الاردن قدم أكثر مما قدمته أمريكا بكثير

mainThumb

05-02-2025 09:43 PM

يبرز الأردن كقلعة صامدة في وجه العواصف التي تهز الشرق الأوسط إلا أن هذا الصمود لم يأتِ دون ثمن باهظ فالأردن الذي يُعتبر حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة لم يتلقَ في المقابل سوى المزيد من الأعباء التي أرهقت استقراره السياسي والاقتصادي
"لقد قدمنا الكثير من الدعم لهما، وسيفعلان ما طلبناه منهما"
وهنا يقصد ترامب المملكة الاردنية الهاشمية والجمهورية العربية المصرية
ونرد مصممين غير مشككين لقد ضحى الأردن بالكثير في المنطقة لكنه لم يحصل على الدعم الكافي الذي يعوضه عن التضحيات الجسيمة التي قدمها بل على العكس وجد نفسه في مواجهة تدخلات أمريكية مباشرة وغير مباشرة حاولت فرض إملاءات تتناقض مع مصالحه الوطنية وأمنه القومي.
لا يمكن الحديث عن الدور الأمريكي في المنطقة دون استحضار الخراب الذي خلفته سياسات الولايات المتحدة في العراق فبعد غزو العراق عام 2003 دمرت البنية التحتية للبلاد وانهارت مؤسسات الدولة وتحول العراق إلى ساحة للصراعات الطائفية والعنف الذي لا ينتهي لم تكن هذه النتائج سوى ثمار سياسة أمريكية قصيرة النظر سعت إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها دون مراعاة للتداعيات الإنسانية والسياسية التي ستلحق بالشعوب العربية وان العراق الذي كان يوماً ما مركزاً للحضارة والثقافة تحول إلى رمز للفوضى والدمار بفضل السياسات الأمريكية التي تجاهلت حقوق الشعب العراقي وحريته ولا يمكن إغفال الدورالأمريكي في دعم الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني فمنذ تأسيس إسرائيل كانت الولايات المتحدة الداعم الأكبر لها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا هذا الدعم غير المحدود مكّن إسرائيل من مواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات غير الشرعية ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره الفلسطينيون الذين عانوا من التهجير والتشريد منذ النكبة عام 1948 ما زالوا يقاومون من أجل البقاء على أرضهم رغم كل محاولات التهميش والإقصاء ومع ذلك فإن الدعم الأمريكي لإسرائيل لم يتوقف بل ازداد قوة خاصة مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في خطوة اعتُبرت انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولحقوق الشعب الفلسطيني الأردن الذي يستضيف ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ عقود تحمل عبئًا كبيرًا جراء هذه السياسات فبدلاً من أن تحصل عمّان على الدعم اللازم لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن استضافة اللاجئين وجدت نفسها تحت ضغوط أمريكية لقبول سياسات تتناقض مع مصالحها و مع محاولات فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية مثل ما حاول جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تسويقه عبر ما يُعرف بـ"صفقة القرن" كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الدول المجاورة بما في ذلك الأردن لكن الأردن بشعبه الأصيل المتجذر في أرضه رفض أن يكون طرفًا في هذه اللعبة فالشعب الأردني كالشعب الفلسطيني يدرك أن الأرض ليست مجرد قطعة جغرافية بل هي هوية وتاريخ وحضارة رغم كل المحاولات لدفع الشعوب نحو التهجير فإن الأردنيين والفلسطينيين ما زالوا متمسكين بأرضهم يعيدون بناء حياتهم من بين الركام ويصرون على البقاء رغم كل الصعوبات وفي ظل هذا الواقع المرير يظهر التعنت الأمريكي في رفض حل الدولتين وهو الحل الذي كان يُعتبر لفترة طويلة الأساس الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة فبدلاً من دعم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل استمرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تبني سياسات تدعم التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وتُضعف أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة هذا التعنت الأمريكي لم يكن سوى استمرارًا لسياسة الازدواجية التي تتبناها الولايات المتحدة حيث تدعي دعمها للسلام بينما تقدم كل أشكال الدعم لإسرائيل لمواصلة احتلالها
دونالد ترامب مساحة الأرض التي تحتلها "إسرائيل" بأنها "صغيرة للغاية" مقارنة بالشرق الأوسط مشبهًا إياها بقلمه الموضوع على مكتبه في البيت الأبيض
ومن هنا نرد إن الأردن منذ تأسيسه دفع ثمن السياسات الأمريكية في المنطقة ليس فقط من خلال التضحيات الاقتصادية والسياسية بل أيضًا من خلال تحمله تبعات الصراعات التي أشعلتها الولايات المتحدة في دول الجوار ومع ذلك فإن الأردن يبقى شاهدًا على إصرار الشعوب العربية على مقاومة الظلم والتمسك بحقوقها فالشعب الأردني يعلم أن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع وأن الأرض لا تُهجر بل تُحمى وهذا هو الدرس الذي يجب أن تتعلمه الإدارة الأمريكية إذا كانت تريد حقًا أن تساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد