ادفنوهم تحت بيوتهم

mainThumb

22-02-2025 02:41 AM

تم مؤخراً انتشال عشرات الجثث لشهداء فلسطينيين من تحت أنقاض بيوتهم في غزة. ولأن جنود الاحتلال يواصلون حربهم على جنين ويحرقون منازلها، ومن لا يهاجر يتم هدم منزله فوقه وتدمير البنى التحتية. أما السجناء العرب فلديهم الكثير الذي يحكونه عن محاولات إذلالهم في السجون الإسرائيلية، وإرغامهم على خلع ثيابهم (بحجة أمنية) ويحدث ذلك للسجينات النساء، حيث تتم تعريتهن حتى الاغتصاب. ذلك كله لأن إسرائيل ما تزال تحلم بتحقيق «دولة إسرائيل الكبرى» وطرد الفلسطينيين، وهو حلم لن يتحقق لها ما دام ثمة عربي حي.

بروين حبيب.. والقطط
في 25 تموز (يوليو) 2016، وعلى الأرجح قبل أن أبدأ الكتابة في «القدس العربي»، قصصت مقالاً كتبته الشاعرة بروين حبيب (البحرين) بعنوان «أصدقاء القطط»، ولفتني المقال لأنني من عشاق القطط منذ صغري وكنت أحب أن أزور عمتي في دمشق ـ حي الحلبوني ـ لأنها كانت دوماً تحتفظ بقطة تدعوها فلة، وإذا ماتت تحل محلها فلة أخرى وهكذا… ولم أكن يومئذ أرى أن الشعراء يكتبون بحب عن القطط ويرسمونهم، أمثال بودلير ونيرودا وايلوار ودالي وتيري وارهول وسواهم. لكنني أحب أن أضيف إلى صفات قطط عايشتها، بصفتي من عشاقها، وهذه الصفة هي الغيرة. وحين أنجبت ابني، لاحظت أن قطتي تغار منه (ربما من حبي له الذي سرق حبي لها) وصارت تنتظر أن أغادر غرفته لتغزو عليه وتؤذيه بسبب غيرتها منه. وكان عليّ التخلص من ابني أو القطة.. وهكذا أعطيت القطة لصديقة كبرَ أولادها. القطط تغار كالبشر، وقد لاحظ ذلك الذين كتبوا عنها، وما أكثرهم!

مراهقون مجرمون؟
عصابات تهريب المخدرات في لندن وفي مرسيليا فرنسا، ترتاح إلى استخدام المراهقين في أعمالها غير الشرعية، ولأنهم إذا ألقي القبض عليهم ليس لديهم ما يدلونه للشرطة غير أرباحهم من ذلك. وإذا كان فتى عمره 14 سنة قد قتل في حرب عصابات في لندن، فذلك يحدث في فرنسا وفي مارسيليا بالذات. والأمهات يقلقن حين يغادر الابن البيت، لأنهن لا يعرفن إذا كان سيعود حياً أم لا. وتلك المظاهرة، ظاهرة استخدام المراهقين في العصابات، لا بد من معاقبة المسؤول عن قتل كل مراهق لشخصه، لأنه في جوهر الأمر هو القاتل الحقيقي، والذي فجر تلك المآسي هو مقتل فتى طعناً في لندن، والمسؤول هو طبعاً من استخدمه في حرب العصابات أو في أمور أخرى غير شرعية، كتهريب المخدرات. وذلك محزن للأمهات!

لا تأمن لممرضة!
تتكاثر حكاية الممرضات اللواتي يقتلن أطفالاً بعهدتهن، ومربيات الأطفال اللواتي يقتلن أطفالاً من المفترض العناية بهم خلال غياب الأهل.
ومؤخراً، قتلت مربية أطفال في مدينة ليون الفرنسية، طفلة عمرها 22 شهراً، وتبين أن الطفلة ماتت اختناقاً. ما الذي يدفع مربية أطفال إلى قتل طفلة بريئة خنقاً؟ ترى، هل المربية بلا أولاد لتقتل طفلة دون السنتين انتقاماً لحرمانها من الأمومة؟ لا أعتقد أن أماً لها أولاد تعمل كمربية أطفال من أجل الكسب المادي يمكن أن تقتل طفلة هي مسؤولة عن رعايتها. وأظن أنه من الأفضل حين تنجب أمّ ما طفلاً، أن تكون قادرة على رعايته بنفسها ريثما يكبر، وأن تهتم به هي أو زوجها والد الطفل في زمن أضحى فيه قتل الطفل بدون تأنيب الضمير أمراً ممكناً، وعلى الأم ألا تثق بأحد سواها!

لست سابحة للقتل!
نحن كما سبق وذكرت، نحب أكل الأسماك ونتفنن في أساليب طهوها.. ولكن الأسماك بدأت انتقامها من البشر ولم تأكلهم بعد.. فقد توفي منذ أشهر سائح إيطالي في البحر الأحمر قبالة السواحل المصرية بعدما عضته سمكة قرش وهاجمته، وذلك قلما يحدث. فهل جاء الزمن الذي تنتقم فيه الأسماك مع تعاملنا الوحشي في نظرها حين نصطادها لأكلها؟
لم يدهشني الخبر حين قرأته. فالحيوانات بما فيها أسماك القرش، ضاقت ذرعاً بتعامل البشر معها كحيوانات للطبخ ولتكون نهايتها في صحون المطاعم والبيوت وليس في البحر.
ولأنني من عشاق السباحة، أحار كيف أقول للأسماك إنني لست قادمة لقتلها، بل لمشاركتها متعة السباحة في البحر حيث تعيش.
ماتوا وكانوا وحدهم
فرنسا عامة، تجد أن وفاة المسنين وهم وحدهم في المنزل، مشكلة اجتماعية أليمة ومقلقة، وهكذا دون أن يدري بهم أحد غير الجيران، فالذين بلغوا (خريف العمر) في فرنسا قد تموت إحداهن بمفردها دون أن يكون إلى جانبها أحد أولادها.
ولكن بعض المسنين يرحل وله ابن أو ابنة في الغرفة المجاورة، لكنه يرحل أثناء نومه دون أن يدري أصلاً أنه يموت. وهي أجمل ميتة. فنحن حين نولد نصاب بجرثومة الموت، وليس مكتوباً على جباهنا تاريخ انتهاء صلاحيتنا للحياة في هذا الكوكب، ولا أحد يدري متى سيموت. ولذا، نجد في فرنسا العديد من البيوت الخاصة بالمسنين يودعهم بها أولادهم لاضطرارهم للذهاب إلى أعمالهم. والأفضل أن يألف الإنسان منذ شبابه أنه سيشيخ يوماً وقد يكون وحيداً دون أن يجد في ذلك سبباً للقلق. إنها الحياة، ووجهها الآخر الموت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد