هل تنجح سوريا في إعادة تموضعها عبر البوابة الأردنية

mainThumb

26-02-2025 05:56 PM

في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، زار الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، الأردن في محطة دبلوماسية تعكس مسارًا جديدًا للسياسة السورية، وتأتي بعد زيارته للمملكة العربية السعودية، ما يؤكد أن دمشق تعمل على تعزيز حضورها العربي وتقليل النفوذ الإقليمي غير العربي، لا سيما الإيراني. غير أن الزيارة لا تقتصر على بناء الجسور السياسية فقط، بل تأتي أيضًا في سياق استثمار سوريا في العلاقات الأردنية وحضور عمّان القوي إقليميًا ودوليًا، خصوصًا في ظل استمرار بعض الأطراف الدولية في التعامل بحذر مع النظام السوري الجديد، واعتباره "تحت الاختبار".
لطالما كان الأردن حلقة وصل رئيسية بين سوريا والعالم، ليس فقط بحكم الجغرافيا، ولكن أيضًا بسبب القبول السياسي والدبلوماسي الذي تحظى به عمّان على المستوى الدولي. ومع سعي سوريا إلى إعادة بناء علاقاتها والانخراط في منظومة العمل العربي والدولي، فإن الأردن يبدو الشريك الأمثل لتسويق الملفات السورية التي تحتاج إلى توافق دولي واسع لفكفكتها، خاصة ما يتعلق بإعادة الإعمار، ورفع العقوبات، وإعادة الاندماج في المنظومة الدولية.
كما أن الأردن يتمتع بقدرة دبلوماسية فريدة في التوسط بين مختلف الأطراف، وهو ما يجعله لاعبًا رئيسيًا "موثوقا" في أي تسوية مستقبلية للملف السوري. ومن هذا المنطلق، يمكن فهم زيارة الشرع إلى عمان على أنها محاولة للاستفادة من هذا الحضور الأردني في الساحة الدولية، خاصة في ظل استمرار بعض الدول الغربية في التعامل بحذر مع القيادة السورية الجديدة.
ولا يمكن فصل هذه الزيارة عن التوجه السوري الجديد نحو تقليص النفوذ الإيراني في الملفات الداخلية، وهو ما يتضح من اختيار السعودية والأردن كأولى محطات الشرع الخارجية. فالرياض وعمّان تمثلان قوتين محوريتين في المنطقة، وهما من الدول الأكثر تأثيرًا الى جانب مصر والامارات وقطر في إعادة ترتيب المشهد السوري بما يضمن استقراره وانفتاحه على العالم العربي، بعيدًا عن سياسات المحاور التي عمّقت عزلة دمشق خلال السنوات الماضية.
في الوقت ذاته، فإن هذه التحركات السورية قد تكون بمثابة اختبار لإمكانية إعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي، خصوصًا أن هناك أطرافًا لا تزال ترى النظام الجديد في دمشق "تحت الاختبار". وبالتالي، فإن الاستفادة من الدور الأردني في تسويق رؤية جديدة لسوريا يمكن أن يشكل نقطة تحول في مستقبل العلاقات السورية الدولية.
الزيارة، إذًا، ليست مجرد تحرك بروتوكولي، بل تحمل في طياتها محاولة لإعادة ترتيب الأولويات السورية بما يتلاءم مع التغيرات في المشهد الإقليمي والدولي. ومع استمرار الضغوط لإيجاد حل شامل للأزمة السورية، يبدو أن دمشق تدرك أهمية الانفتاح على القوى العربية المؤثرة، والاستفادة من حضورها في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
فهل تنجح سوريا في إعادة تموضعها عبر البوابة الأردنية؟ وهل يستطيع الأردن، بما يمتلكه من شبكة علاقات دولية وإقليمية، تسويق الملفات السورية بفعالية وإقناع العالم بفتح صفحة جديدة مع دمشق؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير عن مآلات هذا التقارب ومدى نجاحه في تحقيق الأهداف المرجوة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد