مخطط التهجير ومخاطر الإقليم
في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، يتجدد الحديث عن واحدة من أخطر المؤامرات التي تواجه القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها: مخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى دول الجوار، وعلى رأسها مصر والأردن. هذا المخطط ليس مجرد طرح إعلامي عابر، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل الخارطة الديمغرافية والسياسية في المنطقة، بما يخدم المصالح الإسرائيلية ويُجنب الاحتلال أي استحقاقات قانونية أو سياسية تتعلق بحل الدولتين أو بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
إن محاولة ترحيل الأزمة الإسرائيلية إلى الأراضي العربية لا تعني فقط التخلص من عبء غزة والضفة، بل تعكس رغبة إسرائيلية أمريكية في فرض واقع جديد، يكون فيه الفلسطينيون مجرد لاجئين يبحثون عن مواطنة بديلة، بينما يتم تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية يتم التعامل معها بمنطق الإغاثة وليس الحقوق السياسية والسيادية.
هذا المشروع الخطير يفرض تحديًا وجوديًا على الأردن ومصر، اللتين تمثلان ركيزتين أساسيتين في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي. فالأردن، الذي يحمل عبء القضية الفلسطينية منذ عقود، يجد نفسه أمام محاولة جديدة لفرض حلول على حساب أمنه القومي واستقراره الداخلي، بينما تواجه مصر ضغوطًا لتقديم تنازلات استراتيجية في سيناء، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لوحدتها وسيادتها.
من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل أن الثقة بين إسرائيل والدول الغربية تتآكل تدريجيًا، فإسرائيل لم تعد قادرة على تسويق سياساتها العنيفة كما كان الحال في الماضي، كما أن الدول العربية لم تجنِ شيئًا من اتفاقيات السلام الموقعة معها، بل على العكس، وجدت نفسها أمام مزيد من الضغوط والتنازلات دون أي مقابل حقيقي. إن استمرار هذه المخططات سيؤدي إلى تفاقم أزمات اللاجئين في الأردن ومصر، وإعادة إنتاج مشاهد الفوضى وعدم الاستقرار، ما قد يدفع بالمنطقة إلى حافة الانفجار الأمني والسياسي، مع تداعيات تمتد إلى أوروبا والولايات المتحدة نفسها، التي ستجد مصالحها الإقليمية في مهب الريح.
إن الرد العربي على هذه المخططات يجب أن يكون أكثر من مجرد بيانات شجب واستنكار، بل لا بدّ من تحركات دبلوماسية فعالة تعيد صياغة التحالفات الإقليمية والدولية لمواجهة هذا التهديد الوجودي. فالأردن ومصر بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقهما وبناء علاقات أوسع مع قوى دولية مثل الصين وروسيا وأوروبا، وحتى دول أمريكا اللاتينية وكندا، لتشكيل جبهة سياسية واقتصادية قادرة على كبح الغطرسة الإسرائيلية والأمريكية وإحباط أي محاولة لفرض هندسة ديمغرافية جديدة على حساب الأمن القومي العربي.
وفي هذا السياق، من الضروري أيضًا تعزيز العلاقات مع سوريا، وقطر، وتركيا، والدول التي تتبنى مواقف أكثر استقلالية تجاه قضايا المنطقة، لأن تشكيل تحالف عربي-إقليمي موسع من شأنه تقوية الموقف التفاوضي للأردن ومصر، ويمنحهم أوراق ضغط حقيقية في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
لقد أثبتت التجارب السابقة، لا سيما مع إفشال "صفقة القرن"، أن السياسات الأمريكية ليست ثابتة، وأن قدرتها على فرض حلول على المنطقة تتراجع مع مرور الوقت. لذلك، فإن سياسة المماطلة وكسب الوقت يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأردنية والمصرية، إلى حين تبدّل الأوضاع السياسية في واشنطن، أو ضعف قدرة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها.
إضافة إلى ذلك، فإن إدارة ترامب، أو أي إدارة أمريكية تتبنى سياسات مشابهة، ستجد نفسها غارقة في أزماتها الداخلية، حيث تعاني من انقسامات داخلية حادة، وصراع دائم بين ترامب و"الدولة العميقة"، إلى جانب خلافاته مع حلفائه التقليديين في أوروبا واسيا، وخصوماته مع دول الجوار مثل المكسيك وكندا وبنما ودول امريكا اللاتينية . هذه الصراعات توفر مساحة إضافية للمناورة أمام الدول العربية، إذ يمكن استغلال هذه الثغرات لإضعاف تركيز الإدارة الأمريكية على تنفيذ المخطط، وتعطيله حتى يصبح غير ذي جدوى أو تتغير الظروف السياسية بشكل يفرض واقعًا مختلفًا.
إن محاولة إعادة رسم الخارطة الديمغرافية لفلسطين بالقوة لن تكون مجرد أزمة فلسطينية، بل ستتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن القومي العربي ككل. فترحيل الفلسطينيين ليس فقط جريمة أخلاقية وقانونية، بل هو وصفة أكيدة لانفجار إقليمي لن يكون أحد بمنأى عنه، سواء في الشرق الأوسط أو حتى في الغرب، الذي بدأ يدرك تدريجيًا خطورة السياسات الإسرائيلية على الاستقرار العالمي.
لذلك، فإن الموقف الأردني والمصري يجب أن يكون حاسمًا وواضحًا: لا لهندسة ديمغرافية جديدة، لا لتمرير الأزمات الإسرائيلية إلى الدول العربية، ولا لأي تسويات على حساب الأمن القومي للمنطقة. يجب أن يدرك الجميع أن أي قبول بهذه المخططات، مهما كان تحت غطاء دبلوماسي أو إنساني، لن يكون إلا مقدمة لمزيد من التنازلات التي لن تتوقف عند حدود فلسطين، بل ستمتد إلى كل الدول العربية دون استثناء.
ختامًا، إفشال هذا المخطط لا يتطلب فقط الرفض اللفظي، بل يحتاج إلى تحركات دبلوماسية حقيقية، وتحالفات استراتيجية، وسياسات ذكية قادرة على تعطيل المشروع الأمريكي-الإسرائيلي، تمامًا كما حدث مع "صفقة القرن". إن العالم لا يتحرك إلا بلغة المصالح، ومن هنا، فإن الكرة الآن في ملعب الدول العربية، فإما أن تتحرك بوعي ومسؤولية، أو أن تجد نفسها أمام واقع مفروض لا رجعة فيه.
إن التاريخ لا يرحم من يتخاذل، والقرارات المصيرية لا تحتمل التردد. اليوم هو الوقت المناسب لإعادة رسم المشهد السياسي، وإثبات أن العرب قادرون على الدفاع عن قضاياهم، ليس فقط بالكلمات، ولكن بالفعل والتخطيط والاستراتيجية.
استقبل وزير خارجية اليونان .. الملك يحذر من التصعيد في الضفة الغربية
قائد جيش الاحتلال الجديد:6 آلاف جندي إسرائيلي قتيل في غزة
أول ظهور لزوجة الرئيس السوري أحمد الشرع .. صور
517 مركبة استفادت من إعادة تفعيل قرار الشطب
يلتقي الملك .. الرئيس الألماني يصل الأردن
ترمب يعلن إنشاء صندوق ثروة سيادي قد يستحوذ على تيك توك
وزير داخلية سوريا في نظام الأسد اللواء محمد الشعار يسلم نفسه
ترامب ردا على ضم الضفة وغزة:إسرائيل صغيرة كرأس القلم .. فيديو
أول إماراتية تفوز بلقب ملكة جمال الكوكب .. صور
أراضٍ بالأقساط للموظفين والمتقاعدين والجيش والأمن في الأردن .. رابط
إحالة الشبيلات للتقاعد .. قرارات مجلس الوزراء
إلزام وضع سارية علم أمام كل مبنى أو منزل يرخص جديدا .. تفاصيل
حبس فنانة مصرية بتهمة الفسق والفجور .. من هي
الحالة الجوية المتوقعة للأيام الثلاثة القادمة
35 ديناراً سعر تذكرة الطائرة للعقبة و85 للقاهرة
غليان في اليرموك بعد تخفيض نسبة الموازي ودعوات الاحتجاجات تتصاعد
مدير الأمن العام: الأولوية دعم رفاق السلاح
إيعاز من مدير الأمن العام بشأن النزلاء الناجحين بالتوجيهي
أمانة عمان تكلف مكاتب محاماة بتحصيل ضرائب المسقفات