هل يجب إخفاء الماسونية من حياة الأمير
سؤال ثقيل. لكن قبل الإجابة عن ذلك، نحتاج إلى توضيح حقيقتين: هل كان الأمير ماسونياً أم متعاطفاً معها؟ وإذا ثبت انتسابه لها، هل كانت الماسونية تعني ما تعنيه اليوم؟ طبعاً لا. الماسونية تغيرت عبر الحقب التاريخية بحسب التحولات المجتمعية والسياسية وحتى الدينية.
يعود هذا النقاش من جديد حول حياة الأمير، وسبق أن واجهته قبل سنوات خلت عندما بدأت في التفكير في الجزء الثاني من كتاب الأمير [غريب الديار]، وسبب لي الكثير من المصاعب، ما اضطرني إلى إيقاف نشره، لكني تحملتها لأن وفائي للأمير عبد القادر كان كبيراً وعملت عليه منذ بدء 2000 حيث كان الحديث عنه نادراً باستثناء دوائر التخصص، والجامعات، والمناسبات السياسية المتكررة، بطرق تكاد تكون نفسها: المبايعة الأولى، ثم المبايعة الثانية، وزيارة رسمية لبعض المواقع التي لم يتم حتى ترميمها وقتها، ولا يوجد أي فعل ثقافي حقيقي يمس الشخصية ويرتقي بها. ولأني ذكرت بأن الجزء الثاني من رواية كتاب الأمير سيتناول فكرة «الماسونية عند الأمير» أقام بعض سدنة التاريخ الدنيا ولم يقعدوها. مع أني تناولت الفكرة من منطلقين أساسيين قبل أي حكم، وحسمهما:
أولاً: الماسونية في عصر الأمير كانت هاجساً تعبيرياً إنسانياً خارج المسبقات الأيديولوجية التي تعاني منها اليوم. الظرفية التي لاقته بالحركة الماسونية كانت ظرفية خاصة. فقد اتصلت المجموعة الماسونية به وشكرته على إنقاذه أكثر من 15 ألف مسيحي حينما قام بنجدتهم وإنقاذهم من موت حتمي بسبب اشتعال الحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين المعروفة بأحداث 1860. واستجارهم في حيه «العمارة» في دمشق القديمة، أو حي المغاربة. ابنه البكر، محمد، يفصل في ذلك في كتابه عن حياة والده «تحفة الزائر»، ذاكراً الظرفية المحيطة بمختلف ملابساتها، وكيف تعرف الأمير على أطروحات الماسونية كالتسامح والمحبة والأخوة وقبول الآخر المختلف التي وجد لها مقابلاً في ثقافته الإسلامية، لهذا أجاب بثقة كبيرة عن الأسئلة التعليمية التي طرحت عليه من طرف الماسونية.
ثانياً: إعادة قراءة أطروحات برينو إيتيان المؤثرة جداً في الوسط الثقافي، الذي كان أول من صنف الأمير حيث شاء هو، أي الماسونية. يجب الاعتراف بجهود برينو إيتيان تجاه الأمير؛ فقد كان من أوائل الفرنسيين ممن اهتموا بشخصية الأمير وتتبع مساراته الحياتية والثقافية بدقة كبيرة، ومشى في أثره عمراً كاملاً. لكنه ظل مصراً على ماسونية الأمير حتى وفاته. لم يتنصل برينو إيتيان عن ماسونيته هو، في رؤية شخصية الأمير المركبة جداً. في آخر كتبه عن [الأمير عبد القادر والماسونية، متبوعاً بالماسونية والصوفية] يعود إلى نفس الفكرة باحثاً عن دلائل في وثائق لم تكن تعني الشيء الكثير، بل تثبت أن الأمير تريث كثيراً وهو في باريس في الانضمام للمجموعة الماسونية، ولهذا أجِّل انضمامه حتى زيارته الإسكندرية، وهو في طريقه إلى الحج [رسالته هيكل هنري الرابع في 26 فبراير 1861].
توضيح هذه المعالم ووضعها في سياقاتها التاريخية لا يمنع مطلقاً من تناول هذا الجزء الذي به الكثير من الظلال حول حياة الأمير التي تحتاج إلى توضيح جاد وواع. إذا كان ماسونياً حقيقية فلا شيء ينقص من قيمته، فقد سبقه إلى ذلك كبار قادة الإصلاح العربي والإسلامي، محمد عبده على سبيل التمثيل لا الحصر، وإذا لم يكن منتمياً لها، فلن يضره ذلك في شيء ولم يمنعه من أن تكون لديه علاقة طيبة مع الماسونية، وما قاله في الحركة برواية ابنه محمد في «تحفة الزائر» شاهد على ذلك. وتعاطفه مع الحركة كان كبيراً [رسالته في الإجابة عن الأسئلة التعليمية التي طرحها عليه هيكل هنري الرابع، المؤرخة في 2 أكتوبر 1863].
كان الأمير مسلماً عصرياً، غير مريض بدينه، وظل منخرطاً في مشكلات عصره التي واجهها بشجاعة خارقة، وهم فهم مبكر أن انخرط في الحداثة وفي أسئلتها العميقة؛ فلاحظ أنه لا حل للإنسانية سوى الحوار الديني والسياسي والعسكري لتفادي الحروب غير المؤدية لأية نتيجة، لكنه في الوقت نفسه ظل محارباً من أجل حق الإنسان في أن يكون حراً، تاركاً كل أبواب السجال مفتوحة أو مواربة، بحسب الظرفية. الأمر الذي كلفه منفى قاسياً، أخذ من عمره خمس سنوات في فرنسا قبل أن يموت في المنافي، في دمشق، «غريب الديار». وكأن الماسونية كفر، مع أنها يجب أن تؤخذ في سياق عصرها لنعرف تقربها من الأمير واستجابته لها. ذهبت التأويلات الجاهلة لدرجة التنكر لذلك كله، مع أن الوثائق التي تمكنت من الحصول عليها وهي في متناول كل باحث، تقول بلقاء الأمير مع الماسونية مرات عديدة/ أولاً استجابة لدين ظل يحمله على ظهره تجاه الإمبراطور نابليون الثالث الذي حرره ورفع عنه كل القيود ويختار منفاه الدمشقي. نابليون كان ماسونياً منتمياً لهيكل الشرق الكبير، وهو من عمل على تقريبه منه. ثم إن الأمير كان رجلاً سجالياً، لا يخيفه شيء. لقد تحاور مع الماسونية واستمع لأسئلتها التعليمية عن قرب، وبارك أفكارها لأنه لم ير فيها، في زمانه، أي تعارض مع إنسانيته وجوهر دينه.
لا أدري ما سبب هذا الخوف من جزء مهم من حياة الأمير. بتر ذلك من حياته هو حرمانه من صفحة كبيرة في مناقشة من كانوا يختلفون معه في الرأي. الجهل المقدس مدمر لكل عقل. الدوغما لا تنشئ فكراً، ولكن مقولات قطعية مجوفة. لقاء الأمير بأقطاب الماسونية، وبرئيسها، وبالإمبراطور نابليون الثالث الذي حرره من المعتقل، لا يقلل مطلقاً من قيمة هذا الرجل العظيم الذي اختار السيف والقلم معاً. مات الأمير وهو يدافع عن إنسانية الإنسان، وقيم النبل، وليس في حاجة إلى إثبات لا لوطنيته ولا لعمقه الإنساني العظيم. وثائق كثيرة تبين اتصال الأمير بالماسونية، وهذا ليس سراً، ولكنها شهادة على عظمة الرجل وقدرته على محاورة المؤتلف والمختلف، الصديق والعدو، معتمداً في ذلك على مقولة كررها في كثير من مؤلفاته: العقل ميزان الحق. ولا شيء يعلو عليه إلا الحق الأكبر.
من العبث إخفاء صفحة إنسانية كبيرة في حياة الأمير. لا يحتاج الأمر إلى أي تبرير، ولكن إلى الإيضاح الفعلي للسياق.
هل يجب إخفاء الماسونية من حياة الأمير
مصر: توافق على أسماء قادة اللجنة المسؤولة عن إدارة غزة
غارات إسرائيلية تستهدف مطارا عسكريا في دمشق
هيئة الخدمة تنشر الكشف التنافسي التجريبي .. رابط
الأمن يكشف ملابسات اختلاق جريمة اعتداء مفتعلة في الزرقاء ويقبض على المتورطين
حراكيو اليرموك يتجهون للتصعيد ووقفة واسعة قريباً
الرئاسة المصرية: القادة العرب أعلنوا دعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير
الأمير فيصل يشارك مرتبات سلاح الجو ومتقاعدين عسكريين مأدبة الإفطار
أمانة عمان تعلن الأحد عطلة رسمية احتفالًا بهذه المناسبة
أول سيارة كهربائية ببطارية صلبة من مرسيدس
إحالة موظفين إلى التقاعد وإنهاء خدمات آخرين .. أسماء
الملكة رانيا تنشر مشاهد من إفطار العائلة الهاشمية الرمضاني .. فيديو
ما هي أشهر عادة يمارسها الأردنيون في رمضان ؟
الحكومة تتخذ قرارين لضخ 80 مليون دينار في السوق
توزيع قسائم شرائية بقيمة 100 دينار على 60 ألف أسرة
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات في وزارة التربية .. أسماء
أردنيون مطلوبون للقضاء .. أسماء
الفنان حسين طبيشات بتخرج ابنته من جامعة البترا
الحالة الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة .. تفاصيل
التربية تعلن أسماء الفائزين بقرعة الحج .. فيديو
نجيب ساويرس:لا داعي لإضافة كلمة العربية إلى جمهورية مصر