ترامب والولاية الثانية

mainThumb

17-03-2025 01:39 AM

ما هي أبعاد عودة ترامب على قضايانا الإقليمية والعربية: الصراع العربي ـ الإسرائيلي وحرب غزة وتهديدات إيران وملفها النووي والأمن الخليجي؟ في الوقت نفسه يتزايد فيه قلق حلفاء أمريكا من مقاربات ترامب وتماهيها مع مواقف للخصوم وخاصة بوتين، لرئيس من خارج المؤسسة الحاكمة، والتشكيك بمقاربته غير التقليدية والمتقلبة ولا يمكن التنبؤ بها.
يستمر ترامب بسياسات تصدم الكثيرين لتناقضاته وتقلبه وتنصله من المفاوضات والاتفاقيات والالتزامات القانونية ومواثيق المنظمات التي أسستها وقادتها الولايات المتحدة في عالم ما بعد الحرب الباردة…
ساد اعتقاد أنه لن يأتي رئيس أمريكي إلى البيت الأبيض يكون أكثر اصطفافًا وولاء ودعما لعدوان ووحشية حرب إبادة إسرائيل على غزة من بايدن ووزير خارجيته وفريق الأمن الوطني الذي أشرف وتواطأ ووظّف الفيتو خمس مرات في مجلس الأمن لاستمرار حرب الإبادة على غزة لـ15 شهرا متتالية… بحصاد دموي غير مسبوق بوحشيته.. حتى صار نتنياهو ووزير دفاعه السابق المقال مجرمي حرب صدرت مذكرات من المحكمة الجنائية الدولية باعتقالهما!
وبعدما تسبب طرح مخطط ترامب بالسطو على قطاع غزة وتهجير سكانها إلى مصر والأردن وحتى كما سُرب مؤخراً إلى السودان والصومال وغيرهما، بردود أفعال غاضبة ومنددة ورافضة وإحراج الملك عبدالله في البيت الأبيض، وتداعي العرب لعقد قمة مصغرة في الرياض وقمة عربية في القاهرة للرد على بلطجة ترامب… وإجماع عربي في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة على تبني الخطة المصرية رداً على مخطط ترامب.. وبوقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها!! ليرفض ترامب ونتنياهو مخرجات القمة العربية الاستثنائية. كما وُجهت انتقادات دولية لمخطط ترامب تتهمه بالتطهير العرقي ـ ليتراجع ترامب ويعلن مخططه لمستقبل غزة المدمرة دون الإشارة لجرائم إسرائيل، هو توصية غير ملزمة!
لذلك يعتقد ترامب أن فوزه برئاسة ثانية يمنحه تفويضا مطلقا من الناخبين للتصرف بلا قيود على الصعيدين الداخلي بتفكيك وإضعاف الدولة العميقة، وحتى الانتقام من خصومه في الداخل، وترشيق البيروقراطية وتقليص حجم الحكومة ودمج وإلغاء عدد من الوكالات الفيدرالية على حساب تسريح وفصل عشرات الآلاف الموظفين الأمريكيين الغاضبين والمنتقدين لسياسات ترامب وتحالفه مع إيلون ماسك 1 أغنى رجل في العالم ـ وتكليفه بمسؤولية إدارة الكفاءة الحكومية بصلاحيات شبه مطلقة.
والخطورة في تعبير أعداد متزايدة من الأمريكيين عن غضبهم من سياسات الرئيس ترامب حول تداعيات وتأثير زيادة الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة من كندا والمكسيك والصين ومستقبلا دول الاتحاد الأوروبي على ارتفاع أسعار السلع والتضخم وحتى كما لمح ترامب «احتمال أن تشهد أمريكا ركودا اقتصاديا».

وترى أعداد كبيرة من الناخبين أنهم لم ينتخبوا ترامب لضم كندا وغرينلاند واستعادة قناة بنما والسطو على غزة وتهجير سكانها. وكان صادما تكرار ترامب الحظر الإسلامي الذي طبقه في رئاسته الأولى عام 2017 بحظر دخول مواطنين من ست دول مسلمة ـ ألغاها الرئيس بايدن ـ ووصفها بأنها «وصمة عار على ضمير أمريكا وتتعارض مع نهج أمريكا باستقبال والترحيب بالمهاجرين والقادمين من مختلف الأديان والأعراق»!
ليرد ترامب بتقديم مسودة أمر رئاسي فاقع بعنصريته وعدائه قبل أيام، يقيد دخول مواطنين من 43 دولة إلى الولايات المتحدة ـ تتصدر قائمة الدول في الدائرة الحمراء دول عربية ومسلمة: سوريا واليمن وليبيا والعراق السودان والصومال وإيران وأفغانستان. بينما في مجموعة الدول البرتقالية الأكثر تشددا في منح تأشيرات الدخول: باكستان وتركمانستان وروسا وجنوب أفريقيا وجنوب السودان.. ومجموعة القائمة الصفراء ـالأقل تشددا بمنح تأشيرات الدخول ومعظمها دول أفريقية بينها موريتانيا!!
وتبني ترامب مواقف بروباغندا روسيا تجاه حربها في أوكرانيا وإعلانه الصادم لن تدافع الولايات المتحدة عن الأعضاء في حلف الناتو إذا لم يرفعوا ميزانيات الدفاع !! في مخالفة صريحة للفصل الخامس من ميثاق حلف الناتو الذي يفرض على جميع الأعضاء (32 دولة) الدفاع عن أي عضو يتعرض لاعتداء ويطلب تفعيل الفصل الخامس من ميثاق الحلف.
لتسرب إدارة ترامب عن مفاوضات سرية مباشرة بين إدارة ترامب وحركة حماس (المصنفة «حركة إرهابية أجنبية» منذ عام 1997 ـ بوساطة قطرية وبالتنسيق مع نتنياهو في الدوحة منذ يناير الماضي للتوصل لوقف إطلاق النار طويل الأمد وإطلاق سراح الأسرى الأمريكيين الخمسة ولاحقا جميع الأسرى!! التفافاً على نتنياهو لعدم رغبته بوقف الحرب وتعمده إفشال مراحل المفاوضات ووقف الحرب والانسحاب من قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى! وتكرار ترامب تهديده لحماس بإطلاق سراح جميع الأسرى وإلا تواجه الجحيم!!لترد حماس أن تهديد ترامب يدعم تنصل نتنياهو من الاتفاق!
والنتيجة تراجع شعبية ترامب في أمريكا لحوالي 45 في المئة من أدنى النسب بعد شهرين من رئاسته. ولا تثق نسبة بين 60 ـ 88 في المئة من الرأي العام الأوروبي وحلفاء الناتو بسياسات ترامب وتراها تهدد السلام! وهذا واقع خطير يسمم العلاقة بين الحلفاء بعد شهرين من رئاسته!
سياسة ترامب تستعدي الحلفاء الغربيين… والدروس للحلفاء العرب القلقين من تراجع الثقة بالحليف الأمريكي.. بسبب مواقفه غير المسبوقة تجاه الأمن الأوروبي وأوكرانيا والناتو والبلطجة بالاعتداء على سيادة دول حليفة لضم أراضيها بمنطق النفوذ والقوة. وتهديده بفرض رسوم جمركية كبيرة على واردات بضائع كندا والمكسيك ودول الاتحاد الأوروبي والصين ما يرفع كلفتها على الأمريكيين! وذلك يزعزع النظام العالمي الذي شكلته وتقوده الولايات المتحدة منذ ثمانية عقود، بعد الحرب العالمية الثانية، ومعه ضياع بوصلة زعامة أمريكا للنظام العالمي!

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد