فلسطين في خطر وجودي

mainThumb

06-02-2025 09:47 AM

القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع على الأرض، بل هي قضية إنسانية وسياسية وقانونية تمتد جذورها لأكثر من قرن. فمنذ وعد بلفور عام 1917، الذي منح اليهود وطناً قومياً في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني، إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي ترسخ بعد نكبة 1948 ونكسة 1967، ظل الفلسطينيون يعانون من التهجير، القمع، وانتهاك حقوقهم. واليوم، تتجدد المخاطر بقرارات سياسية تهدد الوجود الفلسطيني، أبرزها محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض حلول تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، عبر تهجير السكان والاستحواذ على غزة بطرق تلتف على القوانين والمواثيق الدولية.
من وعد بلفور إلى الاحتلال الإسرائيلي
بدأت معاناة الشعب الفلسطيني رسميًا مع إعلان وعد بلفور عام 1917، حيث وعدت بريطانيا الحركة الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، دون أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان. وبعد عقود من الهجرة اليهودية المدعومة من القوى الغربية، جاءت نكبة 1948، التي أسفرت عن تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني، وتأسيس دولة الاحتلال على أنقاض القرى والمدن الفلسطينية. ولم يتوقف الاحتلال عند هذا الحد، فبعد نكسة 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية، القدس الشرقية، وقطاع غزة، وبدأت في بناء المستوطنات غير الشرعية، ما جعل حل الدولتين أكثر تعقيدًا.
صفقة القرن ومحاولات التهجير
في عام 2020، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما يُعرف بـ "صفقة القرن"، التي هدفت إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر فرض حلول مجحفة، من ضمنها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وجعل السيادة الإسرائيلية على معظم أراضي الضفة الغربية. كما سعت الإدارة الأمريكية في عهده إلى تصفية وكالة "الأونروا" التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين، ما يعد محاولة واضحة لطمس هويتهم.
ولم تقف مخاطر سياسات ترامب عند هذا الحد، بل ظهرت تقارير تتحدث عن محاولات لترحيل الفلسطينيين إلى دول أخرى، مثل الأردن ومصر، والترويج لمشاريع "اقتصادية" تهدف إلى استيعاب الفلسطينيين خارج وطنهم. كما طرحت الإدارة الأمريكية خططًا للاستحواذ على غزة، عبر مشاريع تهدف إلى عزل القطاع تمامًا عن القضية الفلسطينية وتحويله إلى كيان منفصل.
التحالف مع اليمين المتطرف وانتهاك القوانين الدولية
قرارات ترامب جاءت نتيجة تحالفه الوثيق مع اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي يسعى لإقامة "إسرائيل الكبرى" على حساب الفلسطينيين. هذا التحالف شجّع حكومة الاحتلال على المضي قدمًا في سياسة التوسع الاستيطاني، وفرض قوانين تكرس التمييز العنصري ضد الفلسطينيين.
إن هذه السياسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، حيث ترفض قرارات الأمم المتحدة الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية، وتؤكد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. كما أن تهجير السكان يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، ما يجعل هذه المخططات محل إدانة دولية، حتى لو كانت بعض الدول الغربية تغض الطرف عنها.
المخاطر على دول الجوار العربية
محاولات تصفية القضية الفلسطينية لا تؤثر فقط على الفلسطينيين، بل تشكل تهديدًا مباشرًا لدول الجوار العربية، وخاصة الأردن ومصر ولبنان. فمن خلال السعي إلى تهجير الفلسطينيين، تسعى إسرائيل إلى تحويل القضية من صراع على الأرض إلى "مشكلة لاجئين"، مما قد يؤدي إلى اضطرابات ديموغرافية وسياسية في المنطقة.
كما أن استمرار سياسات القمع والاحتلال يزيد من احتمالات تصاعد التوترات، ما قد يؤدي إلى اندلاع صراعات إقليمية تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها. فالقدس، التي تعتبر رمزًا دينيًا وتاريخيًا، ليست مجرد قضية فلسطينية، بل هي مسألة عربية وإسلامية ودولية، ما يجعل أي محاولات للاستيلاء عليها قنبلة موقوتة تهدد السلم الإقليمي.
الموقف المطلوب
في مواجهة هذه المخاطر، المطلوب هو موقف عربي وإسلامي موحد، يتجاوز بيانات الشجب والاستنكار إلى خطوات عملية، مثل تعزيز الدعم السياسي والاقتصادي للفلسطينيين، وتفعيل المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، والضغط على المجتمع الدولي لإلزام الاحتلال بقرارات الشرعية الدولية.
كما أن الدور الشعبي لا يقل أهمية، إذ يجب دعم القضية الفلسطينية عبر وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، والتوعية بمخاطر المخططات الصهيونية. القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع إقليمي، بل هي قضية عدالة إنسانية يجب الدفاع عنها بكل السبل الممكنة.
فلسطين اليوم في خطر، لكنها ليست وحدها. مادامت هناك إرادة عربية ودولية تتحدى مخططات اليمين المتطرف ومشاريع ترامب ، فإن كل محاولات التصفية ستظل محكومة بالفشل.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد