صراع بين الوهم والحقيقة

mainThumb

23-12-2024 01:59 AM

قَدْ تَكُونُ الْحَقِيقَةُ مُرَّةً ، لَكِنْ لَا بَدِيلَ عَنْهَا ، فَالْمُوهَمُونَ دَوْمًا نَشْغَلُهُمْ الْأَوْهَامُ الْجَمِيلَةُ ، التي تَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَالَمِ الْحَقِيقَةِ ، لَكِنْ لَوْ أَبْصَرْنَا حَوْلَنَا وَ أَمْعَنَا النَّظَرَ وَشَغَلْنَا الْحَوَاسَّ لَا اكْتَشَفْنَا كَمْ نَحْنُ مَخْدُوعُونَ بِتِلْكَ الْأَحَاجِي الَّتِي يَتَسَلَّى بِهَا الْأَطْفَالُ الصِّغَارُ .

قَدْ تَكُونُ الْحَاجَةُ مَاسَّةً لِنَتَذَوَّقَ مَرَارَةَ الْحَقِيقَةِ وَآلَامَهَا ، عَلَى أَنْ نَعِيشَ زَيْفَ عِيشَةِ الْأَوْهَامِ ، إِنَّنَا بِحَاجَةٍ لِيَقَظَةٍ تَكْشِفُ الْمَسْتُورَ الْمُتَخَفِّيَ ، مِنْ أَجْلِهَا نُرِيدُ الْحَقِيقَةَ الَّتِي تُعَرِّي الْبُيُوتَ الْمَصْنُوعَةَ مِنْ الْوَرَقِ ، نُرِيدُ يَقَظَةً تُظْهِرُ لَنَا الْغَثَّ مِنْ السَّمِينِ ، نُرِيدُ يَقَظَةً تُظْهِرُ لَنَا الْعَدُوَّ مِنْ الصَّدِيقِ ، نُرِيدُ يَقَظَةً تَهُزُّ كِيَانَنَا الْهَزِيلَ فَتَشْحَنُهُ بِقُوَّةٍ دَافِعَةٍ ، نُرِيدُ يَقَظَةً تَحْمِلُنَا مِنْ عَالَمِ التَّسَوُّلِ إِلَى عَالَمِ الرُّوَّادِ .

نَتَمَنَّى أَنْ نَعِيشَ الْيَقَظَةَ ، فَنَحْيَا وَاقِعَنَا دُونَ مُدْخَلَاتِ صِلَاتِ التَّجْمِيلِ ، لَكِنَّ صُنَّاعَ الْأَوْهَامِ كَيْ يَخْدَعُوا أَبْصَارَنَا وَإِلْهَائَنَا عَنْ وَاجِبَاتِ حَاضِرِنَا ، وَصَرْفَ أَنْظَارِنَا عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَأْمُولِ ، فَرَضُوا عَزْلَنَا وَفَرَضُوا حِرَاسَةً عَلَى عُقُولِنَا ، حَتَّى نَحْبِسَ مَوَاهِبَنَا ، فَنَخُوضَ حُرُوبًا هَامِشِيَّةً تُبَدِّدُ طَاقَتَنَا ، فَنَعِيشُ فِي صِرَاعٍ مَعَ ذَوَاتِنَا ، يُرْجِعُونَنَا لِصِرَاعِ الْحَضَارَاتِ ، صِرَاعِ الثَّقَافَاتِ ، صِرَاعِ اللُّغَاتِ ، صِرَاعِ الْأَعْرَاقِ ، حَتَّى يُخْلُوا لَهُمْ الْمَيْدَانَ ، كَيْ تَبْقَى لَهُمْ الرِّيَادَةُ وَ الرِّفْعَةُ وَالسُّؤْدُدُ .

حَقًّا لَقَدْ أَغْفَلْنَا مَكَانَتَنَا الَّتِي شَرَّفَنَا اللَّهُ بِهَا بَيْنَ الْأُمَمِ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 110 ]

فَمَتَى تَسْتَعِيدُ الْأُمَّةُ عَافِيَتَهَا ، فَتَسِيرُ فِي رَكْبِ صُنَّاعِ الْغَدِ ، صُنَّاعِ الْمُسْتَقْبَلِ ، فَتَكُونُ أُمَّةً تَسْتَشْرِفُ الْمُسْتَقْبَلَ الْوَاعِدَ ، تُسَجِّلُ اسْمَهَا فِي رَكْبِ الْعَالَمِ الْأَوَّلِ ، بِذَلِّ السَّيْرِ فِي رِوَاقِ الدُّوَلِ النَّامِيَةِ ، أَوْ الدُّوَلِ الْمُتَخَلِّفَةِ ؟ ! 





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد