رمضان: بين وفرة النعم وفقدها

mainThumb

12-03-2025 10:50 PM

يطل علينا شهر رمضان بعد أحد عشر شهر من الكد والتعب، لنريح أنفسنا في أعظم شهراً بالسنة، ونتقرب به إلى الله بالتضرع له، والدعاء والطلب منه كلا حسب حاجته ومراده، والعزم على تغيير الحال والأحوال، وتكثيف العبادات لمضاعفة الأجر، ونيل رضاء الله، فهذا ما يحث عليه علماء الدين.

ولكن ما يظهر اليوم في العالم الإسلامي هو عكس الأصل في عقيدتنا، فمجرد إعلان القرب من شهر رمضان نبدأ بالتجهز له ماديًا بتحضير الولائم وشراء كل ما طابت له النفس واشتهت، نعد قائمة الطعام لمدة ٣٠ يوما لكي لا نعيد طهي نفس الوجبة، نعلق الزينة ونضع مجسمات ترمز لرمضان، لنعظم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب، ونسينا أن تعظيم شعائر الله تكون باحترام حرمة هذا الشهر الفضيل، وننسى أن نجهز أنفسنا روحيًا ومعنويًا لقيام لياليه واستغلالها في ما يرضي الله.

عند وضع موائد الطعام في رمضان وهي ممتلئة، يجب أن نقف للحظة ونفكر مليًا بإخواننا الذين تقطعت بهم السبل في الحروب والمجاعات سوى في غزة أو السودان وغيرها من الدول في العالم، الذين باتوا يصومون ليلاً نهاراً دون إفطار.

إن إفطارهم لا يكون وقت غروب الشمس أو سماع أذان المغرب إنما عند تعاطف المنظمات الإنسانية معهم والتبرع لهم، كل هذا ودون أن نسمع منهم تذمرا، فهم يرضون بما قد قسمه الله لهم، يحمدونه ويشكرونه ويطلبون منه أن يكون راضيًا عنهم.

وبينما نجهز لاستقبال شهر رمضان بوسط عائلاتنا، أصدقاءنا، أقاربنا، في وسط أوطاننا آمنين مطمئنين، هناك من يموت جوع لعدم عثوره على حفنة من الطحين أو كسرة من الخبز، بينما نسأل أطفالنا ماذا يشتهون من الطعام لتحضيره، هناك من يلهي أطفاله بالكلام لكي لا يتذكر جوعه، بينما نقضي ليالي رمضان بالسهر مع أحبابنا بعد تناول وليمة، هناك من لا ينام من شدة برده.

يعلموننا دروسًا في ديننا وهم بأشد كربهم، دروسًا بالصبر والإيمان والإنسانية، ونحن نكثر الشكوى فقط لإقلاعنا عن عادة لمدة ساعات لغرض الصوم، حيث يتغير هنا شكل الصوم من عبادة لأجل إرضاء الله إلى عادة ننتظر فيها غروب الشمس بفارغ الصبر لنعود لها.

ولو تمعنا النظر بين ما نعيشه من حياة رغدةٍ وبين ما يعيشونه من ظروف سيئة لحمدنا الله على نعمه التي أنعمها علينا، وتضرعنا له بأن يديمها لنا، ولما تأففنا ولا شكونا من صيام ثلاث عشرة ساعة والتي بعدها نملأ بطوننا بعشرة دقائق.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد