مع الملك لأنه على الحق

mainThumb

13-02-2025 05:31 PM

بعد لقاء الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل يومين في البيت الأبيض، أثير الكثير من اللغط والجدل، إما جهلاً أو تعمداً، عن تغير في القرار الأردني حول مسألة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوطينهم في الأردن أو مصر أو السعودية، بحسب رأي الرئيس ترامب أو نظيره النتن ياهو.

سبقني الكثيرين في الطرح والتحليل، وراقبت معظم المقالات والتحليلات والتصريحات، التي في أصل بعضها قامت على المعلومة أو التشخيص االخاطئ.

ومن خلال كل ذلك أجد الرد والتوضيح واجب.
اولاً- وهو المهم أن هناك فئة من الناس، قلوبهم مُلئت غلاً وكراهيةً وحقداً على الأردن وأهله، نظاماً ومؤسسات وشعباً.
ينكرون الجميل، ويجحدون المعروف ولإحسان،ذلك شأنهم وأسأل الله أن يعافيهم مما ابتلوا به أنفسهم.

بطبعنا نحن معاشر الأردنيين، نتعامل مع الشقيق والصديق بحسن سجية، نبذل المعروف ما استطعنا، ولا نمُن بذلك على أحدٍ، لأنه شعارنا منذ قامت مملكتنا وأُرسيت دعائمها وشُيد بُنيانُها.

ثانياً - أعود للتوضيح فأقول،،
من خلال المؤتمر الصحفي، طرح السؤال التالي على الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وهو.. هل هناك جزء من الأرض في الأردن ترغبون في استقبال الفلسطينيين فيه؟
فكان جواب الملك... لقد أشرت إلى أنني سأضع مصلحة بلدي فوق كل إعتبار.
ثم كان السؤال الآخر موجهاً للرئيس ترامب، فقالت السائلة،، لماذا يجب على الملك ان يستقبل الفلسطينيين؟
لقد أوضح أنه لا يريد ذلك!

فكان رد الرئيس ترامب، حسناً لا أعلم، ولكن ربما لديه ما يقوله لأننا ناقشنا الأمر إيجاز.

ثم توجه ترامب إلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وقال له مخاطباً، أعتقد ربما أن هناك ما تريد قوله الآن!

هروب ترامب من الإجابه وتحويلها للملك عبدالله الثاني، كان من أجل إحراج الملك، أو إنتزاع إعتراف مغاير للموقف الأردني الرافض، لمبدأ التهجير والتوطين.

فكان جواب الملك دبلوماسياً وأكثر ذكاء وحنكة، فخرج من الرأي الشخصي، الرافض في أصله للتهجير، إلى انتظار رأي الأمة، فقال الملك عبدالله الثاني في إجابته، إذن السيد الرئيس، علينا أن نتذكر أن هناك خطة ستقدمها مصر والدول العربية.
ودعانا الأمير محمد بن سلمان، لإجراء مباحثات في الرياض، وأعتقد أن المهم هو كيف، نجد حلاً يُراعي مصالح الجميع.
وعلينا الأخذ بعين الإعتبار مصالح الولايات المتحدة، وشعوب المنطقة، وخاصة الشعب الأردني، وسنخوض اليوم نقاشات مهمة.
ثم جاء تأكيد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، على إن الأردن يستضيف وسيستضيف، اعداداً من مرضى السرطان، بحدود ألفي '' 2000 '' طفل، لتقديم العناية والرعايه الحرجه لهؤلاء الأطفال.
وهو موقف أردني معروف وثابت، قبل أن يُنتخب ترامب كرئيس للولايات المتحدة، والأطفال بعضهم لا يزال يُعالج في القطاعات الصحية المختلفة.
كما تم سابقاً إخراج مئات الحالات الطبية الحرجة للعلاج في مصر وتركيا وقطر وغيرها من الدول.

رأي الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الرافض للتهجير والداعي إلى حلول عقلانية، بعيداً عن الاستقواء، هو ما أكدته أيضاً الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في تصريح صحفي من البيت الأبيض فقالت : -
أراد الرئيس أن أُشارككم جميعاً، بأنه عُقد اجتماعاً رائعاً، مع الملك عبدالله ملك الأردن يوم أمس، وناقشنا العديد من القضايا، بما في ذلك قطاع غزة ومستقبله بشكل مفصل.
((ويريد الملك بشدة أن يبقى الفلسطينيون في أرضهم، مع العمل على مشاريع للتنمية من شأنها أن توفر فرص عمل بمستويات لم تشهدها من قبل)) .
لكن الرئيس يشعر أنه سيكون أفضل بكثير وأكثر واقعية إذا أمكن نقل هؤلاء الفلسطينيين إلى مناطق أكثر أماناً.

الموقف الأردني، وما دار من نقاشات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو أيضاً ما وضحه الملك عبدالله الثاني، في منشور له على حسابه الشخصي على منصة X:

فكتب '' اختتمت اجتماعًا بناءً مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض اليوم.
ممتنون للترحيب الحار من الرئيس.
لقد ناقشنا شراكة الأردن طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.
وتستمر في كونها شراكة من أجل الاستقرار والسلام والأمن المتبادل.

وشددت على أن التزامي الأول هو تجاه الأردن واستقراره ورفاهية الأردنيين.

وشددت على موقف الأردن الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وهذا هو الموقف العربي الموحد.
إن إعادة بناء غزة دون تهجير الفلسطينيين ومعالجة الوضع الإنساني المتردي يجب أن تكون الأولوية للجميع.
وإن تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين هو السبيل لضمان الاستقرار الإقليمي.
وهذا يتطلب قيادة الولايات المتحدة، الرئيس ترامب رجل سلام، وكان له دور فعال في تأمين وقف إطلاق النار في غزة. ونحن نتطلع إلى دور الولايات المتحدة وجميع أصحاب المصلحة لضمان استمرارها.
وشددت أيضًا على أهمية العمل على وقف التصعيد في الضفة الغربية، ومنع تدهور الوضع هناك، والذي يمكن أن يكون له آثار بعيدة المدى على المنطقة بأكملها.
وسنواصل القيام بدور نشط مع شركائنا للتوصل إلى سلام عادل وشامل للجميع في المنطقة.

ثم كان هناك بيان ورأي شخصي للرئيس ترامب، حول شخص الملك عبدالله والشعب الأردني، إذ أثنى عليه وامتدحه كما امتدح الأردنيين.

هذا توضيح وملخص لما كان في لقاء الملك عبدالله الثاني، مع الرئيس ترامب، وفيه تأكيد على موقف الأردن الرافض لسياسة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوطينهم في الأردن أو مصر أو غيرها من الدول.

البعض ذهب في تحليله أو بناء رأيه، على ترجمة منقولة عبر قناة الجزيرة، نقلتها عن وكالة رويترز، تفيد تلك الترجمة بشكل خاطئ، عن تغير في الموقف الرسمي الأردني.
هنا أضع أكبر العتب على البعثة الإعلامية المرافقة لجلالة الملك، والتي كان الواجب عليها، أن تكون هي مصدر الخبر لا غيرها.

كما كان عليها أن تتولى بيان الحق لاحقاً ، وتوضيح اللغط، وتصحيح الخطأ إلتي وقعت فيه قناة الجزيرة، وكان المطلوب أيضا، ان يتم مخاطبة قناة الجزيرة، ليكون هناك توضيحاً صحفياً مسؤولاً من إدارتها.

أعود للمواطن العربي بشكل عام، والأردني بشكل خاص،
إن ما تم تناقله وتناوله وبثه من تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعضه هو أمر مُعيب ومُشين معاً.

وكان الأولى على كل كاتب أو هاوي للكتابة، أن يرجع إلى مصادر الخبر الصحيح، أو ينتظر حتى يستقي من رأس النهر، ولا يشرب من وراء كل والغ؛

ولا يهرف بما لا يعرف، ويترك أمر التحليل والبيان لأهله، أو عندما ينتهي الحدث، وتكشف الحقائق يقول بقوله.

والسؤال لكل مواطن حر،، أين هو الدفاع عن الأمن الوطني العربي ؟
وكيف نتصرف إذا بث العدو أو ممن هم معه من الأعوان، بعض معلومات أخرى مضللة تستهدف أمن الدولة ومصالحها العُليا؟

ما جرى من هجمة مُمنهجة ضد الأردن، أعد لها بخبث ودهاء، واُوقدت نيران فتنتها، في مطابخ الموساد وأجهزة الإستخبارات الصهيونية،ومن معهم من الاذناب والاتباع عُباد الدرهم والدولار، ومشاريعهم الفكرية الخبيثة، التي تسعى دائما للوقيعة بين كل صديق.
ناهيك عن خططهم لتفريق كل الأشقاء ليسهل عليهم الوصول إلى ما يريدون.
وختاماً.. الحق أبلج، ولا ولن يكون هناك أي قدرة على تحويل الحق إلى باطل، لأن الحق ينتسب إلى الحق سبحانه وبحمده.

لكن المطلوب أن نكون جميعا ً، أكثر وعياً وأشدُ إدراكاً ، وأن لا نكون لقمة سائغة بأيدي الأعداء يوجهونها أنى أرادوا.
كما على الإعلام بكل مكوناته أن يكون أكثر وعياً، وأشدُ حرصاً على المصلحة العامة للبلاد، بعيداً عن الركض إلى مسمى السبق الصحفي، أو زيادة أعداد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
سيدنا الف الحمد لله على السلامة، كرار وليس فرار بإذن الله.

كاتب وباحث أردني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد