65 متهماً أمام نيابة أمن الدولة في مصر

mainThumb
صورة تعبيرية

11-03-2025 09:06 PM

السوسنة-  رفضت لجنة العدالة "كوميتي فورجستس" - منظمة حقوقية مستقلة - الادعاءات بشأن وجود تحسن في وضع حقوق الإنسان في مصر.

وأوضحت المنظمة في بيان لها أن استمرار الاعتقال التعسفي وتقديم المعتقلين إلى جهات تحقيق استثنائية مثل نيابة أمن الدولة العليا يعد انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، إذ يُستخدم للاحتجاز المطول قبل المحاكمات، خصوصاً في القضايا السياسية.

وأكدت أن هذه الإجراءات جزء من سياسة منهجية تهدف إلى تقييد الحريات وإسكات المعارضة، مما يعكس تدهوراً مستمراً في أوضاع حقوق الإنسان.

كما رصدت المنظمة التحقيق مع 65 متهماً جديداً أمام نيابة أمن الدولة العليا في فترة 4 أيام فقط من 2 إلى 6 مارس/آذار، في إجراءات سريعة وغير شفافة، دون توفير معلومات دقيقة أو مستندات رسمية حول التهم الموجهة لهم.

 

اعتقالات جديدة

وبينت المنظمة أن الاعتقالات الجديدة جاءت في الوقت الذي يتفاخر فيه الإعلام الموالي بإخلاء سبيل 56 متهماً آخرين من النيابة ذاتها على ذمة 18 قضية ذات طابع سياسي، معتبرة أن هذا يأتي إيماناً من القيادة السياسية بدعم الحريات في البلاد.
وأكدت لجنة العدالة أن الواقع الحقوقي في مصر يناقض بشكل صارخ تصريحات السلطات والإعلام الموالي لها، والتي تُقدم صورة غير واقعية عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. وقالت: «في حين تُروج هذه التصريحات لتحسين صورة مصر على المستوى الدولي، يزخر الواقع بوقائع انتهاكات حقوقية خطيرة ترتكب يومياً، والتي تبدأ بالاعتقالات التعسفية».

تزييف للحقائق

وأضافت أن الإعلام الموالي للنظام يلعب دوراً رئيسياً في تزييف الحقائق، إذ يتم الترويج لإخلاء سبيل بعض المعتقلين كدليل على تحسن الأوضاع الحقوقية، بينما يتم تجاهل حقيقة أن هذه الإفراجات تأتي في إطار تكتيكات دعائية ولا تعكس تغييراً حقيقياً في السياسات القمعية».

 

كما اعتبرت اللجنة أن هذه الاعتقالات التعسفية تخالف صراحة نصوص الدستور المصري لعام 2014، الذي يعد الوثيقة القانونية العليا في البلاد.
وذكرت المنظمة في بيانها بمواد الدستور التي تؤكد على صون حرية المواطنين، ومنها المادة 54 من الدستور المصري التي تنص على أن حرية الشخص حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، والمادة 55 التي تنص على أن «كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد يجب أن يُعامل بما يحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً». وعلقت اللجنة: «مع ذلك، يتم تجاهل هذه النصوص بشكل متكرر، إذ يتم الاعتقال دون أمر قضائي مسبب، ويُحرم المعتقلون من حقوقهم الأساسية.
ولفتت اللجنة إلى أن الاعتقال التعسفي يخالف صراحةً القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يجوز اعتقال أي شخص أو حجزه أو نفيه تعسفاً». كما يخالف هذا النهج المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه مصر، ويؤكد حق كل فرد في الحرية والأمان الشخصي، ويحظر الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي.
وشددت لجنة العدالة على رفضها للدعاوى التي يروج لها الإعلام الموالي للسلطات في مصر حول وجود انفراجه حقوقية لأزمة الحبس الاحتياطي في البلاد، مشيرة إلى أن تحسين صورة مصر الحقوقية لن يتحقق إلا من خلال إجراءات فعلية على الأرض، تشمل وقف الاعتقالات التعسفية، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وضمان محاكمات عادلة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. فالدعاية الإعلامية وحدها لا تكفي لإخفاء الواقع المرير الذي يعيشه آلاف المصريين ممن يُحرمون من أبسط حقوقهم الإنسانية.
كما أكدت اللجنة أن مصر، بصفتها دولة طرفاً في هذه المعاهدات الدولية، ملزمة باحترام التزاماتها القانونية والدولية، بما في ذلك ضمان المحاكمة العادلة والعلنية في أقصر وقت ممكن، وعدم استخدام الاعتقال الاحتياطي أداةً للعقاب أو القمع السياسي. ودعت السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً، ووضع حد لسياسة الاعتقالات التعسفية التي تستخدم لقمع المعارضة وتقييد الحريات.
إلى ذلك، عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ مؤسسة حكومية- اجتماعاً لمناقشة «التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين».
وقال المجلس في الدعوة التي وجهها إلى المنظمات الحقوقية، إن المائدة تهدف لـ»مناقشة طبيعة التحديات التي تواجه المنظمات والنشطاء الحقوقيين، واستعراض الحلول الممكنة لمعالجتها، بالإضافة إلى وضع خطة عملية للتعامل معها، مع تسليط الضوء على دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في دعم هذه المنظمات والنشطاء والمجتمع المدني بشكل عام بالتعاون مع الجهات المعنية.

تعاون أوروبي

وقالت السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن اللقاء يأتي في إطار برنامج للتعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي من أجل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان. ولفتت خطاب إلى أهمية صدور قانون حرية وتداول المعلومات لما يمثله من أهمية كبيرة في تعزيز حقوق الإنسان.
ويواجه المجلس الذي يعين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعضاءه، انتقادات تتعلق بقدرته على تحسين ملف حقوق الإنسان في مصر، أو كشف الانتهاكات في السجون ومراكز الاحتجاز.
وخلال الاجتماع، طالب محمد لطفي مدير المفوضية المصرية، المجلس القومي لحقوق الإنسان بالاشتباك بشكل أقوى مع الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون والنشطاء، ضارباً المثل بنظام زيارات السجون المفروض منذ مارس 2020 مع انتشار فيروس كورونا والذي حول الزيارات إلى زيارة واحدة شهرياً، مطالباً بإعادتها إلى وضعها الطبيعي وفقاً للقانون ولائحة السجون، خاصة مع انتفاء سبب تقليص الزيارات

زيارات السجون

وطالب لطفي أيضاً المجلس القومي بتطبيق زيارات دورية للسجون وإصدار تقارير مهنية حول وضعها ووضع النزلاء، والاجتماع بشكل منفرد مع السجناء لبيان ما يتعرضون له من انتهاكات وتضييق داخل أماكن الاحتجاز.
وأكد لطفي في حديثه على ضرورة احترام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، داعياً الجميع لاحترامها انطلاقاً من اعتراف دستور مصر 2014 بها وبالشهداء، والتوقف عن مهاجمتها.
وطالب لطفي بالإفراج عن المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، مؤسس رابطة أسر المختفين قسرياً، والنقابي أحمد عماشة، بعدما طالب أيضاً بالإفراج عنهما في آخر اجتماع حضره للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مارس/آذار 2022.
الاختفاء القسري
وعن الاختفاء القسري، طالب لطفي المجلس القومي لحقوق الإنسان بضرورة اكتساب ثقة الجمهور في تلقي الشكاوى من الأسر بخصوص الاختفاء القسري، من خلال الاشتباك الحقيقي مع الملف ونشر معلومات عن مخاطبات الداخلية ومحاولات الكشف عن المختفين.
وقال أحمد مفرح، المدير التنفيذي للجنة العدالة، إن المجلس يواجه تحديات جوهرية تعيق قدرته على تحقيق تغيير ملموس في مجال حقوق الإنسان.
وتناول مفرح في كلمته قضية الاستقلالية والحيادية، وقال إن عملية اختيار أعضاء المجلس تتأثر بالعوامل السياسية، ما قد يضعف استقلالية قراراته.
أما فيما يتعلق بفعالية التعامل مع الانتهاكات الجسيمة، فقد ذكر مفرح أن المجلس يواجه صعوبات كبيرة في التعامل الجاد مع قضايا، مثل التعذيب والاختفاء القسري، ما يؤدي إلى تراجع ثقة الجمهور في قدرته على حماية حقوق المواطنين.
توثيق الانتهاكات
ولفت إلى أن القيود المفروضة على زيارات أماكن الاحتجاز، مثل السجون ومراكز الاحتجاز، تعيق عمليات الرصد المستقل وتوثيق الانتهاكات، ما يحد هو الآخر من قدرة المجلس على أداء دوره بشكل كامل.
وانتقد مفرح، ضعف تفاعل المجلس مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، وقال إنه يفتقر إلى التعاون الوثيق مع هذه المنظمات، ما يحد من تأثيره وقدرته على تعزيز حقوق الإنسان.
وفيما يخص التمويل والموارد، بين مفرح أن اعتماد المجلس بشكل كبير على التمويل الحكومي يؤثر على استقلاليته، ويحد من قدرته على انتقاد الانتهاكات الحقوقية بحرية. كما أن نقص الكوادر المؤهلة والمتخصصة في مجالات الرصد والتوثيق والمتابعة الحقوقية يؤثر سلبًا على جودة التقارير التي يصدرها المجلس، ما يضعف من قدرته على إحداث تغيير حقيقي.
وشدد على أن غياب الإرادة السياسية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان سيظل التحدي الأكبر الذي يواجه المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث إن عدم وجود قرار سياسي واضح يدعم إجراء إصلاحات جذرية في مجال حقوق الإنسان يجعل المؤسسات المعنية – بما فيها المجلس- محدودة التأثير وغير قادرة على إحداث تغيير ملموس، حسبما قال مفرح.
ولتعزيز دور المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، اقترح مفرح اتخاذ عدة إجراءات عملية، منها تعزيز استقلالية المجلس من خلال إعادة النظر في آلية تعيين أعضائه لضمان اختيار شخصيات مستقلة وذات كفاءة، مع سن تشريعات تحمي المجلس من التدخلات الحكومية، ومنحه صلاحيات أوسع لزيارة أماكن الاحتجاز دون قيود، وإصدار تقارير شفافة حول قضايا مثل التعذيب والاختفاء القسري، وذلك لتحسين فعاليته في معالجة الانتهاكات.
وأضاف مفرح أن تعزيز التعاون مع المجتمع المدني يتطلب إنشاء منصات حوار منتظمة وإطلاق حملات توعية لزيادة الوعي بدور المجلس، كما أنه لضمان استقلاليته المالية، يجب تنويع مصادر تمويله عبر الدعم الدولي والمنظمات المستقلة، مع تطوير كوادره عبر برامج تدريبية متخصصة.
ولمواجهة غياب الإرادة السياسية، قال مفرح إنه يمكن استخدام آليات الضغط الدولي، مثل تقديم تقارير للأمم المتحدة، وحث الدول الكبرى على ربط المساعدات الاقتصادية بتحسين حقوق الإنسان، كذلك يمكن تحقيق مكاسب تدريجية عبر المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتحسين أوضاع السجون، وتعزيز التعاون مع النقابات والحركات العمالية.
وختم المدير التنفيذي لـ «لجنة العدالة» حديثه، بالتأكيد على أن مستقبل حقوق الإنسان في مصر يرتبط بفعالية المؤسسات المعنية – خاصة المجلس القومي لحقوق الإنسان- الذي يحتاج إلى بيئة داعمة لاستقلاليته وقدرته على معالجة الانتهاكات، وأنه في ظل غياب الإرادة السياسية يجب تبني استراتيجيات تشمل الضغط الحقوقي الداخلي والدولي، وبناء تحالفات مع المجتمع المدني، وتعزيز الحملات الإعلامية، واستغلال الأزمات لدفع السلطات نحو تنازلات حقوقية، مؤكدًا أن النضال من أجل حقوق الإنسان مسؤولية جماعية تتطلب جهوداً مشتركة من مؤسسات حقوقية، ومنظمات مدنية، ووسائل إعلام، وكل فرد يؤمن بالعدل والكرامة الإنسانية.



اقرأ المزيد عن:








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد