63 عاماً من العطاء والقيادة الحكيمة

mainThumb

29-01-2025 04:39 PM

يحتفل الأردنيون في 30 من كانون الثاني بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الثالث والستين، وهي مناسبة تتجاوز البعد الاحتفالي لتكون محطة تأمل في مسيرة قائد كرّس حياته لخدمة وطنه، ورسّخ رؤية متجددة لدولة حديثة قادرة على مواجهة التحديات.

ثلاثة وستون عاماً مضت منذ ولادة الملك الذي نشأ في كنف الراحل العظيم، جلالة الملك الحسين بن طلال، فنهل من مدرسة الهاشميين قيم القيادة والتواضع والتفاني. واليوم، وهو يقود الأردن في مئويته الثانية، يُثبت أن الاستمرارية في الحكم لا تعني الجمود، بل هي استكمال لمسيرة تحديثية متكاملة، سياسية واقتصادية وإدارية، يدفع بها بثبات نحو المستقبل.

وليس غريباً أن يحتفظ جلالة الملك عبدالله الثاني بمكانة استثنائية في قلوب الأردنيين، فهو القائد الذي لا تُبعده البروتوكولات عن أبناء شعبه، ولا تمنعه التحديات من التواصل المباشر معهم. فعلى مدار العام، جاب جلالته المحافظات، التقى بالشباب، استمع لشكاوى المواطنين، شاركهم أفراحهم وأحزانهم، ووقف إلى جانبهم في الأزمات، ليؤكد أن القيادة ليست سلطة، بل التزام يومي بقضايا الناس وتطلعاتهم.

ولا يمكن الحديث عن عهد الملك عبدالله الثاني دون الإشارة إلى مشروع التحديث الشامل الذي يقوده بإرادة صلبة. فمن التعديلات السياسية التي أرست قواعد جديدة للعمل الحزبي والنيابي، إلى رؤية التحديث الاقتصادي التي تمثل خريطة طريق لعقد قادم، وصولاً إلى الإصلاح الإداري الذي يسعى لجعل المؤسسات أكثر كفاءة واستجابة لمتطلبات المرحلة.

إن الرؤية الاقتصادية التي أطلقها جلالته لا تتوقف عند تحسين المؤشرات المالية، بل تهدف إلى خلق فرص عمل، وتعزيز الاستثمار، وتحسين مستوى معيشة الأردنيين، عبر استراتيجيات طموحة تتحدى القيود التقليدية، وتجعل من الأردن مركزاً جاذباً للاستثمارات.

وفي عالم مضطرب، تبرز حكمة الملك عبدالله الثاني كعامل استقرار في الإقليم، إذ لم يتخلَّ يوماً عن دوره في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فلا يخلو خطاب لجلالته في المحافل الدولية من التأكيد على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، في ظل وصاية هاشمية لم يتنازل عنها رغم الضغوط والتحديات.

وعلى المستوى الدولي، يحظى الأردن بمكانة رفيعة بفضل سياسات الملك، التي تقوم على الانفتاح، والحوار، والدبلوماسية الهادئة، وهو ما انعكس في تكريمه بجوائز عالمية تقديراً لدوره في تعزيز السلم، والتصدي للتطرف، وحماية حقوق الإنسان.

على مدى سنوات حكمه، واجه الأردن تحديات كبرى، من أزمات اقتصادية، وضغوط إقليمية، وتحديات لوجستية مرتبطة باللاجئين والمياه والطاقة. ومع ذلك، لم يسمح الملك عبدالله الثاني لهذه التحديات بأن تُضعف عزيمة الأردن، بل جعل منها فرصاً لتعزيز الصمود، وإيجاد حلول مبتكرة، والسعي نحو استقلالية القرار الوطني في إدارة الملفات الحساسة.

واليوم، وهو يدخل عامه الثالث والستين، يُدرك الأردنيون أن مسيرة العطاء لم تتوقف، وأن التحديات لا تزيد جلالته إلا إصراراً على تحقيق رؤيته لأردن قوي، مزدهر، وعصري. فليس احتفال اليوم مجرد ذكرى ميلاد ملك، بل تأكيد على علاقة عميقة بين قائد وشعبه، مسيرتها البناء، والإنجاز، والتقدم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد