ارتدادات عدوان غزة .. وماذا ينتظر العرب

mainThumb

18-12-2024 11:54 PM

تنظر الشعوب العربية بعين السخط والغضب لدولة الاحتلال الاسرائيلي لعدوانها السافر والوحشي وحرب الإبادة التي تشنها على أهلنا في غزة تحت ذريعة الرد على ما سمي بطوفان الأقصى بمساندة كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وها هي قد انقضت سنة وأكثر تعد من أصعب السنوات العجاف على أهلنا في غزة، وهم يرزحون تحت نيران القتل والتدمير ليل نهار دون توقف. فالطائرات تحوم في سماء غزة وصوتها الهادر يفزع الأطفال وحتى الكبار، وترسل صواريخها هدية لأهل غزة لتهدم بيوتهم وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ والرجال والشباب. والدبابات والأليات العسكرية تجوب الطرقات، تطلق النيران بكل اتجاه وتقصف كل ما يواجهها وكل ما يتحرك أمامها. والمدفعية ترسل قذائفها بشكل عشوائي محملة بهدايا مغلفة بالبارود والمتفجرات لتقتل وتدمر كل شيئ تسقط عليه، حتى لم يعد هناك مكان أمن على أرض غزة، وأصبح الموت يأتي من كل مكان ورائحته مع كل نفس يتنفسه سكان غزة.
ورغم كل ذلك لا زال العالم ينظر لتلك المجازر دون أن يحرك ساكناً رغم سقوط عشرات الآلاف من القتلى وضعفهم من المصابين وأكثر من مليوني شخص هجروا وشردوا من بيوتهم يلاحقهم الموت والجوع والخوف أينما حلو وأينما ولو وجوههم.
ولا زالت الدول التي تسمي نفسها عظمى ووصية على فرض السلم العالمي هي من تدعم هذا العدوان الهمجي وتزوده بالسلاح والأموال وحتى المقاتيلن، وتقف إلى جانبه سياسيًا ودبلوماسيًا وتنبري للدفاع عنه في جميع المحافل الدولية، وتقف ضد القرار ات الأممية بحق هذا المعتدي الأثيم وتدعي بأن من حقه الدفاع عن نفسه ضد المدنيين العزل أصحاب الحق الأزلي القابعين تحت نار الاحتلال.
فأين حقوق الانسان وحقوق الأطفال وحقوق المرأة والحق في التعليم والحق في تلقي العلاج وغيرها من الحقوق والمسميات التي صدعوا رؤوسنا بها ولم نراها تنفذ على أرض الواقع في حالة غزة. بينما نجدهم ينفقوا أموالاً ضخمة على تلك المسميات الفارغة المضمون لتمرير أجندات خفية لتفتيت المجتمعات العربية والاسلامية وتدمير كل القيم الأنسانية السامية والتشكيك في الدين الاسلامي وما إلى ذلك، بهدف تدمير الأسرة ليسهل عليهم تمرير ما يريدونه من انحلال وبعد عن الدين ونشر الفجور والرذيلة. في الوقت الذي لا يأبهوا بمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة وداخل الأراضي الفلسطينية أيضاً التي ترزح تحت وطأة الاحتلال ويعاني أهلها من الظلم والقهر والقتل.
ولم يرتدع هذا العدو لا بل فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان وفعل بها كما فعل في غزة وقام بهدم بيوت سكانها ودم رقرى بأكملها بحجة الدفاع عن النفس ضد حزب الله وتأمين حدوده مع لبنان. ولم يكتف بذلك بل استغل انشغال سورية بالحرب الأهلية واشتداد الثورة السورية وسقوط النظام وقام بقصف جميع مواقع الجيش السوري ودمر كل مقدراته، وتدمير سلاح الجو من طائرات ومطارات، إضافة إلى تدمير سلاح البحرية ومواقع الاسلحة ومخازن الذخيرة حتى قضى على ثمانين بالمائة من قدرات الجيش السوري. وبذلك أصبحت سورية بلا جيش مما أفقدها قدراتها الدفاعية والهجومية وأضحت عاجزة عن الرد على هذا العدو اللعين المتغطرس، فطغى وتجبر أكثر فأكثر واتسعت طموحاته وأطماعه واستغل ظروف الثورة السورية ليتمدد ويحتل جبل الشيخ، ويضم كامل الجولان ويتخذ قراراً ببناء المستوطنات في القرى السورية بالجولان، لا بل وعطل اتفاقية ترسيم الحدود، وها هو يقترب من العاصمة دمشق سعيا لتحقيق حلمه في بناء دولته الكبرى.
وفي ظل كل تلك الظروف والأحوال ذلك لم نرى ردوداً عربية قوية، ولم نرصد قيام الجيوش العربية بالاستعداد لوقف العدوان عن غزة والذود عن الحمى العربي، فكل ما رأيناه من الجيوش العربية استعراضات عسكرية لتحية القيادات وكبار الضيوف، وعروض جوية احتفالية للطائرات العسكرية، فيما بقيت غزة وحيدة تستنجد بربها.
ويتساءل المواطن العربي أين الأمتين العربية والاسلامية من هذا العدوان، وماذا فعلت تجاه ذلك؟، وماذا ينتظر العرب لوقف الحرب والرد بقوة على هذا العدو المتغطرس؟.
فجاءنا الرد المزلزل الذي أرهب العدو وخلخل كيانه ولم تغفى له عين عندما رأى المؤتمرات التي عقدتها الدول العربية والاسلامية لمناقشة العدوان على غزة. فكانت الجهود الدبلوماسية والاجتماعات واللقاءات وتصريحات التهدئة والذهاب إلى الأمم المتحدة والشكوى لمجلس الأمن والسفريات والطائرات التي تحط وتقلع من المطارات وأقامة المآدب الرسمية في أفخم الفنادق والقصور هي أقصى الردود التي أدخلت الرعب إلى قلوب العدو وجعلتهم يهرولون إلى الملاجئ خوفاً ورعبًا.
ولا يزال العرب يعتقدون بأن الدبلوماسية وحدها هي من تستطيع حل الأزمة. وهي حجة الضعيف الذي لا يملك أسباب القوة ولا يرغب في الدخول في نزاع مسلح مع العدو الصهيوني من أجل غزة وفلسطين، مما دفع العدو لزيادة طغيانه وعنجيهيته عندما وجد دعماً أمريكياً وأوروبياً، وضعفاً وعجزاً عربياً.
وأخيراً فإن أقصى ما استطاع العرب فعله هو إرسال المساعدات وتوفير الطعام والماء والعلاج لهم بعدما ساءت أحوالهم لدرجة كبيرة ولا يجدون الطعام والعلاج بسبب قصف المستشفيات ومنع دخول المساعدات مما تسبب في نقص الأدوية وانتشار الأمراض وتعطلت بهم سبل الحياة، وهي بادرة طيبة ولا شك ومطلوبة أيضاً لتخفيف معاناتهم.
ولكن ذلك ليس كاف، ولا زال المواطن العربي والفلسطيني على وجه التحديد ينتظر رداً قوياً لا دبلوماسياً فقط، ولا بد للدول العربية من الاتحاد واتخاذ موقف حازم وصارم ضد هذا العدو المتغطرس والدول التي تقف إلى جانبه من أجل رفع الظلم عنهم واستعادة بلادهم المحتلة. وذلك لن يتحقق بالدبلوماسية والمحادثات فقط فالكف لا يناطح المخرز، بل بالقوة والسلاح لردع العدو واسترداد الأراضي المغتصبة عنوة من أصحابها فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
وعندما تتخذ الدول العربية هذا القرار وتقف صفاً واحداً في مواجهة العدو المحتل فستجد الشعب العربي يقف وراء قياداته ويشد من أزرها ويبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق النصر واستعادة الأراضي العربية المحتلة واستعادة الكرامة العربية والتاريخ المجيد لهذه الأمة.
والله غالب على أمره ....

خبير تنمية بشرية وإدارية وتطوير إداري
nawaft@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد