هذا هو مصيركم أيها السوريون إذا لم تتفقوا
لا يمكن أن ننكر أبداً أن ما حصل في سوريا على مدى الأشهر الماضية بعد التحرير أشبه بالمعجزة، فقد كان حلماً بعيد المنال لملايين السوريين أن يروا بلدهم وقد تحرر من أقذر وأبشع وأشنع عصابة عرفها التاريخ الحديث. وكل السوريين يعرفون ما فعلت تلك المافيا الطائفية بالبلاد والعباد على مدار أكثر من نصف قرن. وقد شاهد العالم كله سجونها بعد أن انهارت وهرب رئيسها في جنح الظلام تاركاً وراءه حتى أقرب المقربين. وهذا دليل صارخ على نوعية الطبقة الطائفية التي حكمت سوريا والتي صارت رمزاً للنذالة والسفالة والهمجية والسقوط الأخلاقي في أبشع صوره. لا شك أن غالبية السوريين لم تصدق بعد أن تلك العصابة قد تبخرت فعلاً، وأن البلاد قد تحررت لأن لا السوريين ولا غيرهم كان يتوقعون ما حدث. على العموم، تحقق الحلم، لكن هذا الإنجاز شبه الإلهي السريع الذي توّج ملايين التضحيات والأثمان التي دفعها السوريون من أجل تحقيق ذلك النصر، سيتبخر بدوره إذا ظل السوريون يتشاحنون ويتصارعون ويتناكفون بهذه الطريقة الرثة والبائسة غير مدركين أنهم يحفرون قبورهم بأيديهم.
المشكلة الكبرى أن الكثير من السوريين لا يعرفون كيف حصل التغيير، ويتجاهلون الوضع الكارثي قبل التحرير، ويريدون سوريا جديدة بلمح البصر، وهذا مستحيل لأسباب عدة، فهناك حقائق صارخة على الأرض يحاول كثيرون أن يتجاوزوها ويتجاهلوها، وأول تلك الحقائق أن الجيش السوري الذي كان يقتطع أكثر من سبعين بالمائة من ميزانية البلاد قد تبخر خلال ساعات، وكذلك أجهزة الأمن السورية التي كانت مضرباً للمثل في العالم في وحشيتها وقذارتها وسفالتها. باختصار، لم يعد هناك جيش وطني أو أجهزة استخبارات وطنية يمكن التعويل على ترميمها أو إصلاحها لحماية البلاد داخلياً وخارجياً. أما قوات التحرير فهي ليست جيشاً وأجهزتها الأمنية كانت مخصصة لإدارة محافظة سورية اسمها إدلب، وبالتالي فهي لا تكفي لضبط بلد أو الدفاع عنه مثل سوريا خارج من تحت الأنقاض، مع ذلك فقد فعلت المستحيل لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا خلال وقت قياسي. ولا تنسوا أيضاً أن السلطة الحالية في سوريا اليوم لم تكن تعرف أنها ستصل إلى دمشق بهذه السرعة، وبالتالي فقد وجدت نفسها في وضع مفاجئ، فلملمت أوراقها سريعاً لملء فراغ أكبر منها بكثير، ونجحت إلى حد كبير بإمكانيات بسيطة. وإياكم أن تصدقوا نظريات المؤامرة السخيفة أن قوات التحرير وصلت إلى دمشق بتوافق دولي أمريكي تركي إسرائيلي روسي، وأنها كانت عملية استلام وتسليم. لا أبداً، بل أعرف بشكل مؤكد أن لا أحد في العالم كان يتوقع ما حدث في سوريا لا إسرائيل ولا حتى تركيا نفسها. وأنا واثق مائة بالمائة مما أقول.
ولا ننسى أيضاً أن القوى التي كانت تحارب النظام لم تكن جسماً واحداً، بل كانت عبارة عن فصائل وتنظيمات متناحرة للأسف، لهذا فإن من أهم الإنجازات الخيالية التي تحققت في سوريا خلال الأشهر الأولى هو توحيد الفصائل وضبطها تحت قيادة وزارة الدفاع، مع ذلك فقد خرج بعضها عن الطوق في أحداث الساحل، ثم جاء الاتفاق التاريخي بين السلطة الجديدة وتنظيم قسد ليكون إضافة عظيمة لتوحيد الصف العسكري ووقف الصراعات العسكرية في بلد مدمر ومهشم ومفلس. وهذا إنجاز كبير بكل المقاييس. ولو سألت أكبر الاستراتيجيين قبل أشهر كيف تتوقع أن يكون وضع سوريا بعد التحرير، سيقول لك إن سفك الدماء والاقتتال الداخلي والصراعات الفصائلية ستكون عنوان المرحلة، وإن شهوراً وربما سنوات قد تمر قبل أن يتحقق السلام والاستقرار في سوريا، لكن أياً من تلك السيناريوهات الكارثية والحمد لله لم يحدث، وقد تجاوزنا أخطر مرحلة بعد التحرير بأقل الخسائر. ولا يمكننا هنا إلا أن نترحم على كل قطرة دم بريئة سُفكت في سوريا خلال هذه المرحلة العصيبة.
طبعاً ليس الهدف من سرد هذه الحقائق التطبيل والتزمير لأحد، بل هي حقائق لا يمكن لمنصف أن ينكرها وهو يصف الوضع الحالي في البلاد. لكن للأسف الشديد هناك الكثير من السوريين يتجاهل تلك الوقائع، ويحاول تسخيفها والقفز فوقها إما بدافع مغرض وقذر هدفه دفع البلاد في اتجاه الهاوية حقداً وانتقاماً، أو خدمة لمصالح خاصة، أو خارجية، أو بدافع الجهل وقلة الفهم والاستيعاب، أو بدافع التسرع والاستعجال وطلب المستحيل، خاصة وأن الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي خلفها النظام الساقط تحتاج سنوات وسنوات لمعالجتها. وهنا لا بد أن نقول لكل هؤلاء: انتبهوا جيداً واسألوا أنفسكم إذا كنتم فعلاً تريدون الخير والعافية لسوريا ولأنفسكم: ماذا ستكون النتيجة لو انهار الوضع الحالي وخرجت الأمور عن السيطرة؟ ماذا لو، لا سمح الله، انفرط عقد الفصائل التي تم توحيدها بصعوبة، وراحت تتقاتل فيما بينها؟ ماذا لو انهارت السلطة؟ هل تعرفون كيف سيكون وضع البلاد والعباد؟ هل تعرفون كيف سيكون وضعكم الأمني والمعيشي؟ لا شك أن الوضع الآن سيئ ولا أحد يمكن أن ينكر ذلك، لكن فكروا بالأسوأ بكثير لو تدهورت الأوضاع. وصدقوني ربما ستترحمون على ما أنتم عليه اليوم رغم صعوبته ومأساويته، لأن كل صمامات الأمان في البلد معطلة لا بل غير موجودة أصلاً. وأرجوكم ألا تفهموا هذا الكلام على أنه تهديد مبطن للقبول بالأمر الواقع بحجة عدم وجود البديل كما كان يتحجج النظام الساقط. لا أبداً، فالوضع هذه المرة مختلف فعلاً والبديل الوحيد هي الفوضى العارمة لعدم وجود دولة أصلاً. مرة أخرى أرجو ألا تفهموا هذا الكلام كابتزاز، فكلنا بلا شك يريد أن تتحسن الأمور على كل الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والمعيشية ولا نريد أي تبريرات أو أعذار واهية، لكن لا أحد يمتلك عصا موسى في سوريا، فالعين بصيرة واليد قصيرة. جميعنا يريد أن نبني نظاماً سياسياً لكل السوريين، ولا أحد يريد احتكاراً للسلطة، بل نريد مواطنة وسوريا لكل أبنائها، وهذا ما نص عليه الإعلان الدستوري الذي أصبح الآن وثيقة رسمية، وهذا يتطلب من كل السوريين دون استثناء أن يبتعدوا عن التشاحن الطائفي والعرقي والديني وأن يتجادلوا بالتي هي أحسن، وأن يخففوا من مناوشاتهم وصراعاتهم الإعلامية التي قد تتفاقم وتتحول لاحقاً إلى صراعات دموية لا سمح الله. من حق الجميع أن يطالب ويعترض، لكن في إطار وطني جامع بعيداً عن التشنج، والاحتقان، والتحريض، والاستعداء. ولا تنسوا أن هناك جيوشاً إلكترونية تمولها جهات عدة تحاول إثارة الفتنة والفرقة والشقاق بين السوريين لدفعهم إلى التناحر خدمة لمصالح المتربصين بسوريا والسوريين، فلا تكونوا عوناً لهم.
تعالوا أيها الأخوة السوريون نستعين على حل خلافاتنا بالسر والكتمان والكلمة الطيبة على الأقل حتى نتجاوز هذه المرحلة الأخطر في تاريخ بلدكم المكلوم الجريح. والله الموفق.
كاتب واعلامي سوري
الملك يغادر أرض الوطن في زيارتي عمل إلى ألمانيا وبلغاريا
تخفيض سعر البنزين بنوعيه 25 فلساً
الرئيس السوري الشرع يقبّل يد والده .. فيديو
الحنيطي يزور رؤساء الأركان السابقين ويصلّي بقاعدة الملك عبدالله الثاني
رئيس السياحة النيابية يتفقد مستشفى الإيمان الحكومي بعجلون
قضية الاعتداء الجنسي تطارد الملياردير الراحل محمد الفايد
كم وجبة إفطار وزّعت الخيرية الهاشمية بغزة خلال رمضان
إدانة مارين لوبان المرأة الحديدية بفرنسا باختلاس أموال
الصين تضع شروطا للقاء شي جين بينغ بترامب
ارتفاع عدد الشهداء بغارات الاحتلال على غزة منذ الفجر
أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين برمضان
بعد الزلزال المدمر .. 36 هزة ارتدادية تضرب ميانمار
هل دفعت السعودية 1.6 مليار ريال كفارة عن إفطار خاطئ
عالم فلك أردني يحسم الجدل حول رؤية الهلال وتحديد موعد العيد
مركز الفلك الدولي يصدر بيانًا حول موعد عيد الفطر
إنهاء خدمات مدير تربية وعدد من الموظفين .. أسماء
الأمن العام: الفيديو المتداول لدورية نجدة قديم ومضى عليه خمس سنوات
حالة الطقس المتوقعة من الثلاثاء حتى الخميس
الاردن : تدافع أمام السفارة العراقية للحصول على تذاكر مباراة العراق وفلسطين .. شاهد
ولي العهد يؤدي العشاء والتراويح في عمان .. صور
غرامة تصل إلى 500 دينار لمرتكبي هذه المخالفة .. تحذير رسمي
أنباء غير مؤكدة عن مقتل عبدالملك الحوثي
جريمة قتل مروعة تهزّ الشونة الجنوبية في رمضان