرحلة وجود أطفال ويافعين بين أفرادها، حيث أن الإعالة ليس مفهوماً إقتصادياً يتعلق بالإنفاق وحسب، بل يتعلق بوظائف وأدوار ترتبط بتوفير مناخ آمن ومستقر، تستطيع الأسرة من خلاله، تنشئة أبناءها تنشئة سليمة ومعافاة.

‏اليوم مع التحديات التي تفرضها الظروف الإقتصادية، وما تشمله من شيوع أنماط استهلاك، معظمها سلبي، بالإضافة إلى الانفتاح التكنولوجي وهيمنة التقنيات الذكية ووسائل التواصل الإجتماعي، وتمدد أنظمة الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن التغير الذي طال القيم الإجتماعية، وحالات التنمر والوصم، جعل الأفراد يتعرضون لمصادر تهديد أكثر، مما كانت عليه الحال قبل سنوات وعقود، فئة الأيتام من بين الفئات التي يخشى أن تكون أكثر عرضة للمخاطر.

‏كل الوصفات التي يمكن الحديث عنها تبقى نظرية ومثالية، إذا لم يأخذ المجتمع دوره وتأخذ الأسرة مسؤولياتها، وأدوار الأطراف الإجتماعية في تعويض غياب الأب مهم، وهو لا يعوض على الصعيد الوجداني، بأدوار متوازية تتعلق بالأم والأعمام وذوي الأطفال الأيتام... هذا جزء من القيم الدينية ومن الموروث الإجتماعي الإيجابي في التراحم والتكافل.

‏في الأردن تبذل الجهود الوطنية لتوفير الإستقرار والأمن الإجتماعي للفئات الإجتماعية برمتها، وتندرج فئة الأيتام في إطار تلك الفئات التي تسعى المؤسسات الإجتماعية والأفراد لتوفير متطلباتها واحتياجاتها المتعددة، فئة الأيتام من الفئات التي أوصت الشريعة الإسلامية بالعناية بها بصريح قول الرسول صلى الله عليه وسلم.

‏ويأتي يوم اليتيم العربي في خضم ظروف تفقد فيها أعداد كبيرة من الأبناء آبائهم وأمهاتهم، جراء الحروب الطاحنة التي حصدت أرواح الملايين من البشر، لا تزال فلسطين شاهدة على الجرائم الصهيونية بحق مئات الآلاف من أهلنا المرابطين على أرضها الطهور، مروراً بالعراق الذي شهد إحتلالاً غاشماً أهدرت فيه أرواح كثيرة، وليس انتهاءاً بسوريا واليمن وليبيا، كل هذه البلدان شكلت بؤراً لتزايد اليُتُم في وسط أطفال ويافعين يعتمدون على آبائهم وأمهاتهم طبقاً لعلاقات الإعالة السائدة في مجتمعاتنا العربية.

‏نتوقف عند الخدمات المقدمة للأيتام، وللجهود الرسمية والأهلية المبذولة التي يتم توفيرها لهم، لن أنس في هذا السياق فاقدي السند الأسري من مجهولي النسب أيضاً، لقد كان لوزارة التنمية الإجتماعية ولا يزال الدور الأميز في خدمات الإيواء والإغاثة وتقديم الدعم النفسي والإجتماعي لهم، أسسّنا في جمعية حماية الأسرة والطفولة في إربد لشراكة مع وزارة التنمية الإجتماعية في هذا الصدد من خلال برنامج الدمج الأسري للأطفال فاقدي السند الأسري من مجهولي النسب، من خلال وقف كل أشكال التمييز والوصم ضدهم، وإدماجهم في أسر بديلة، ضمن ظروف آمنة وصحية تستطيع الأسر الحاضنة تلبية متطلباتهم وفق أسس ومعايير واضحة ومحددة، وهذا يسهم في خلق ظروف تنشئة فضلى للطفل اكثر ملائمةً من وجوده في دور رعاية قد لا تستطيع توفير متطلبات الخصائص النفسية والإجتماعية والنمائية للطفل.

‏الجهود الوطنية في مضمار دعم الأيتام جهود، متقدمة، وفي هذا السياق كان قد أُطلق صندوق الأمان لمستقبل الأيتام في عام 2003 بمبادرة من جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة وتمت مأسستها عام 2006 تحت إسم جمعية صندوق الأمان لمستقبل الأيتام، بالإضافة إلى المؤسسات الإجتماعية التي تستهدف خدمة الأيتام بتوفير الرعاية لهم، وتلك التي توفر الكفالات المالية لتحسين ظروفهم وإكمال دراستهم.

‏ تحية لكل طفل يتيم فقد أحداً من والديه، وأعانه الله على مواجهة ظروف الحياة القاسية.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد