الدولة العميقة في الاردن والملف الفلسطيني

mainThumb

02-02-2025 02:48 PM

في خضم التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة العربية يبرز دور الدولة العميقة في الأردن كعامل مؤثر في تشكيل السياسات الداخلية والخارجية خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني حيث تتعامل الدولة العميقة مع هذا الملف بحساسية بالغة نظرا للتداخل التاريخي والجغرافي بين الأردن وفلسطين مما يجعل من القضية الفلسطينية قضية مركزية في السياسة الأردنية ومع ذلك فإن هناك تيارات داخل الدولة العميقة تعمل على تعزيز مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية العليا وهذه التيارات تسعى إلى تحقيق أجندات قد تتعارض مع مصالح الشعبين الأردني والفلسطيني
أحد أبرز هذه التيارات هو التيار الذي يروج لفكرة الوطن البديل وهي فكرة تهدف إلى إقامة كيان فلسطيني على الأراضي الأردنية كحل بديل عن إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وهذه الفكرة لا تخدم إلا المصالح الإسرائيلية التي تسعى إلى تفريغ فلسطين من سكانها الأصليين وإعطاء اليهود فرصة لإقامة دولتهم المزعومة دون مقاومة أو نزاع وهذا التيار يعمل بشكل خفي داخل أروقة الدولة العميقة مستغلا علاقاته الوثيقة مع بعض النخب السياسية والاقتصادية التي تتبنى أجندات خارجية تخدم مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية.
هذا التيار لا يكتفي بالترويج لفكرة الوطن البديل بل يعمل أيضا على تصالح كمبرادور رأس المال مع السلطة حيث يتم توظيف العلاقات الاقتصادية لتعزيز النفوذ السياسي للتيار داخل الدولة العميقة وهذا التصالح يهدف إلى إضعاف أي مقاومة محتملة ضد الأجندات التي تخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية والأردنية حيث يتم استخدام رأس المال كأداة للضغط على صناع القرار لتمرير سياسات تخدم هذه الأجندات .
هذا التيار الذي يتآمر على مصالح الدولة والشعبين الأردني والفلسطيني يعتمد على شبكة معقدة من العلاقات الداخلية والخارجية التي تمكنه من تحقيق أهدافه دون أن يلفت الانتباه حيث يتم استخدام وسائل الإعلام والمنابر السياسية لتبرير هذه الأجندات وإعطائها شرعية زائفة كما يتم توظيف بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية ذات النفوذ لتمرير هذه السياسات تحت غطاء المصلحة الوطنية واستذكر ما كتب ناهض حتر حين قال : ((أن الإلحاح على تنفيذ البرامج الليبرالية الجديدة وإقرار القوانين والإجراءات لمصلحة الرأسماليين الأجانب والمحليين، مثلما الإلحاح على سياسات خارجية لا تتوافق مع المصالح الوطنية وإرادة الرأي العام، أدى إلى اتباع سياسات إضعاف هيئات الدولة وأجهزتها وصلاحياتها الدستورية))  .
ولمقاومة هذا التيار تتطلب وعياً شعبياً وسياسياً بأبعاد هذه الأجندات وخطورتها على مستقبل الأردن وفلسطين حيث يجب على النخب السياسية والثقافية أن تعمل على فضح هذه الممارسات وتوعية الجمهور بحقيقة ما يجري خلف الكواليس كما يجب على الدولة أن تعمل على تعزيز سيادتها الوطنية وحماية مصالحها من أي تدخلات خارجية أو داخلية تهدف إلى زعزعة استقرارها.
إضافة إلى ذلك فإن هناك قضية أخرى تبرز في هذا السياق وهي قضية الحقوق المنقوصة والتمثيل السياسي الكامل حيث يشعر الكثير من الفلسطينيين في الأردن بأنهم لا يتمتعون بالحق الكامل في التمثيل السياسي خاصة في المناصب الحساسة وهذا الشعور يعزز حالة من عدم الرضا والاستياء بين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن حيث يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية وان هذه القضية تم تسليط الضوء عليها في وثائق ويكيليكس  .
حيث تم الكشف عن محاولات بعض الشخصيات السياسية البارزة والاسماء التي ذكرت في الوثائق المسربة للضغط على الحكومة الأردنية من خلال السفارة الأمريكية لتمكينهم من التمثيل السياسي الكامل في الأردن حيث طالب هؤلاء الشخصيات بتمثيل أكبر للفلسطينيين في المناصب السياسية والحساسة في الدولة مما يعكس حالة من التذمر والاستياء من الوضع الحالي وانهم يشيرون الى قبولهم بوطن بديل مقابل مناصب سياسية وللاسف لم تتعامل الدولة مع هذا الملف بحزم وجدية وتركت الباب مواربا دون مراجعة اصحاب هذا الطرح او تنحيتهم من الشارع السياسي والثقافي الاردني بل على العكس تم اعطاءهم كامل المساحة والحرية في التحرك بين النخب السياسية والشعبية وانشاء الدراسات والبحوث وعقد اللقاءات والمؤتمرات فهل كان تحالف الكومبرادور الرأسمالي هو المتحكم في المشهد .
إن الملف الفلسطيني يبقى قضية مركزية في السياسة الأردنية ولا يمكن فصل مصلحة الأردن عن مصلحة فلسطين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد