ما هي عصابات كولوناس في الكونغو الديمقراطية

mainThumb
عناصر من عصابات كولوناس

09-01-2025 09:13 AM

عمان ــ السوسنة

يوصفون أنهم ذئاب بشرية ضارية تستعمل في هجماتها العنيفة الأسلحة النارية والمناجل والقضبان الحديدية ويتنكر أفرادها عادة في زي الشرطة.

إنهم أفراد عصابات "كولوناس" في الكونغو الديمقراطية الذين تحدثت عنهم الأنباء مؤخرا بعد أن أعدمت السلطات هناك على دفعتين 102 من أفرادها في شهري ديسمبر ويناير بسجن أنجينجا بشمال غرب البلاد.

أعضاء هذه العصابات المتعددة والمتناحرة هم في الغالب من الشباب العاطل عن العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و25 عاما، وهم مسلحون بعصي بها مسامير وبقضبان حديدية وبالمناجل، فيما تتسلح بعض المجموعات الأكثر خطرا بالبنادق الرشاشة والمسدسات وبالقنابل اليدوية، ولبعض أفرادها خبرة قتالية لمشاركتهم في الحرب الأهلية بشرق الكونغو.

تعرف هذه العصابات محليا باسم "كولوناس"، وهي كلمة برتغالية تعني "طابور المشاة"، كما يعرف أفرادها أيضا باسم آخر هو "أولاد المناجل".

هذه العصابات العنيفة من قطاع الطرق في الكونغو تسيطر على شوارع العاصمة كينشاسا حين يخيم الظلام. يشغل أفرادها الإضاءة الضعيفة ويتربصون بضحاياهم في الزوايا والأزقة المعتمة، ولا يكون أمام السكان من خيار إلا التزام منازلهم ومن اضطر للخروج عليه أن يسرع من خطوه وأن يصلي كي يبقى حيا حتى الفجر. في الصباح تعود السيطرة للدولة على شوارع كينشاسا التي تعد أكبر مدينة في العالم تجتاحها الجريمة.

مجموعات من هذه العصابات التي امتدت من العاصمة كينشاسا إلى أنحاء البلاد الأخرى يتنقل أفرادها باستمرار ويهاجمون ضحاياهم بسرعة وقسوة شديدة، وهم يقومون بسرقة الفيلات والمكاتب الخاصة ومراكز لتسوق والبنوك ومحلات القمار، ويقومون بإيقاف السيارات فيما يرتدي بعض أفرادهم أزياء الشرطة ويقومون بالتظاهر بالتحقق من هويات الركاب قبل نهبهم والتنكيل بهم في حال إبدائهم أي مقاومة.

عند الاجتماع بـ"الذئاب البشرية" في الكونغو وخاصة أولئك الذين يرتدون زي الشرطة الرسمي، لا يكون أمام الضحايا من خيار إلا التخلي عن محافظهم وهواتفهم الذكية بسرعة إذا ما أرادوا الحفاظ على حياتهم.

هذه العصابات التي استشرى خطرها في الكونغو الديمقراطية بعد حربين أهليتين عنيفتين مرت بها في العقود الأخيرة ازداد نشاطها في عام 2020 بالعاصمة كينشاسا التي يزيد عدد سكانها عن 17 مليون نسمة، بانتشار ظاهرة السطو المسلح والاعتداءات العنيفة.

الأدهى أن عصابات "كولوناس" انتشرت في مختلف شرائح المجتمع بما في ذلك في الطبقة العليا والمتوسطة، وأصبح لكل منطقة عصاباتها الخاصة والتي تتقاتل فيما بينها من أجل السيطرة والتوسع.

خلال سنوات طويلة من استفحال هذه العصابات من قطاع الطرق في الكونغو الديمقراطية، استغلها بعض السياسيين والأحزاب في أغراضهم وذلك لحماية تجمعات أنصارهم أو مهاجمة تجمعات المنافسين، وكذلك للمشاركة في الاحتجاجات العامة أو قمعها، ولذلك يعيش بعض قادتها في رفاهية ونعيم.

الخبراء يقولون إن الشباب الكونغولي ليس أمامهم من أجل العيش مع ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 70 بالمئة إلا الانضمام إلى عصابات الشوارع إذا لم يستطيعوا الهجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة وكندا.

يحدث ذلك على الرغم من أن جمهورية الكونغو الديمقراطية التي كانت تعرف في السابق باسم "زائير" والواقعة عند خط الاستواء في وسط إفريقيا، تتمتع بثروات طبيعية هائلة، فهي تملك أكبر احتياطيات العالم من الكوبالت والجرمانيوم والتنتالوم والماس، علاوة على أكبر الاحتياطات في إفريقيا من اليورانيوم والتنغستن والنحاس والزنك والقصدير، علاوة على رواسب الذهب والفضة والحديد والفحم والمنغنيز.

مع كل هذه الثروات الطبيعية لا يوجد أمام الشباب في هذا البلد من خيار للحصول على لقمة العيش إلا الدخول إلى جحيم المناجم بمصباح على الجبهة والعمل هناك 16 ساعة لحصول على ما بين 2 إلى 3 دولارات أمريكية. البديل الثاني أن يغسلوا رمال النهر للحصول على الذهب ويعرضوا أنفسهم لبعوض الملاريا والحشرات الأخرى الناقلة للأمراض الخطيرة.

المضحك المبكي في حال هذا البلد الإفريقي الغني بالثروات الطبيعية أن صندوق النقد الدولي يضعه في المرتبة 186 من حيث الناتج المحلي الإجمالي في قائمة تضم 190 دولة. الأسوأ اقتصاديا من الكونغو فقط الصومال وجنوب السودان وبوروندي أفريقيا الوسطى.

أجهزة الأمن في الكونغو الديمقراطية تشن حملات بشكل دوري ضد عصابات " كولوناس"، وتحاول القضاء عليها وتقديم أفرادها للعدالة. المئات تم القيض عليهم ونفذ حكم الإعدام في عدد كبير منهم، إلا أن الواقع القاسي للحياة في هذا البلد يمد هذه العصابات بأعضاء جدد وما أن يتم التخلص من مجموعة إلا وتتشكل عصابة أخرى أو أكثر في مكانها، وهكذا تستمر الجريمة وأعمال العنف ولا تستقر الأحوال.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد