قمة مرتقبة في السعودية أو الامارات بين بوتين وترامب

mainThumb
بوتين وترامب في لقاء سابق

03-02-2025 02:32 PM

عمان - السوسنة - كتب محرر الشؤون الدولية - في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي أعقبت فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية 2024، تبرز قضية العلاقات الروسية-الأمريكية كواحدة من أبرز الملفات التي ستشكل ملامح السياسة الدولية في الفترة المقبلة.

ووفقًا لمصادر روسية مطلعة، تُدرس موسكو وإدارة ترامب إمكانية عقد قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب، مع احتمال أن تكون السعودية أو الإمارات مكانًا لاستضافتها. هذه الخطوة تأتي في إطار محاولات ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتي أعلن عن نيته لإنهائها "في أقرب وقت ممكن"، معبرًا عن استعداده للقاء بوتين لمناقشة هذه القضية وغيرها من الملفات العالقة، مثل الطاقة والأزمات الإقليمية.
السياق السياسي: ترامب وبوتين.. بين التفاؤل والحذر
منذ فوز ترامب، أبدت موسكو ترحيبًا حذرًا، حيث هنأ بوتين نظيره الأمريكي على فوزه، مؤكدًا استعداده للقائه لمناقشة القضايا الثنائية، خاصة الأزمة الأوكرانية. ومع ذلك، يظل الكرملين متحفظًا في تقييم تأثير فوز ترامب على مسار العلاقات الثنائية، خاصة في ظل التدهور التاريخي الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين. المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، وصف العلاقات بأنها "وصلت إلى أدنى مستوياتها"، مشيرًا إلى أن التصريحات الانتخابية لترامب قد لا تترجم بالضرورة إلى سياسات ملموسة.
هذا الحذر الروسي ينبع من عدة عوامل، أهمها عدم القدرة على التنبؤ بسياسات ترامب، والتي تميزت في ولايته الأولى بالتقلب واتخاذ قرارات مفاجئة. فبينما أظهر ترامب في بعض الأحيان ميلًا للتقارب مع روسيا، إلا أنه تبنى في أحيان أخرى سياسات متشددة نتيجة للضغوط الداخلية. هذا التباين يثير مخاوف موسكو من أن تعيد إدارة ترامب تبني نهج غير مستقر، مما قد يعقد جهود بناء علاقات دبلوماسية مستدامة.
تطلعات روسيا: تخفيف العقوبات وإعادة تشكيل التحالفات
ترى موسكو في فوز ترامب فرصة محتملة لتحسين العلاقات مع واشنطن، خاصة على الصعيد الاقتصادي. تأمل القيادة الروسية في أن تؤدي إدارة ترامب إلى تخفيف العقوبات التي فُرضت على روسيا في أعقاب الأزمة الأوكرانية، مما قد يسهم في انتعاش الاقتصاد الروسي. بالإضافة إلى ذلك، تتطلع موسكو إلى فتح قنوات حوار جديدة مع الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل التوترات التي بلغت ذروتها بين البلدين.
فيما يتعلق بالصراع الأوكراني، تأمل روسيا أن يؤدي فوز ترامب إلى تقليص الدعم الأمريكي للحكومة الأوكرانية، خاصة الدعم العسكري. ومع ذلك، تدرك موسكو أن تحقيق هذه التطلعات يتطلب تحولات أوسع في السياسة الخارجية الأمريكية، وليس مجرد تغيير في الإدارة الرئاسية. فسياسات واشنطن تجاه أوكرانيا تتجاوز موقف الرئيس وحده، وتشمل مؤسسات أخرى ملتزمة بمواجهة النفوذ الروسي.
التحديات الجيوسياسية: أوكرانيا والناتو
أحد أبرز التحديات التي تواجه أي تقارب روسي-أمريكي هو الموقف من أوكرانيا. خلال حملته الانتخابية، انتقد ترامب تعامل إدارة بايدن مع الأزمة الأوكرانية، وحذر من أن الدعم الأمريكي اللا محدود لكييف قد يؤدي إلى تصعيد خطير. كما أعلن ترامب عن نيته لحل الصراع بسرعة، دون الكشف عن تفاصيل خطته. وفقًا لمصادر مقربة من ترامب، تُدرس إدارته مقترحات لتجميد خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك إقامة منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود والاعتراف بسيطرة روسيا على جزء من الأراضي الأوكرانية.
لكن هذه الاستراتيجية قد تواجه معارضة من حلفاء الناتو، الذين يرون في أي تنازل عن الأراضي الأوكرانية مخاطرة تهدد أمنهم القومي. كما أن كييف نفسها، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري الأمريكي، قد ترفض أي تسوية تتنازل عن أراضيها. هذا التباين في المواقف يجعل من الصعب تحقيق أي اتفاق سريع، ويضع ترامب في موقف دبلوماسي معقد.
التوقعات المستقبلية: بين التقارب والتصعيد
في ظل رئاسة ترامب الثانية، تظل العلاقات الروسية-الأمريكية في وضع معقد، حيث تتراوح التوقعات بين إمكانيات التقارب أو التصعيد. فمن ناحية، قد تؤدي سياسة ترامب إلى تحسن العلاقات مع موسكو، خاصة إذا نجح في تخفيف العقوبات وتقليص الدعم لأوكرانيا. ومن ناحية أخرى، قد تشهد العلاقات تصعيدًا في حال اتخاذ ترامب قرارات غير متوقعة أو إذا لم يستطع تجاوز الضغوط السياسية الداخلية.
على الصعيد الدولي، قد تؤثر سياسة ترامب تجاه روسيا في التوازنات الجيوسياسية، خاصة في أوروبا وآسيا. فإذا تحققت آمال موسكو في سياسة أكثر تعاونًا، فقد يؤدي ذلك إلى تقارب روسي-أمريكي يعيد تشكيل التحالفات الدولية. لكن في حال حدوث أي تصعيد، فقد يترتب على ذلك تداعيات كبيرة على النظام الدولي، خاصة فيما يتعلق بحالة الاستقرار في أوروبا وآسيا.
تفاؤل مشروط وحذر عميق
في النهاية، يمكن القول إن الموقف الروسي من فوز ترامب يعكس تفاؤلًا مشروطًا ورغبةً حذرة في تحسين العلاقات، دون إغفال التحديات الحقيقية التي قد تفرضها سياساته غير المتوقعة. تظل موسكو على أهبة الاستعداد لأي تغييرات قد تطرأ في الموقف الأمريكي بعد تنصيب ترامب، ما يعكس حذرًا عميقًا في ظل مستقبل غير مؤكد للعلاقات بين البلدين. وفي الوقت الذي ترى فيه روسيا في ترامب شريكًا يمكن التفاوض معه، فإنها تدرك أن تحقيق أي تقدم حقيقي في العلاقات الثنائية يتطلب أكثر من مجرد تصريحات إيجابية، بل تحولات جوهرية في السياسة الأمريكية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد