حرية التعبير ليست تهمة .. بل شرف يُدافع عنه

mainThumb

25-03-2025 11:18 AM

في زمن تتسارع فيه الخطوات نحو التحديث والإصلاح، ويعلو فيه شعار سيادة القانون وحرية التعبير، نجد أنفسنا اليوم أمام مشهد مؤلم ومستفز للضمير الوطني، عنوانه: شكوى قضائية بسبب رأي أو تعليق أو مشاركة على تغريدة، أبطالها أكاديميون وصحفيون مشهود لهم بالكفاءة والوطنية والاعتدال، هم الزميلان الدكتور محمد بني سلامة والدكتور جعفر ربابعة، والصحفي الحر نادر خطاطبة.

هؤلاء الثلاثة لم يسيئوا لوطن، ولم يخونوا مؤسسات، ولم يتجاوزوا على أحد، بل مارسوا حقاً أصيلاً كفله الدستور، وضمنته المواثيق الدولية، وهو حرية الرأي والتعبير. لم يكتبوا إلا انطلاقاً من غيرتهم الأكاديمية والوطنية، ومن منبرهم العلمي والمهني، ساعين لكلمة حق، أو نقد بنّاء، أو دفاع عن كرامة التعليم وحرية الكلمة.

من المؤسف أن نرى اليوم استخدام قانون الجرائم الإلكترونية - الذي وُجد لحماية المجتمع من الابتزاز والإشاعات وتدمير السمعة - يُستخدم في غير موضعه، ليكون سيفاً مُسلطاً على كل من يكتب أو يعبّر، حتى لو كان بأسلوب مهني وراقٍ. ومن المؤسف أكثر أن يتم اختزال النقاش الأكاديمي، والحوار الحر، والاختلاف الفكري، إلى "قضية منظورة" أمام القضاء.

لسنا ضد مؤسساتنا الوطنية، بل نحن في صفها، ولكننا مع حق النقد، ومع ضرورة التمييز بين الإساءة المقصودة والنقد المشروع. فلا تُبنى هيبة المؤسسات بالصمت والرهبة، بل بالمصارحة والانفتاح على النقد والمحاسبة.

وفي هذا السياق، لا بد أن نؤكد ثقتنا المطلقة بنزاهة وعدالة القضاء الأردني، الذي نؤمن بأنه سيزن الأمور بميزان الحق، ويرد الاعتبار لكل من تجرأ على الكلمة من أجل الإصلاح، لا من أجل التهجم أو التشويه.

نريد أن نعيش في وطنٍ يتسع للجميع، لوطن يَسمع ولا يُقصي، ينقد نفسه قبل أن يُحاسب أبناءه، لوطن يحترم أساتذته وصحفييه، لا يحيلهم إلى محاكم بسبب تعليق أو إعادة نشر لمعلومة منشورة سلفاً.

ختاماً، نقولها بصدق: إذا كانت حرية التعبير هي الجريمة، فكل حرٍ في هذا الوطن هو متهم. وإذا كان قول الحق يُرعب بعض أصحاب الكراسي، فليقينوا أن الكراسي زائلة، لكن الكلمة باقية، والحق لا يُقهر.

حفظ الله الأردن، حراً، آمناً، منيعاً، وصوتاً للحق لا يُكمم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد