عيب عليهم: السياسة بين الولاء والتبعية

mainThumb

23-02-2025 06:24 PM

في المشهد السياسي الأردني، يبقى سؤال الولاء الوطني مثار جدلٍ دائم، خاصة حين يتداخل مع الانتماءات العابرة للحدود. تصريح جلالة الملك الأخير حول وجود جهاتٍ تأخذ أوامرها من الخارج فتح الباب مجدداً لمناقشة مدى استقلالية بعض التيارات السياسية وتأثير القوى الخارجية على توجهاتها.

لطالما رفعت بعض الأحزاب شعارات الديمقراطية والمصلحة الوطنية، لكنها في محطاتٍ عديدة أظهرت ميلاً لمواءمة خطابها وفقاً لمتطلبات خارجية. في حين تعلن التزامها بالمشاركة السياسية داخل الأردن، نجد مواقفها الدولية متأثرة بتحالفات إقليمية تعكس أجندات لا تتوافق دائماً مع الأولويات الوطنية. فإلى أي مدى يمكن الحديث عن استقلالية القرار حين تتبدل المواقف بتبدل الإشارات القادمة من الخارج؟

ومن الملاحظ أن بعض التيارات استطاعت التغلغل في المؤسسات النقابية والخدمية، ليس فقط لتقديم خدمات للمجتمع، ولكن أيضاً لتكوين قاعدة نفوذ تُستخدم عند الحاجة لتحقيق مكاسب سياسية. هذه الاستراتيجية تجعل من العمل المدني أداة لتعزيز أجندات أيديولوجية، مما يطرح تساؤلاً حول مدى التزام هذه الجهات بالدور الخدمي الحقيقي.

كما لا يمكن إنكار أن المال السياسي بات لاعباً رئيسياً في تشكيل المواقف. التمويلات التي تتدفق عبر قنوات غير شفافة تطرح أيضاً علامات استفهام حول مدى تأثير الدعم الخارجي على استقلالية القرار الحزبي. في سياق كهذا، يصبح الحديث عن قرار وطني مستقل أمراً معقداً، خاصة عندما تكون المصالح الاقتصادية للحزب مرتبطة بداعمين من خارج الحدود.
منذ عقود، أظهرت بعض التيارات قدرة على التكيف مع المتغيرات السياسية، فبينما تبنت نهج المعارضة حين لم تكن في موقع قوة، فإنها لم تتردد في تغيير مواقفها حين سنحت الفرصة لدخول المشهد السياسي الرسمي. هذا التلون في المواقف يثير تساؤلات حول مدى اتساق الخطاب السياسي مع المبادئ الفعلية، أم أن المصالح الآنية هي التي تحكم؟

ويبقى التوظيف الديني أحد أبرز الأدوات التي تستخدمها بعض الأحزاب لحشد التأييد، حيث تُطرح القضايا السياسية في إطار ديني لكسب التعاطف الشعبي. لكن عند فحص الأداء الفعلي لهذه الجهات، نجد فجوة واضحة بين الشعارات والممارسات، إذ نادراً ما تترجم هذه الخطابات إلى مشاريع تنموية حقيقية تعود بالنفع على المواطن.

حين يكون القرار السياسي مرتبطاً بتوجيهات خارجية، يصبح من المشروع التساؤل عن مدى الإخلاص للمصلحة الوطنية. فالمعارضة الحقيقية تُبنى على مبادئ واضحة تستهدف الإصلاح، لا على أجندات تملى من الخارج. وفي ظل التحديات التي يواجهها الأردن، يبقى الرهان على وعي الشارع في التمييز بين من يعمل لأجل الوطن، ومن ينتظر التوجيهات قبل اتخاذ المواقف.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد