الذكاء الاصطناعي والإعلام

mainThumb

04-03-2025 11:14 AM

شهد الإعلام تحولات جذرية على مدى العقود الماضية، لكن لم يكن لأي تطور تأثير بحجم ما أحدثه الذكاء الاصطناعي. اليوم، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل اهتمامات الجمهور، وصياغة المحتوى، وحتى إنتاج الأخبار بطريقة لم تكن ممكنة من قبل. في ظل هذا المشهد الإعلامي الجديد، يبرز السؤال: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على تشكيل الرأي العام؟ وما هي الأساليب الحديثة التي تعزز تأثير الإعلام في العصر الرقمي؟

الذكاء الاصطناعي وفهم الجمهور
أصبح فهم الجمهور وتقديم محتوى يتناسب مع اهتماماته من العوامل الأساسية لنجاح أي وسيلة إعلامية. الذكاء الاصطناعي يتيح للإعلاميين تحليل البيانات الضخمة القادمة من وسائل التواصل الاجتماعي، وسجلات البحث، وأنماط استهلاك المحتوى، مما يمكنهم من تقديم أخبار وتقارير تتماشى مع توقعات الجمهور.
وفقًا لدراسة نشرتها المجلة المصرية لبحوث الإعلام، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل تفضيلات الجمهور يساهم في رفع كفاءة المحتوى الإعلامي بنسبة تصل إلى 40%، حيث يتم تخصيص الأخبار والمقالات بناءً على اهتمامات القراء الفعلية وليس الافتراضية فقط.
تحسين جودة المحتوى الإعلامي
الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على التحليل فقط، بل يلعب دوراً رئيسياً في إنتاج الأخبار والمحتوى الإعلامي، بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى، مثل وكالة أسوشييتد برس ورويترز، بدأت بالفعل في استخدام تقنيات "صحافة الروبوت"، حيث تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بكتابة تقارير رياضية ومالية بسرعة وكفاءة عالية.
في مصر، يؤكد بعض خبراء الإعلام الرقمي، أن "التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي يعززان من دقة الأخبار وتحليلها، مما يسمح للصحفيين بالتركيز على إنتاج محتوى أكثر تعمقاً بدلاً من المهام الروتينية"

أهم الأساليب الإعلامية تأثيراً في العصر الرقمي.
تطورت اساليب ووسائل الإعلام مع التطورات التقنية لتلك الوسائل، ويمكن الإشارة إلى أهم وسائل واساليب الإعلام تأثيراً في هذا العصر وفقا لما أشارت إليه بعض الدراسات المختصة:
1. المنصات الرقمية وخدمات البث المباشر
تحولت منصات مثل نتفليكس وأمازون برايم وهولو إلى مصادر رئيسية للمعلومات والترفيه، حيث توفر محتوى مخصصاً بناءً على تحليل تفضيلات المستخدمين. وفي العالم العربي، تبرز منصات مثل شاهد وWatch It، التي غيرت من عادات المشاهدة التقليدية وسمحت بتخصيص المحتوى حسب ذوق المشاهد.
2. وسائل التواصل الاجتماعي
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أدوات رئيسية في نشر الأخبار والتأثير على الرأي العام، حيث تتيح للمستخدمين التفاعل والمشاركة. وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة رويترز للصحافة، فإن أكثر من 55% من الأشخاص يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، مما يجعلها ساحة رئيسية لصياغة الرأي العام وتوجيهه.
3. التكنولوجيا التفاعلية والواقع الافتراضي
بدأت المؤسسات الإعلامية في استكشاف تقنيات مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتقديم تجارب إعلامية أكثر تفاعلية. على سبيل المثال، استخدمت نيويورك تايمز تقنية الواقع الافتراضي في تقاريرها الاستقصائية، مما مكن الجمهور من "التواجد" داخل المشهد الإعلامي بطريقة غير مسبوقة.
4. الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات
تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوكيات المستخدمين وتقديم محتوى مخصص لكل فرد، مما يزيد من التفاعل والمشاركة. كما تساهم هذه التقنيات في التنبؤ بالاتجاهات الإعلامية المستقبلية بناءً على البيانات الضخمة المتاحة.
التحديات والمخاطر المحتملة
رغم الفوائد الهائلة، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام تحديات تتعلق بالمصداقية والأخلاقيات. ومن أخطر هذه التحديات انتشار الأخبار المزيفة والتلاعب بالمعلومات من خلال تقنيات مثل "التزييف العميق"
أشار تقرير صادر عن مؤسسة RAND إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز نشر المعلومات المضللة بسرعة غير مسبوقة، مما يستدعي تطوير استراتيجيات لمكافحة التلاعب الإعلامي وضمان دقة الأخبار.
أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية للعاملين في الإعلام
في ظل هذه التحولات، لم يعد مواكبة التكنولوجيا خياراً للعاملين في الإعلام، بل ضرورة لضمان الاستمرارية والتنافسية. تحتاج المؤسسات الإعلامية إلى تدريب كوادرها على أدوات الذكاء الاصطناعي، وتطوير استراتيجيات جديدة تناسب بيئة الإعلام الرقمي.
تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول تأثير التكنولوجيات الرقمية أكد أن هذه الأدوات يمكن أن تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز العدالة في توزيع المعلومات، لكنها في الوقت نفسه تطرح تحديات جديدة تتطلب سياسات واضحة لمواجهتها.
ختاماً فإن؛

الذكاء الاصطناعي اليوم يُعد المحرك الأساسي لتطور الإعلام وتأثيره في الرأي العام. وبينما يوفر فرصاً هائلة لتطوير المحتوى وتخصيصه، فإنه يفرض تحديات جديدة تتطلب من المؤسسات الإعلامية والعاملين في المجال تطوير مهاراتهم والاستثمار في التقنيات الحديثة لضمان التأثير الفعّال في الجمهور. في عالم يتحول بسرعة نحو الرقمنة، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن الإعلام التقليدي والعاملين فيه من التكيف مع هذا التغيير أم سيتجاوزهم العصر الرقمي ويصبحوا في طي النسيان؟






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد