ترامب وهدف أميركا المقبل

mainThumb

12-01-2025 11:39 AM

الولايات المتحدة ليست دولة من دول العالم الثالث، من حيث أن الرئيس يتصرف بمفرده متجاهلاً الدولة ومؤسساتها، ولا تعمل المؤسسات تحت إمرته لكنها هي من ترسم السياسة الخارجية، وتخرج بقرارات يعلنها الرئيس وإدارته، ويعمل على تنفيذها، ولذلك جيء بترمب ليقوم بتنفيذ ما خططت له الدولة في ولايته أو قل مرحلته، فهل ما أعلنه ترمب قبل توليه الرئاسة، ك"ضم كندا لأراضي الولايات المتحدة، ومطالبته بالسيطرة على قناة بنما، وشراء جرينلاند"، هي رأي شخصي، أم استراتيجية للدولة الأميركية، تستهدف الوجود الفرنسي في قارة أميركا الشمالية؟! بعد أن نجحت في تقليص وجود فرنسا في الشرق الأوسط، وأقصتها عن سوريا وهي في طريقها الى إنهاء وجودها في باقي الإقليم إن استطاعت وغالباً ستستطيع..

وحتى أدعم رأيي سأعرض بشكل سريع، لشكل العلاقة التي تربط فرنسا بهذه الثلاثة، "كندا، جرينلاند. وبنما"، لإظهار حقيقة ما تريده الولايات المتحدة، من تصريحات ترمب، قبل استلام الحكم، وكأن نجاحاتها في الشرق الأوسط جعلتها تضع هذا الهدف على أولوياتها في ولاية ترمب..

كندا..:
فرنسا وكندا تربطهما علاقة تاريخية وثقافية قوية، واللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية الثانية في كندا. وفرنسا رابع أكبر شريك تجاري لكندا.
وتستثمر في كندا بمجالات مثل الطاقة والصحة.
أما التعاون الدولي، وهو المهم، بالنسبة لفرنسا، والتي تحاول أن تقوي موقفها من خلال المنظمات الدولية والقانون الدولي، للحفاظ على مكاسبها ودورها، والذي تضرب أميركا به -القانون الدولي- عرض الحائط!!!
وفرنسا وكندا عضوان في منظمات كثيرة، منها أن كندا عضو في الاتحاد الأوروبي-كندا (ميثاق شراكة) وكذلك مكافحة الإرهاب وحماية البيئة والبحث العلمي، كما أن فرنسا وكندا تدعمان بعضهما في المنظمات الدولية.
....
أما جرينلاند، فبالرغم من أنها جزء من مملكة الدنمارك. إلا أن فرنسا تكاد تقاسم الدنمارك على خيرات الجزيرة وهذا يزعج أميركا التي تحاول طردها من هناك وأخذ دورها ومكانها.
فرنسا كانت من أوائل الدول التي استكشفت سواحل جرينلاند في القرن السابع عشر.
وحاولت إنشاء مستعمرات فيها، وفشلت بسبب المنافسة الدنماركية.
لكنها تتمتع بحقوق صيد في مياه جرينلاند.
وتعمل معها في مجال الطاقة المتجددة. والشركات الفرنسية تستثمر في مجالات التعدين والسياحة.
وهناك تعاون دولي بين فرنسا وجرينلاند
فهما يعملان معًا في منظمة لتحسين الخرائط البحرية، وفي مجلس أوروبا الشمالية.
......

أما بنما فالاستثمارات الفرنسية فيها كثيرة، وتقلق الولايات المتحدة وخاصة أن أميركا تعتبرها من ضمن مجالها الحيوي، ومن غير المقبول أن تستثمر فيها فرنسا وهي وراء المحيط..
مثلاً:
قناة بنما التي يعنيها ترمب، هي شركة فرنسية،
ومطار بنما تديره شركة "إير فرانس".
والطاقة تسيطر عليها شركة "إديف" الفرنسية.
وكذلك الموانئ: تديرها شركة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية تدير ميناء كولون.
حتى السياحة تستثمر فيها شركات فرنسية مثل "إير فرانس" و"أككور".
ولا ننسى البنية التحتية فالشركات الفرنسية أيضا لها حصة الأسد في بنما.
أما لماذا لا تستطيع أميركا من طرد فرنسا بسهولة، لأنها ببساطة تقوم بتربيط ضحيتها باتفاقيات ملزمة ثم تأكلها، وطبعاً بدأت بتوثيق اتفاقياتها سنة 1991، بعد بدء أميركا مهاجمتها في العراق والشرق الأوسط، ثم تبعتها اتفاقية التعاون الاقتصادي، واتفاقية التجارة الحرة واتفاقية في مجال الطاقة.. مثلما فعلت في بعض الدول العربية.

بعد أن رأينا ما تريده أميركا من تصريحات ترمب، نعود الى إقليمنا، ونضع سؤال برسم الإجابة: هل ستتمكن أميركا من إنهاء الوجود الفرنسي وقطع أذياله في المنطقة، بعد نجاحها في سوريا؟ فإن نجحت فما شكل الدول التي ستكون فيه، أي بمعنى هل ستسمح أميركا ببناء دول حية تنمو وتزدهر كما فعلت مع تركيا، أم تمارس نفس مافعل الاستعمار الغربي الذي صنع هياكل دول جامدة وغير نامية!!
وإن فشلت فما شكل الصراعات التي ستسود في المنطقة، دينية أم قومية؟، وهل تستطيع فرنسا إنعاش مجموعاتها وتمكينها من العودة الى ما كانت عليه، مع أن أميركا وتركيا عازمتان على إنهاء وجودها الى الأبد؟!! لكن يبقى الأمر متعلق بوعي الشعوب وبتوقها الى الحرية، وإنهاء الاستعمار الغربي مكسب كبير لشعوب المنطقة ولمن يريد بناء دول قابلة للحياة والتطور.. والموقف الأميركي سينقلب على إسرائيل فأميركا لا تسمح لفرنسا بمنافستها وهي أشد منها قوة وجرائمها مستورة، فكيف ستسمح لإسرائيل منافستها في الشرق الأوسط، وقد فاحت رائحتها النتنة وأزكمت العالم؟!!

والوقت سيكون مناسباً لتتنفس شعوب المنطقة وتتحرر في أثناء انشغال أميركا وفرنسا بصراعهما الوجودي في قارة أميركا الشمالية، والتي تشكل أهمية كبرى للفريقين، حتى اسرائيل سينالها الإهمال الأميركي إن انتقل الصراع الاستعماري الى قارة أميركا..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد