كيف سيتم تهجير مواطني قطاع غزة

mainThumb

04-02-2025 12:48 AM

مع وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعدَ 15 شهراً من حرب إبادة ضد الفلسطينيين لم يشهد لها القرن الحالي مثيلًا، تبرز دعوات الإدارة الأميركية بتهجير مواطني القطاع إلى الدول المجاورة، دون أدنى مراعاة للقيم الإنسانية وقرارات الشرعية الدولية، والحديث بلغة القوة والتهديد والوعيد.
تلك «الدعوات» تتجاهل حقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذي شُرّدوا من وطنهم، وتغفل حقهم في العودة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهي في الواقع دعوات لإنهاء القضية الفلسطينية تماماً، وأرى أنّ كل من يتعاطى أو يبرّر هذه الدعوات إن كان قاصداً أو غير قاصد فهو يجري مجرى السياسة الصهيوأميركية في ابتلاع الأرض العربية وتكبير «الكيان الصهيونيّ»، وهو ما دعا إليه ترمب في حملته الانتخابية.
لكن بما أن احتلال فلسطين أوّل مرة وما تلاه من تهجيراتٍ عدّة لشعبها كان بالقوة العسكرية والحروب والإبادات وارتكاب المجازر، فكيف ينوي الأميركيون والصهاينة فعل ذلك في غزة الآن، بعد أن فشلوا في تحقيقه عبر حرب مدمرة ارتكبت خلالها آلاف المجازر، سواء في المستشفيات والمدارس وغيرهما من المرافق المدنية؟ وماذا تبقى في جعبتهم ليفعلوه تحقيقاً لذلك، خاصّة بعد أن عاد الغزّيون إلى شمال القطاع، وبدأوا بناءَ خيمهم واستصلاح ما يمكن استصلاحه من شمال القطاع المدمّر.
كثير منا يتساءل، هل يعقل لسكان غزة الذين صمدوا أمام آلة التدمير والقتل خمسةَ عشرة شهراً، أن يتركوا وطنهم عندما توقفت الحرب، ألم يكن من الأولى مثلًا تنفذ مخطط التهجير تحت وطأة القصف والتدمير؟ أم أنّ إعدام أسباب الحياة في القطاع والتحكم بالمساعدات وخنق القطاع بعد وقف الحرب سيجبر السكان على ترك أرضهم (؟!).
الكيان الصهيوني استخدم ضدّ أهل القطاع ما لا يتصوّره عقل ولا يقبله منطق، فمن كان يتوقع أن تقصف المستشفيات والمدارس والمساجد على مرأى ومسمع العالم دون أي توقف، وبقنابل ذكية وغبية على حدٍ سواء أرسلتها أميركا خصيصاً لتنفيذ العدوان وارتكاب المجازر، بدون مراعاة للقيم الإنسانية والمواثيق الدولية، بل بمباركة غريبة «صليبية» غير مسبوقة، وبمباركة علنية من بعض الدول مثل ألمانيا.
دول الإقليم المعنية في ملف التّهجير، الأردن ومصر تحديداً، أعلنت صراحةً رفضها دعوات أميركا لتهجير سكان غزة، رغم الضغوط المتكرّرة واستخدام لغةٍ غير دبلوماسية وغير لبقة في التعامل مع الدول، إضافة إلى ذلك، فإنّ سكان غزة قالوا كلمتهم الفعلية في هذا الشأن، والمتمثلة بالصمود أمام الآلة العسكرية بكلّ ما مارسته وتمارسه من قتل، وبالعودة إلى ما تبقّى من منازلهم المدمرة.
أهلُ غزّة لن يخرجوا من ديارهم، بعد الثمن الباهظ الذي قدموه، ولكن ما هي خيارات أميركا وإسرائيل لتنفيذ هذا المخطط، وهو سؤال من الأهميّة بمكان التفكير فيه، فهل يمكن أن نتصوّر وأن نتوقع الآن هذه الآليات؟ أم أنّها ستكون مفاجئة لنا جميعاً؟ وهل ستستأنف «إسرائيل» الحرب بعد استعادة الرهائن، وتستخدم القنابل الضخمة التي أرسلها ترمب، وتعيد ارتكاب المجازر من جديد، ولكن بطريقةٍ أكثر قوة ووحشية بحيث يكون ضحايا المجزرة الواحدة بالآلاف؟ ويكون الججيم الذي تحدث عنه ترمب(؟!) والحقُّ أنّ مَن قتل 20 مليون إنسان على أرضه من «الهنود الحمر» لا يُستعبد أن يفكّر بتعميم التجربة أو نقلها إلى مكانٍ آخر، ومَن غيرُ «إسرائيل» مناسبةٌ لتنفيذ المجازر (!)   

إقرأ المزيد : 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد