فيضانات مفاجئة تهدد آثار البترا وتفاقم المخاطر المناخية

mainThumb
البترا

26-02-2025 10:32 AM

عمان- السوسنة

حذّر خبراء الآثار والبيئة من الخطر المتزايد الذي تشكله الفيضانات المفاجئة على محمية البترا الأثرية، إذ باتت تهدد المعالم المنحوتة في الصخور الوردية، خاصة مع ازدياد حالات السيول الجارفة في المنطقة. وتعمل سلطة إقليم البترا التنموي السياحي على تكثيف جهودها لحماية هذا الإرث العالمي الفريد.

وأكد خبير الآثار الدكتور محمد الطراونة، أن الفيضانات المفاجئة تُعد من أخطر الظواهر الطبيعية التي تهدد مدينة البترا، حيث تؤدي الأمطار الغزيرة إلى تدفق كميات كبيرة من المياه عبر الوديان والشقوق الصخرية، ما يسبب تآكل المعالم الأثرية والمنحوتات الحجرية. كما تؤثر الرطوبة العالية على واجهات الحجر الرملي، مشيرًا إلى ضرورة إعادة تأهيل السدود النبطية للحد من مخاطر الفيضانات.

من جهته، أوضح أستاذ جيولوجيا المياه والبيئة والاستكشاف الجيوفيزيائي في جامعة الحسين بن طلال، الدكتور محمد الفرجات، أن الفيضانات تؤثر بشكل كبير على صخور وآثار محمية البترا، حيث تُسرّع عمليات الحتّ والتعرية، خاصة أن معظم آثار المدينة منحوتة في صخور رملية ذات تماسك متباين، ما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والانهيار نتيجة تدفق المياه الجارف.

كما أشار إلى أن التغير المناخي يفاقم هذه المخاطر، مع تزايد شدة الفيضانات وتكرارها في العقود الأخيرة.

وأضاف الفرجات أن الفيضانات تنحت قيعان الواجهات والأعمدة الأثرية، ما يزيد من خطر تآكلها وعدم استقرارها، فضلًا عن ارتفاع احتمال تساقط الكتل الصخرية ضعيفة التماسك، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للزوار والبنية الأثرية نفسها.

وأكد ضرورة إجراء دراسات جيوهندسية تفصيلية لضمان ثباتية الصخور واستقرارها، لحماية هذه المعالم التاريخية من التأثيرات البيئية المتزايدة.

وفي سياق متصل، أوضح خبير الآثار والباحث طاهر الفلاحات أن التباين الكبير في درجات الحرارة بين الليل والنهار يزيد من المخاطر التي تواجه الموقع الأثري، إذ تؤدي طبيعة الصخور الرملية إلى تأثرها السريع بعوامل الطقس المختلفة. وأشار إلى أن التغير المستمر في درجات الحرارة يتسبب في تشققات وتصدعات في الصخور، ما يُضعف المعالم الأثرية على المدى الطويل.

وأكدت خبيرة الدراسات المناخية والنمذجة الهيدرولوجية، والمسؤولة عن قسم إدارة المخاطر في سلطة إقليم البترا، الدكتورة دانية العيساوي، أن التغير المناخي يشكل تهديدًا متزايدًا على المواقع الأثرية في الأردن، وعلى رأسها البترا، التي أصبحت أكثر عرضة للفيضانات المفاجئة بسبب التحولات في أنماط الطقس. وأوضحت أن الموقع، نظرًا لوقوعه في وادٍ ضيق، معرض بشكل خاص لجريان السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة، ما قد يؤدي إلى أضرار جسيمة على المعالم الأثرية، ويشكل خطرًا على الزوار.

وأشارت العيساوي إلى أن فيضانات تشرين الثاني/نوفمبر 2018 كانت مثالًا واضحًا على هذه المخاطر، حيث استدعت إخلاء السياح من الموقع، ما يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز إجراءات الحماية والتكيف مع الظواهر المناخية المتزايدة.

وأضافت أن السلطة اتخذت عدة تدابير للتخفيف من آثار الفيضانات، بما في ذلك أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين البنية التحتية للصرف، وتعزيز خطط إدارة الكوارث والاستجابة للطوارئ.

كما شددت على أهمية تعزيز الوعي العام والتدريب على الاستعداد لمخاطر الفيضانات، مع فرض لوائح صارمة على البناء واستخدام الأراضي في المناطق المعرضة للخطر.

وأكدت العيساوي على ضرورة تحديث نظام الإنذار المبكر بحيث يدمج التوقعات المناخية، مما يسمح بتحذيرات أكثر دقة، إضافة إلى تطوير خرائط تفصيلية لمخاطر الفيضانات تشمل جميع أنحاء المنطقة، وتأخذ في الاعتبار سيناريوهات التغير المناخي المستقبلية.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن حماية البترا تتطلب نهجًا متكاملًا يجمع بين البحث العلمي، والتخطيط الهندسي، والإدارة البيئية المستدامة، لضمان الحفاظ على هذا الموقع الأثري الفريد للأجيال القادمة .  

إقرأ المزيد : 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد