غزة بين الربح والخسارة

mainThumb

23-01-2025 05:33 PM

تساؤلات تُطرح على الشارع العربي ومن قبله الشارع الفلسطيني المنقسم على نفسه في الضفة الغربية وغزة، فأكثر من عام والحرب سجال بين إسرائيل والشعب الغزاوي المغلوب على أمره، أدخلت حماس هذا الشعب في حرب لا طائل من ورائها سوى افتداء بعض الأسرى لدى الكيان الغاصب، هي تعلم أنَّها لن تُحرِّر أرضاً مسلوبة بمجرد اشتباكات مع الكيان الذي يمتلك ترسانة حربية تكفي للقضاء على الشرق الأوسط برُمَّته، ناهيك عن وقوف الحلفاء الغربيين مع الكيان طوال عقود من الاحتلال، فمن يعيد بناء غزة من جديد بعدما تم تدميرها بالكامل ؟.

حتماً لم تدخل حماس في مغامرات مع الكيان في السابع من أكتوبر إلا بعد أن وجدت الجهات الضامنة لها بالدعم المالي والسياسي، فأين هي تلك الجهات الضامنة اليوم؟ لماذا توارت عن الأنظار؟ وأين الطرف الفلسطيني الآخر في الضفة الغربية من مقاومة غزة؟ ناهيك عن الصمت المطبق الذي مارسته السلطة الفلسطينية خلال فترة الحرب.

اليوم وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وانقشع غبار المعركة وانتهت الى ما انتهت إليه، ادَّعت حماس بانتصارها في الحرب، فليتها انتصرت، وحرَّرت أرض فلسطين، وأعادت القدس إلى حاضرة المسلمين، بل هُزمت حماس شر هزيمة، فالعبرة بالخواتيم، فقد تركت إسرائيل أرض غزة ركاماً من الحجارة، معظم سكان غزة تحت الأنقاض التي لم تُرفع حتى اليوم، ولربَّما تكشف الأيام القادمة عن مئات الآلاف من البشر تحت هذه الأنقاض، فضلاً عن مئات الآلاف من الجرحى والمفقودين والمشردين.

عانى الشعب الغزاوي كثيراً من مغامرات حماس، في حين يعيش باقي الشعب الفلسطيني في الضفة تحت إدارة السلطة الفلسطينية في رغد من العيش ربما تفتقده بلدان أخرى في العالم العربي، استطاعت إسرائيل تقسيم الشعب الفلسطيني على نفسه تحت مبدأ فَرِّق تَسُد، فالتشتت شرٌّ مستطير، والعدو حيثما حلَّ وارتحل هدفه تقسيم المقسَّم وتجزئة المجزأ ليسهل ابتلاع خصومه، فكيف يُطالِب الشعب الفلسطيني تعاطف الشعوب العربية مع قضيته وهو لا يزال منقسم على نفسه ؟.

ولجامعة الدول العربية والجهات التي لطالما سارعت في بناء غزة سابقاً ننصح بعدم اتخاذ خطوات عملية بإعادة البناء إلا إذا تولَّت السلطة الفلسطينية إدارة شؤون غزة والشعب الفلسطيني كاملاً، فلا مجال بعد اليوم لمغامرات الأحزاب والفصائل التي رهنت مستقبل القضية الفلسطينية لمصالح الدول التي تدَّعي الإسلام أو العروبة للمقايضة بها في ملفات أخرى لمصالح شعوبها، فقد دفع الشعب الفلسطيني من دماء أبنائه الكثير دون أن يُحرِّر شبراً واحداً من أرض فلسطين مع الكيان الغاصب.

الفلسطينيون هم أكثر من غيرهم حرصاً على قضيتهم، وتوحيد الصف لدى هذا الشعب مطلب تقتضيه الضرورة، هم من يُقرِّر كيفية إدارة دولتهم تحت قيادة مشتركة تراعي مصالح الشعب، دون الزج بهم في مغامرات غير محسوبة، فالحرب تتطلب إعداد العدة عسكرياً وسياسياً ومادياً مع وجود النصرة والظهير والمدد وتوحيد الصفوف، فقد رجع المسلمون من مكة وعقدوا صلح الحديبية مع كفار قريش دون أن يدخلوها، هذا في حد ذاته يعطي الدروس أن الحرب لا تُقرع طبولها إلا بعد اليقين التام من الانتصار، وإلاَّ فلا تتمنَّوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد