مستقبل إسرائيل في المنطقة بعد حرب غزة

mainThumb

26-01-2025 09:35 AM

لا أحد ينكر من المراقبين والمتابعين السياسيين، أن حرب دولة الاحتلال في غزة هي التجربة الأولى الحقيقية لها في مواجهة المقاومة، لأن الحرب الحقيقية هي التي تكون على الأرض، وليست الحرب هي القصف الجوي والتدمير، وبناء على ذلك فإنني أرى أن دولة الاحتلال انهزمت في هذه الحرب، رغم ما ارتكبت من جرائم بحق المدنيين..

والذي سيرسم مستقبلها في المنطقة عدة أمور أولها عوامل داخلية وهي تتمثل بالسياسة الإسرائيلية التي تتجاهل محيطها وأنها تستطيع أن تفعل ما تشاء وعلى الجميع أن يرضخوا لتهويماتها التلمودية! ولكن حدث العكس فالصمود العظيم للمقاومة وحاظنتها الشعبية جعلتها تعيد حساباتها وحساب داعميها، في حين أن هذه الحرب جعلتها ترى بأم عينها أن الشعوب لا ترضخ رغم القيود التي تقيدها، ثم تأثير هذه الحرب على اقتصادها وعلى مجتمعها الهش الذي كان محبِطاً لها.
أما فيما يتعلق بعلاقاتها مع الدول العربية، فإنها أيقنت أن الدول العربية لا تستطيع أن تلبي لها جميع أطماعها التوسعية على حساب الأنظمة والشعوب المحيطة، وبخاصة أنها فشلت في تركيع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وإن كانت أبعدت إيران وحزب الله عن مسرح الصراع إلا أن إمكانية ظهور لاعب جديد على الساحة أكثر صلابة وحضوراً وربما شرعية، والذي يتمثل في تركيا التي ستدعم الفلسطينيين وتحد من عنجهية دولة الاحتلال، والأحداث الأخيرة تثبت ذلك.
بقي دعم الولايات المتحدة، فقد أظهرت التحركات الدولية لإبرام اتفاقية وقف اطلاق النار في غزة، تغيراً في السياسة الأميركية تجاه دولة الاحتلال وأن أميركا لا تستطيع أن تجاهد في سبيلها حتى آخر جندي أميركي متجاهلة مصالح الدولة الاميركية في المنطقة، وهي غير مستعدة أن تواجه من أجلها الاتحاد الأوروبي الذي يرفض التوسع الأميركي في المنطقة، الذي يستخدم دولة الاحتلال مبرراً لاستنهاض الشعوب العربية ضد أميركا، ناهيك عن منظمة الأمم المتحدة التي وقفت ضد الحرب على غزة وضد الدعم الأميركي للاحتلال وانقلاب موقف الشعوب الغربية ضدها، ما أضعف الموقف الأميركي الذي بدأ يتسلل الى الشرق الأوسط بسياسة ترفع شعار تحرير الشعوب من الدكتاتوريات وبناء دول ديموقراطية، حتى القرار الأخير لترمب الذي يرفع الحظر عن بيع الأسلحة للكيان يُفهم، أنه ضد الكيان، ويعني لن تبذل أميركا الأسلحة للكيان مجاناً فإن أرادت الأسلحة الثقيلة فبثمتها ولن تستطيع العربدة مجاناً أو على حساب الشعب الأميركي وهذا تثبيط للكيان المنهك عسكرياً واقتصادياً.
لذلك فإن الصراع بين الاحتلال والشعوب العربية والاسلامية سيستمر، وأن السلام الشامل الذي تنادي به دولة الاحتلال والمشوب بالخبث والمراوغة لن يتحقق، بسبب سوء طوية الاحتلال، بل هو لا يخفي شكل علاقته مع محيطه القائمة على الاحتلال والسيطرة بطريقة فجة!!
فهل تستطيع دولة الاحتلال إيقاف الهجمات الفلسطينية على المدى البعيد، مع احتفاظ دولة الاحتلال بالعنجهية التلمودية والقمع؟!. ولن يبقى الدعم الأميركي والغربي المجاني لها مع تصاعد المواجهة بين الغرب وأميركا، وبين اميركا واللاعبين الاقتصاديين في آسيا، على الموارد في الشرق الأوسط؟.
ولن تستطيع أن تغري اليهود الباحثين عن فرص بالهجرة إليها، أو تمنع المستوطنين من الهجرة الى مواطنهم الأصلية بعد كابوس حرب غزة؟!

لكل ما سبق فإن مستقبل دولة الاحتلال مظلم، وهي في انحدار سريع، والسنة الأولى لحكم ترمب، ستجلي مستقبلها، فإما أن يتجاهل ترمب الشعب الأميركي ومتطلباته وخياراته، ويتبع هرطقاتها، ويخسر الطرفان، وإما أن يتجاهلها ويعمل لبلاده ومصالحها، وهو التاجر الذي اكتشف أن دولة الاحتلال صفقة خاسرة، فقد مبررات وجودها، ولا يمكنه المتاجرة بها..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد