الفخ الاستراتيجي

mainThumb

31-01-2025 10:17 PM

تواجه الدول العربية منذ عقود طويلة تحديات جسام تتعلق بالتوازنات السياسية والاقتصادية داخلياً وخارجياً. وفي خضم هذه التحديات، يجد حكام العرب أنفسهم في موقف معقد يجمع بين الضغوطات الداخلية والمحاولات المستمرة من القوى الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل. يُعتبر الفخ الذي وقع فيه هؤلاء الحكام نتيجة فهم مغلوط لطبيعة العلاقة بين السياسات الأمريكية والصهيونية، حيث استمروا في الاعتقاد بأن هناك اختلافاً جوهرياً بين الطرفين.

تاريخياً، اعتبرت الكثير من الأنظمة العربية الولايات المتحدة كحليف يمكن الوثوق به، بالرغم من الدلائل الكثيرة التي تشير إلى دعمها المستمر لإسرائيل ووجود مصالح مشتركة تبرر هذا الدعم. هذا التصور أدى إلى فخ استراتيجي، حيث قام الحكام العرب بالرهان على الإدارة الأمريكية كطريق لتحقيق استقرارهم وحل النزاعات الإقليمية، متجاهلين بذلك حقيقة أن الإدارة الأمريكية غالباً ما تعمل وفق بوصلة مصالحها الخاصة، والتي تتداخل بشكل كبير مع أهداف إسرائيل.

تظهر السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط كنوع من الإرهاب السياسي، حيث تستخدم الولايات المتحدة قوتها ونفوذها في المنطقة لتحقيق أهدافها بما يتفق مع الإسرائيلين، في أحيان كثيرة على حساب الشعوب العربية. تتجلى هذه السياسات في دعم الانظمة الاستبدادية، وإعطاء الأولوية لمصالح الشركات الكبرى على حساب حقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

مصر، كمثال بارز، تعاني من تداعيات سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. فقد شهدت البلاد تحولات سياسية واقتصادية كبيرة نتيجة التدخلات الخارجية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً. الحكام العرب، بما فيهم الحكام المصريون، بحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم وتحديد أولوياتهم بعيداً عن الاعتقادات الخاطئة في قدرة السياسة الأمريكية على إصلاح الأوضاع العربية.

إن الوعي بهذه الديناميات السياسية ومخاطر الفخ الذي وقع فيه حكام العرب يعد خطوة أساسية نحو بناء استراتيجيات فعالة يمكن أن تؤدي إلى الاستقرار والتنمية في المنطقة. يجب على الدول العربية تعزيز التعاون الداخلي وتبني سياسات مستقلة تُعبر عن مصالح شعوبها، بدلاً من الاعتماد على قوى خارجية قد تكون دافعة للانهيار بدلاً من الازدهار. فالأمل في نظام عربي مستقر ومزدهر يعتمد على الفهم العميق لطبيعة العلاقات الدولية ككل، وليس على مجرد التصورات المستقبلية التي قد توقعهم في فخاخ جديدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد