صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة - وكالات - مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يومه الرابع عشر، شهد اليوم السبت عملية تبادل أسرى جديدة بين حركة حماس وسلطات الاحتلال الإسرائيلي. حيث أفرجت إسرائيل عن 183 أسيراً فلسطينياً، بينما أطلقت حماس سراح 3 محتجزين إسرائيليين، وذلك في إطار الدفعة الرابعة من صفقة التبادل التي تأتي بموجب الاتفاق الموقّع بين الطرفين.

ومن بين الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم، كان هناك 18 أسيراً من ذوي الأحكام المؤبدة، و54 أسيراً من ذوي الأحكام العالية والمؤبدة، بالإضافة إلى 111 أسيراً اعتقلتهم قوات الاحتلال من قطاع غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تفاصيل تسليم المحتجزين الإسرائيليين
قامت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بتسليم المحتجزين الإسرائيليين في موقعين مختلفين. حيث تم تسليم المحتجزين عوفر كالديرون وياردن بيباس (أحدهما يحمل الجنسية الفرنسية) في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بينما تم تسليم المحتجز الثالث، كيث سيغال (الذي يحمل الجنسية الأمريكية)، في ميناء مدينة غزة. وقد تمت عملية التسليم وسط حضور شعبي فلسطيني كبير وانتشار مكثف لعناصر كتائب القسام.
وضع المحتجزين المتبقين لدى حماس
وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، لا يزال 79 محتجزاً إسرائيلياً لدى حركة حماس في قطاع غزة، ومن المقرر الإفراج عن 20 منهم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري تنفيذه حالياً. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إلى أن من بين هؤلاء العشرين، هناك 12 محتجزاً على قيد الحياة.
فتح معبر رفح وخروج المرضى والجرحى
في تطور إنساني مهم، شهد اليوم السبت بدء خروج أول فوج من المرضى والجرحى الفلسطينيين من قطاع غزة عبر معبر رفح البري، الذي يربط القطاع بالأراضي المصرية. ويأتي هذا الإجراء بعد إغلاق المعبر لمدة ثمانية أشهر، حيث تم فتحه لأول مرة منذ اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة رفح في مايو/ أيار الماضي.
التحركات السياسية والدولية
على الصعيد السياسي، تواصل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهودها لبحث المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة، وكذلك مستقبل قطاع غزة المحاصر. وأكد ترامب مجدداً على خطته التي تهدف إلى تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير ماركو روبيو ناقش "مساراً مستقبلياً في غزة" خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. كما تستضيف العاصمة المصرية القاهرة اليوم اجتماعاً لست دول عربية لبحث تطورات الأوضاع في المنطقة، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسبل دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، خاصة بعد الحظر الإسرائيلي المفروض عليها.
الاستعدادات للمرحلة الثانية من المفاوضات
بدأ الوسطاء القطريون والمصريون خلال الأيام الأخيرة عملية استكشافية وتحضيرية للجولة الثانية من مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي دخلت حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.

ومن المقرر أن تبدأ هذه الجولة بشكل فعلي يوم الاثنين المقبل، حيث سيتم التحضير للمرحلتين الثانية والثالثة من عملية تبادل المحتجزين والأسرى، وتطبيق كافة بنود الاتفاق، بما في ذلك الهدوء المستدام ووقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع وإعادة الإعمار.
تعقيدات المرحلة الثانية من المفاوضات
تبدو الإرهاصات الأولية المتعلقة بالجولة الثانية من المفاوضات معقدة وغير متفائلة، خاصة في ظل المواقف الإسرائيلية الداخلية المرتبطة بالأحزاب القومية الدينية، التي تطالب باستئناف العمليات العسكرية. وقد استمرت الحرب في غزة لأكثر من 15 شهراً، مما يجعل الوصول إلى حل سريع أمراً صعباً.
رسائل حماس خلال عملية التبادل
أكدت حركة حماس في بيان لها أن عملية تسليم المحتجزين الإسرائيليين تمت أمام منصة تحمل صور القادة الشهداء، بما فيهم القائد محمد الضيف، كرسالة عهد ووفاء بأن رجال المقاومة سيستمرون في النضال. وأشارت الحركة إلى أنها وفرت الرعاية الصحية اللازمة للأسير الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية، والذي يعاني من أمراض متعددة، مما يعكس التزامها الأخلاقي تجاه الأسرى.
ردود الفعل الفلسطينية
في الضفة الغربية، احتشد عشرات الفلسطينيين والصحافيين وذوي الأسرى في ساحة متحف محمود درويش بمدينة رام الله لاستقبال الأسرى المحررين. وقد انطلقت حافلات الصليب الأحمر الدولي التي تقل الأسرى المحررين باتجاه المدينة، وسط حضور ملحوظ للشرطة الفلسطينية.

ويبدو أن عملية تبادل الأسرى والإفراج عن المحتجزين تشكل خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة بين الطرفين، لكن التحديات السياسية والعسكرية التي تواجه المرحلة الثانية من المفاوضات تظل كبيرة. وفي ظل التحركات الدولية والإقليمية، يبقى مستقبل قطاع غزة وقضية الأسرى أحد الملفات الشائكة التي تتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة لضمان استمرار الهدوء وتحقيق السلام.