زمان

mainThumb

02-03-2025 11:29 PM

كان بعد أذان المغرب ابتهالاتٌ ودعاءٌ لمدةٍ أقلها نصف ساعة، وكانت فرقُ الإنشاد حاضرةً، وكان صوتُ الشيخ النقشبندي له أثرٌ كبيرٌ في نفوسنا، ومن أجمَل ما يُبثُّ في ساعة الغروب، خاصةً ابتهالاتُه المنشودة: «الله الله لا إله إلا الله». كنا نحفظ الأناشيدَ، رمضانَ تجلى وابتسم، طوبى للعبد إذا اغتنم (للمنشد توفيق المنجد). وبِمجرد أن نسمع نشيدًا معينًا، نشعر برهبةٍ وإحساسٍ لا يُوصف، مثل: «مولاي، إنني ببابك قد بسطتُ يدي». ومن لا يتذكر البرنامجَ الذي كانت تقدمه الإعلاميةُ زهور الصعوب (رحمها الله) بصوتها الجميل، وكانت تعرض علينا فقراتٍ دينيةً؟

اليوم، قبل الأذان وبعده، دعايةٌ إعلانيةٌ لمنتجات الأرز والسمنة، ومحلُّ حلوياتٍ يعرض أصناف حلوياته. على الشعب أن يختار القطايفَ من محلات السوبرماركت، والألبان، والمخابز، والمطاعم؛ بسبب توفُّر المنافسة عليها. مُصِرِّينَ على أن يُذكِّروك بالمنسف والجميد وأنت جئتَ تظنُّ نفسَك تأكلُ قلايةَ بندورة وصحنَ فول!

زمان، كنتَ تتابع قناةً واحدةً، ومجبورٌ أن تضحكَ على مسلسلٍ كوميديٍّ تشوفه أحلى ما يكون، وفي النهاية يكون هادفًا فيه نقدٌ للمجتمع، مثل مسلسل «معقول يا ناس». اليوم، الخيارات كثيرةٌ، ومش قادر تنسجم مع ما يُبثُّ من تفاهةٍ. اليوم بنعرض عليك مسلسلًا كوميديًّا بدهم يضحكوك غصبًا عنك، وأنت مش قادر تنسجم مع أي دراما؛ لأن الواقع حزينٌ جدًّا، يُذكِّرنا بأخبار أهلنا في غزة والدول العربية.

زمان، كان العيدُ والتفكيرُ بلباس العيد بآخر رمضان. اليوم صارت إعلاناتُ العيد وملابسُه وحلواه تُعرَض علينا قبل ما يجيء العيد. أصبح المواطن يحسب مضي أيام رمضان وكأنه هَمٌّ وليس فرحًا وعبادةً.

وفي النهاية بنقول: رمضان تغير، لا بل نحن تغيرنا، والتكنولوجيا هي التي غيَّرتنا! ضَعُف تركيزُنا على اغتنام فرصة حلول رمضان، وغيّرت أطباعَنا لدرجة أن البعض لا يشعر بعظمة الشهر الفضيل بكل تفاصيله وجماله وعاداته. أصبحنا نقلِّد ما نشاهده، يغرُّنا ما يُعرَض علينا، حتى أصبحت تصرفاتُنا تشبه تلك الشخصيات. وفي النهاية نشتاق إلى رمضان الذي كان فيه البساطة، والعودة إلى الماضي لنتذكر ما يجب أن نفعله ليبقى رمضانُ الماضي والحاضر هو نفسه، لا نتغير عليه..


ورمضان كريم."



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد