اليوان الرقمي واستشراف الفرص المستقبلية للاقتصاد الأردني

mainThumb

25-03-2025 01:28 PM

يُعد صعود اليوان الرقمي من أبرز التحولات في النظام المالي العالمي الجديد، حيث تسعى الصين إلى تعزيز دور عملتها في التجارة الدولية والتمويل عبر تقنيات البلوك تشين، هذا التطور يمثل تحديًا واضحًا لهيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، خاصة مع تبني دول آسيوية وشرق أوسطية لاستخدام اليوان الرقمي في التسويات التجارية، ومع تسارع هذا التغيير، أصبح لزامًا على الدول، بما فيها الأردن، مراقبة هذه التطورات عن كثب لضمان مواءمة سياساتها المالية مع المشهد العالمي المتغير.

لقد استمر الدولار الأمريكي العملة المهيمنة في النظام المالي العالمي لعقود من الزمن وما زال نسبياً، لأنه يشكل غالبية الاحتياطيات النقدية والتسويات التجارية الدولية، إلا أن التطورات الأخيرة، بما في ذلك العقوبات المالية الأمريكية التي تستهدف بعض الدول، دفعت العديد من الاقتصادات الناشئة إلى البحث عن بدائل تقلل من اعتمادها على الدولار، ويعتبر ظهور اليوان الرقمي بديلاً فعالًا، خاصة مع قدرته على تجاوز أنظمة المدفوعات التقليدية مثلSWIFT، مما يسمح بإجراء المعاملات بسرعة وكفاءة عالية، وهو ما يخلق ديناميكية جديدة في التجارة العالمية قد تؤثر على استقرار الدولار.

وقد يصبح اليوان الرقمي أكثر جاذبية للشركات والمؤسسات المالية، من خلال تقليل وقت تسوية المدفوعات إلى ثوانٍ معدودة، مما يعزز دوره كعملة تسوية دولية، كما أن استخدامه في الدول التي تربطها علاقات تجارية قوية مع الصين، مثل دول آسيان والشرق الأوسط، سيؤدي إلى تعزيز مكانته، ومع استمرار الصين في التوسع في مبادرة "الحزام والطريق"، من المرجح أن نشهد زيادة في استخدام هذه العملة الرقمية في مشاريع البنية التحتية والاستثمارات العابرة للحدود، مما يعيد تشكيل النظام المالي العالمي الجديد.

وتواجه الأسواق الناشئة، بما في ذلك الأردن، تحديات وفرصًا نتيجة هذا التحول، فمن ناحية يمكن أن يوفر اليوان الرقمي وسيلة جديدة لتسهيل التجارة وتقليل تكاليف المعاملات المالية، ومن ناحية أخرى قد يؤدي هذا التغيير إلى إعادة ترتيب أولويات الاحتياطيات النقدية للدول، مما يستلزم تنويع العملات الأجنبية وعدم الاعتماد المطلق على الدولار الأمريكي. لذاك، يتعين على الدول النامية تطوير سياسات مالية أكثر مرونة لضمان قدرتها على التكيف مع هذا التحول دون تعريض استقرارها النقدي للخطر.

وفي ظل هذه التغيرات، على البنك المركزي الأردني متابعة تطورات العملات الرقمية، ولا سيما اليوان الرقمي، واستكشاف الفرص المتاحة لتبني تقنيات الدفع الحديثة، ومن المهم تطوير بنية تحتية مالية تدعم المدفوعات الرقمية وتعزز من قدرة الأردن على التعامل مع عملات متعددة في التجارة الدولية، كما يمكن للبنك المركزي دراسة إمكانية إدراج اليوان الرقمي ضمن احتياطياته النقدية لتعزيز الاستقرار المالي وتنويع مصادر النقد الأجنبي.

ولتجنب أي آثار سلبية محتملة، على المسؤولين الاقتصادين في الأردن اتخاذ عدة خطوات استراتيجية منها: تنويع احتياطيات النقد الأجنبي لضمان مرونة الاقتصاد في التعامل مع تقلبات العملات الدولية، والعمل على تعزيز التكامل المالي مع الأسواق الناشئة التي تعتمد على اليوان الرقمي في التجارة، مما يفتح فرصًا جديدة للشراكات التجارية والاستثمارات، ومواكبة الابتكارات التكنولوجية في القطاع المالي لضمان قدرة الأردن على الاندماج في النظام المالي الرقمي الجديد، وتحسين كفاءة المدفوعات العابرة للحدود.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد