صحيفة السوسنة الأردنية

قال اهل اللغة.. اِحتلال: (اسم) : مصدر إِحتلَّ.
الإحتِلاَل: دُخُول البلاَدِ والاسْتِيلاَءُ عَلَى أرَاضِيهَا قَهْراً وَغَزْوًا.
وفي تعريف القانون الدولي، بحسب نص المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907، على أنه "تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو.
وفي نص المادة الثانية المشتركة من اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 '' أن هذه الاتفاقيات تسري على أي أرض يتم احتلالها أثناء عمليات عدائية دولية.
الاحتلال يعني إغتصاب الحقوق بالقوة ، والغصب او الإغتصاب ذلك المسمى المقزز بكل توصيفاته ومسمياته.
بعضنا جرم إغتصاب الأموال والأعراض، وتناسى جريمة إغتصاب الأرض، مع أن إغتصاب الأرض وإحتلالها هي بداية ومقدمة للإعتداء على الأرواح والدماء والاموال والأعراض، وهكذا كان الواقع في فلسطين .
بالمكر والخديعة والانتداب وسايكس بيكو وبلفور ، والخوف والجبن والخذلان، وقبل أكثر من سبعين عاما إحتل الصهاينة أرض فلسطين العربية الإسلامية.
ثم تبعها إحتلال ارض الجولان، ثم بعض الأراضي في جنوب لبنان، وسيناء في شمال مصر وبعض الأراضي الأردنية في منطقة الغور .
ولمن نسي أو لم يعد يتذكر، أذكر بالمجازر التي إرتكبها الصهاينة بحق شعب فلسطين ، وما كان فيها وتبعها من وقائع القتل والإبادة والتطهير والإرهاب والاعتداء على الأعراض والتشريد، سابقا ولاحقا وإلى اليوم، وما يجري اليوم على أرض غزة خير شاهد وأعظم دليل .

والسؤال… بعد نحو سبعين عاما من النكبة، وما تبعها من نكبات ، ماذا فعل أهل فلسطين أنفسهم للثأر من قتلة أبنائهم وأبائهم واجدادهم، وممن اعتدوا على أعراض الأمهات والبنات والشقيقات؟

وبماذا رد العرب والمسلمين على تلك الإعتداءات التي كانت ولا زالت… ؟

وماذا فعلت كل الأمم المتحدة والمتفرقة، لنصرة أهل فلسطين، سابقا وحاضرا؟

رغم كل ذلك وبدلا من الثأر لرد الحقوق، بدأت قصص والمسلسلات المفبركة تحت مسمى الأرض مقابل السلام ، ومن بيغن والسادات في كامب ديفيد، الى وادي عربه، ثم تبعتها جريمة اوسلوا، وما تبعها مؤخرا من جملة افعال الخزي والعار من التطبيع الإبراهيمي.

نعم أستعيدت بعض الأراضي العربية، ولكن بقى الجولان شاهقا وشاهدا على واقع الإحتلال، والتوسع الاستيطاني، والغزو على جنوب سوريا مرات ونرات؛
وبقيت فلسطين هي المحتلة وقطعت اوصالها ، وقسمت القدس إلى قدسين ، قدس غربية وأخرى شرقية، كما قطعت أوصال العرب وتفرقوا وضعفوا، وتداعت عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ، وأذكر بقصة الثيران الثلاثة والأسد، أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

اكلت فلسطين واهلها منذ اللحظات الاولى للتهجير والتشريد، والقبول بمبدأ ان يكون المواطن لاجئا في وطنه، والمعتدي والمحتل ينعم بكل الحقوق.

واكلت فلسطين منذ أن تم قبول مبدأ السلام '' سلام الضعف والإنهزام، فالشجعان لا يفاوضون اللصوص وقطاع الطرق لإستراد حقوقهم.

واكلت فلسطين وأهلها.. عندما تم قبول مبدأ التفاوض على موائد اللئام، الذين رددوا ولا يزالون ” الأرض مقابل السلام”.

بعلمي… أن العربي والمسلم الحر لا يقبل الردية ولا يداني الدنية، لا على نفسه ولا على أرضه وعرضه،ولا يقبل بالظلم او الضيم، ترى لماذا جبن بعضنا أو أكثرنا…..؟
ولماذا قبلنا بالسلام المجزوء؟
سلام في اثواب الإستسلام، وبالرغم من كل ما فعله الإحتلال الصهيوامريكي في فلسطين سابقا، وما يجري على أرض غزة حتى اللحظة، ومع ذلك يستمر مسلسل القبول بواقع سلام الذل والخنوع؛
الجواب… عند كل الاحرار من الشعوب!
أذكر أن من اسباب اندلاع معركة الزلاقة، وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً، أن قائد الفرنجة قد كتب كتاباً يتهدّد فيه المسلمين، فكتب له ابن تاشفين على ظهر نفس الكتاب الذي أرسل إليه : "الذي يكون ستراه''.
وجهز الجيش وأعد العدة وقاد المعركة بنفسِه، وكان في الرابعة والثمانين من عمره، وكتب الله فيها النصر له ولجيشه.
مفاوضات واستسلام وفي كل مرة يزداد الصهاينة إجراما وإرهاب وقتلا وإجراما وإرهابا وتوسعا في المستوطنات ، وبكل اسف وأسى يقدم لهم أصحاب الحق، مزيدا من التنازلات، حتى وقعت أغلب أرض فلسطين تحت الإحتلال، ولم يتبقى منها سوى 25٪ وربما اقل، ويقال بانها الارض التي ستقام عليها دولة فلسطين.
ويروى أيضا أن فتح عمورية كان بعد ان هاجم الروم ديار المسلمين، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا الرجال وسبوا النساء، فصاحت منهم امرأة هاشمية: "واااامعتصماه”، فبلغ ذلك الخبر إلى المعتصم، فأجابها وهو جالس على عرشه: "لبيكِ، لبيكِ''، ولم يستنكر او يشجب أو يحذر، بل جهّز جيشاً عظيماً، وخرج إلى الروم فقاتلهم وانتصر عليهم وفتح عمورية.
كم رأينا على الواقع.. وعبر شاشات التلفزة، جنود الإحتلال الصهيوني وهم يعتدون على النساء الحرائر في فلسطين، وكم صرخن واااعرباااه، وإسلاماااه، فلا مجيب لهن إلا رجع الصدى؛
منذ نحو أكثر من سبعين عاما مضت على إحتلال فلسطين، والمجتمع الدولي بكل هيئاته ومنظماته يرى ويراقب ويشعر بالغضب، ويدعو إلى ضبط النفس.. ولا يحرك ساكنا.
بل إنه يدين الضحية والمعتدى عليه ، لأنه يقاوم المحتل ويدافع عن نفسه وحقوقه وحريته ، ويعطي حق الانتقام للمجرم المعتدي.
فعن اية عدالة دولية نتحدث؟
ومن نطالب لتحقيق العدل، إذا كان القاضي وصاحب القرار الدولي هو شريك مع الخصم المعتدي؟
ترى هل نعلم.. إن بعض نصوص المواد في القانون الدولي تعطي حقوقا وسلطة للقوة القائمة بالإحتلال؟
والطامة الكبرى.. إن الجميع يطالب المجتمع الدولي بالتحرك والقيام بواجباته، وتحمل مسؤولياته، ولا أدري من هو المعني بالمجتمع الدولي؟
إذا كان العرب والمسلمين، اصحاب الحق يطالبون... ، والمعتدي المحتل الصهيوني نفسه يطالب بالعدالة، وبقية الدول الكبرى والصغرى تطالب بذلك ، إذا فمن المعني بالتدخل؟
ونعلن ونصرح ونقول... ان ما يجري في فلسطين بشكل عام، وفي غزة بشكل خاص، هي جرائم إبادة وتصفية وإرهاب وإضطهاد عنصري، ونطالب العالم بالتدخل، وفي ذات الوقت لا تزال اتفاقيات التطبيع والذل باقية، ولا يزال سفراء عصابة الاحتلال وسفارتهم ، باقية في بعض عواصمنا العربية، تعلوها أعلامهم !
فمتى نستحي من الله، ومن حق العروبة، ونترك الكذب… ،ونكون رجالا ولو لمرة واحدة؟
هل تكفي قرارات قمم الشجب والادانة والتحذير؟
وهل يكفي تكرار الإدانات الدولية؟
وأين جرأة وقوة وهيبة مجلس الأمن وهيئة الأمم، وكل المنظمات الحقوقية الدولية ومحاكمها..؟
وماذا فعلت للضغط على إسرائيل، لتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية، والتي منها الإنسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة ، أو اقلها...العودة إلى حدود عام 1967، ووقف الحرب على غزة …؛
مشكلتنا ليس مع النتن ياهو او بن غفير، أو كل اليمين الصهيوني المتطرف، او اليسار المتعجرف فحسب، فكلما ذهب نتن أتى من هو انتن منه، وكلما ذهب مجرم كإبن غفير وأمثاله، أتى من هو أشد اجراما وإرهاب منه، فهي أساليب توارثوها، بل إن مشكلتنا الكبرى وقضيتنا الأهم، هي تفرقنا وضعفنا كعرب ومسلمين؛
ولذلك لا تستغربوا بقاء وجود قوة الإحتلال على أرض فلسطين والجولان؛

لا أدري كيف نقبل بواقع الذل والهوان، وبمبدأ الأرض مقابل السلام، ونحن أصحاب الحق، وكيف يفاوض المجرم والمحتل والمعتدي، لإسترجاع بعض ما احتله او سرقه او اغتصبه من الحقوق وليس كلها!

إن من أهم اسباب واقع الذل والخنوع والتخاذل،الذي يعيشها العرب اليوم.. ، هي جريمة...تركهم لدينهم الذي فيه عزتهم ومجدهم، وتعطيلهم لركن الجهاد ،فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، يقول عليه والسلام : إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهاد، سلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم”.

اي ذل نعيش... وقد أوغل بني صهيون في إجرامهم، فقتلوا عشرات الآلاف وجرحوا أكثر منهم أضعاف، وشردوا من وشردوا، بعد أن هدموا البيوت والمساكن والمساجد وصادروا الهوية وكل الحقوق، ومنعوا عموم أهل فلسطين من الوصول الى المسجد الأقصى، وضيقوا عليهم، وشرعوا ببناء المزيد من المستوطنات.

صحيح انه وفي كل المحاولات الصهيونية، يواجهون بمقاومة شرسة من بعض الأحرار في غزة أو القدس ونابلس وجنين وغيرها ، وهي تزداد لتكون أقوى وأشرس، ولا غر ولا عجب فذلكم هم ونحسبهم كذلك، هم أهل الطائفة من اهل الحق، الذين بشر بهم النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله :
«لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحقِّ لعدوِّهم قاهرين، لا يضرُّهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأْواءَ، فهُم كالإناءِ بين الأَكَلةِ، حتى يأتيَهم أمرُ اللهِ وهم كذلك. قالوا يا رسولَ الله وأين هم قال ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدسِ» (رواه ابن جرير والطبري بإسناد صحيح).

لكن وبكل أسف وأسى واقع المقاومة الشعبية في فلسطين ، يرافقه أو يوازيه على الجانب الرسمي العربي، مواقف '' مخزية '' ، تكرار الشجب والإدانه والإستنكار وشعور بالخوف والقلق ، وكثرة التحذير وتغريدات على على وسائل التواصل ….!

وتخاذل وخنوع شعبي، وكأن ما يجري في فلسطين، لا يعني عامة العرب والمسلمين.

تأثرنا.. بالكثير من الأفلام والمسلسلات، لكن لم نتاثر حياءا وخشية من الله ثم من حق الإخوة والعروبة والإسلام، لما يجري للأشقاء على أرض غزة خصوصا ممن يقتلون ويجرحون ويموتون بردا وجوعا وعطشا، أو تحت الركام أو في الطرقات تنهش لحومهم الكلاب.

ختاما..في ظل حالة الخنوع والتفرق والتشظي العربي لا يستغرب أن تقوم عصابة الإحتلال الإسرائيلي، بتكرار الاعتداء على لبنان وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية ذااات السيادة.
ولا يستغرب أن يقوم الصهاينة وعبر وسائل تواصل لحسابات رسمية إسرائيلية بنشر خرائط تزعم أنها "تاريخية لإسرائيل" وتشمل أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا!

ثم نسارع إلى الإدانة والتحذير، فهل الإدانة تكفي؟
وهل إسرائيل ستكتفي؟

قلت سابقا وأكرر القول.. إن الرد على جرائم الإحتلال الصهيوني كلها، سابقا ولاحقا وحتى اليوم، يجب أن يكون '' بالمثل وزيااادة '' ..!
كما يجب تغيير كل قواعد الإشتباك، التي عرفها وألفها العدو الصهيوني المحتل ، وإن اول الخطى...، على الساحة الفلسطينية، يجب أن يكون بحل السلطة الفلسطينية رسميا ، ثم اعلان إلغاء اتفاقية أوسلوا، ثم إعلان دولة فلسطين تحت الإحتلال.

والأهم من ذلك.. هو توحد الشعب الفلسطيني بكل فصائله ، والعودة إلى ميادين الكفاح،وليكون الهدف الأوحد للجميع، هو زوال الإحتلال وتحرير فلسطين، والبدء بإنتفاضة أو ثورة لا تقف إلا عند حد التحرير والنصر واسترجاع كل الحقوق لا بعضها .

ومن أوجه ذلك المقاطعة والإضراب والعصيان المدني، وإظهار كل أشكال التمرد، ولكن مع استعمال منطق العقل والحكمة.

أما الواجب الملقى على عاتق كل عربي ومسلم، الرسمي منه والشعبي ، أوله واقواه واجداه ..هو وقف وإلغاء كافة معاهدات التطبيع والسلام،مع العدو الإسرائيلي، ووقف العمل بكل الاتفاقيات وبكل مسمياتها وخاصة الدبلوماسية منها، وإغلاق سفارات العدو في عواصم العرب.
ثم تذكروا جيدا... إن كثرة الأقوال عن التحرير، لن تغير واقع الإحتلال الذي يعيشه اهل فلسطين على أرضهم، ما لم يشعر العدو الأسرائيلي المحتل، ومن يدعمه ويؤازره بالتغيير الجدي والحقيقي في كل القواعد التي يعرفونها ويألفونها .