الدبلوماسية الذكية: سيفٌ في غمد الرحمة
في ردهات البيت الأبيض، حيث تحاك خيوط المصير لشعوب بأكملها، وتصاغ قرارات تعيد تشكيل الخرائط السياسية بمقاييس المصالح لا بموازين العدالة، جلس الملك عبدالله الثاني في مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يكن اللقاء لقاء مجاملات ولم يكن لقاءً بروتوكولياً، ولم تكن الطاولة مستديرة بما يكفي لتتسع لمساومات على حقوق الشعوب.
كان الامر أكبر من محادثات دبلوماسية عادية، كان مواجهة بين رجلٍ يحمل إرث أمة وبين رئيس اعتاد أن يحول كل شيء الى صفقة، كان اختبار حقيقي لدبلوماسية ملك اعتاد أن يكون صوتاً ثابتاً للحق في عالمٍ مليء بالمساومات.
كان الحديث عن غزة، عن أرض تتقاذفها النيران من كل اتجاه، وعن شعب يحاصره الموت من كل صوب، عن مستقبل وطن تكتب فصول نكبته من جديد تحت مسمى "الحل النهائي" ومقترحات شعارها "السلام" لكنها في حقيقتها تحمل بين طياتها مشروع تهجير قسري، اقتلاعا لشعب من أرضه، وكأن البشر مجرد أصول تنقل من مكان الى آخر.
كانت نظرات الملك لترامب وهو يتحدث باسترسال عن "الفرص الممكنة"، نظرات قائد يعرف ان كل كلمة تقال هنا قد تترك أثراً لعقود وقد تحدد مصير أمة وتسجل في كتب التاريخ، كان يعلم بأن هنالك شعب ينظر اليه كصمام أمان في زمن تتغير فيه المبادئ كما تتغير فصول السنة، وحين انتهى ترامب من استعراض "خريطته الجديدة" جاء الرد: الأردن لن يكون وطناً بديلاً.. لن يكون جزء من أي مخطط لتصفية القضية الفلسطينية.. فلسطين للفلسطينيين.. ولن أفعل الا ما فيه مصلحة بلدي.. “، ليجد ترامب نفسه أمام رجل لا يتحدث بلغة المساومات، قائد يحول طاولة التفاوض لصالحه، ولا يفاوض على المبادئ.
لكن الدبلوماسية ليست مجرد معركة رفض وقبول، إنها فن المناورة بحنكة، فن تقديم البدائل دون التفريط بالمبادئ، وهنا جاءت خطوة الملك الذكية في تقديم مبادرة إنسانية لا يمكن رفضها باستقبال الأردن لألفي طفل مريض من غزة، لتلقي العلاج والرعاية الطبية، مما يعني أن الأردن لن يكون طرفًا في أي مؤامرة، لكنه لن يتخلى عن واجبه الإنساني.
كان هذا الموقف كالصاعقة، فلا يمكن رفضه دون أن تبدو الولايات المتحدة غير إنسانية، ولا يمكن قبوله دون الاعتراف بأن الأردن لا يخضع للضغوط.
حين خرج الملك من الاجتماع، كان واضحًا أن الموقف الأردني لم يتزحزح قيد أنملة، لم يُنتزع منه أي تنازل، لم يُفرض عليه أي اتفاق، بل خرج كما دخل، شامخًا بموقفه، ثابتًا في رؤيته، لم يمنح وعودًا، ولم يغيّر حرفًا واحدًا من موقفه، كانت جبهته مرفوعة كما دخل، وكان في خطواته ثقل قائد لم ينحني أمام أقوى دولة في العالم، قائد خرج من اللقاء منتصراً بلا معركة.
لكن اللحظة الأعظم لم تكن في واشنطن، بل كانت عند عودته إلى أرض الوطن، حين دخلت طائرته المجال الجوي الأردني، كانت الشوارع قد غصّت بالآلاف، خرجوا لاستقباله استقبال الأبطال، يهتفون باسمه، يرفعون صوره، يرددون شعارات تؤكد أن الأردن، بقيادته، لن يكون يومًا إلا مع فلسطين، قلبًا وقالباً، لم يكن الاستقبال مجرد بروتوكول رسمي وليس لأنه مليكهم فقط، بل لأنه قائد لم يبعهم، لم يخيب ظنهم، ولم يساوم، قائد قال "لا" حين كان كثيرون مستعدين لقول "نعم"، عاد كما ذهب، صلبًا كجبل، حارسًا أمينًا لحقوق وطنه وأمته.
وفي عينيه، وهو يلوّح للجموع المحتشدة، كان هناك أكثر من مجرد فخر، كان هناك انتصار، ليس انتصارًا سياسيًا عابرًا، بل انتصار للموقف، للقيم، للكرامة التي لا تُشترى.
لم يكن لقاء الملك عبدالله الثاني وترامب مجرد اجتماع سياسي، بل كان درسًا في القيادة، فلم يكن الملك عبدالله الثاني مجرد زعيم يفاوض، بل كان رجلًا يحمل قضية، رجلًا يفهم أن القوة ليست في الصراخ، بل في الثبات، وأن الدبلوماسية ليست في المجاملات، بل في الحزم، وأن المواقف لا تُشترى، بل تُصان.
واليوم، بعدما هدأت الضجة حول ذلك اللقاء، وبعدما أدرك الجميع أن الأردن لم ينكسر، يبقى السؤال: هل ستفهم القوى الكبرى أن هناك شعوبًا لا تُباع، وأن هناك قادة لا يتنازلون، أم أن المواجهة مستمرة، وأن معركة الدبلوماسية لم تنتهِ بعد؟
تطورات جديدة على العاصفة القطبية جلمود .. تفاصيل
حاخام كبير يدعو يهود سوريا للعودة الى دمشق
السلط : تصاعد المطالب بحل مشكلة الكلاب الضالة
الإحتلال الإسرائيلي يستهدف عدة مناطق جنوب سوريا
من غزة إلى الإسكندرية: ترامب والمستوطنون في أريزونا
نائل البرغوثي وأسرى فلسطينيون يبلغون ذويهم بالإفراج عنهم
إعلان الحداد في دولة عربية بعد وفاة مسؤولين كبار
السيسي يهنئ جلالة الملك بنجاح العملية الجراحية
بلاغ حكومي بخصوص ساعات الدوام الرسمي في شهر رمضان
هل سيشهد الأردن عواصف ثلجية في شباط
أجمل قصيدة لطفلة أردنية في استقبال الملك:قالولي من وين انت يا بنت .. فيديو
توضيح من المركز الوطني للأزمات بشأن بناء مخيم إيواء بالأزرق
بيان مفتوح للتوقيع لإنقاذ جامعة اليرموك من أزمتها .. أسماء
تفاصيل المنخفض الجوي الجديد .. سيبدأ بهذا الموعد
فتح باب القبول المباشر في جامعات رسمية .. أسماء
استقبال شعبي للملك في مطار ماركا الخميس
توضيح من العمل بخصوص دوام القطاع الخاص في رمضان
وفاة بلال الكبيسي نجم طيور الجنة