رسالة للسوريين: البشر أولى من الحجر

mainThumb

18-12-2024 05:14 PM

بعد أن تلاشى حكم البعث الذي دام 55 عاماً ظلَّ يعبث بسوريا وشعبها ومقدراتها تواجه الحكومة الجديدة تحديات تفوق الوصف كتوفير الأمن، وتأمين الغذاء، وإعادة المهجرين بالداخل أو من خارج الحدود، والانتصار للمظلومين، وتوحيد الصف الداخلي باختلاف طوائفه وأعراقه.
الجهات التي تتبع البعث تحاول عبر الاعلام المضلل استخدام ورقة الجغرافيا السورية ودخول إسرائيل على خط المعاناة للسوريين باحتلال المزيد من الأراضي للتذكير أن النظام السابق لم يسمح بهذا التوسع، فقد كان يقف في صف الممانعة بعدم التطبيع مع الكيان الغاصب، وتناسى هؤلاء المخدوعين أن الجولان محتل منذ العام 1967م، والطيران الإسرائيلي يجوب الجغرافيا السورية فوق دمشق ويقصف المنشآت الحيوية والمطارات عندما يشاء دون وجود رد فعل يناسب الحدث، إلا إذا كان حزب البعث يظن أن مجرد القطيعة مع الكيان هو انتصار للسوريين أو للقضية الفلسطينية معاً.
مواقف وصفحات سجلها التاريخ الإسلامي تتجلى في موقف الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عندما انتقل للمدينة فقد تصالح مع كفار قريش بمكة في صلح الحديبية لبناء دولته بالمدينة المنورة واضعاً نصب عينيه العودة لفتح مكة عندما تقوى شوكة المسلمين، ناهيك عن الصلح والمعاهدة مع القبائل اليهودية بالمدينة للوقوف على الحياد عند حدوث قتال بين المسلمين وكفار قريش، إلا أن اليهود نقضوا العهد فأجلاهم الرسول خارج المدينة بعد خيانتهم وغدرهم.
ما يزيد على نصف قرن من حكم البعث تغيرت المفاهيم والعادات والطباع للسوريين، خلال تلك المدة نشأت أجيال ثلاثة تشربت حكم البعث في مناهجها وأخلاقها، انتشر الفساد بكل مناحي الحياة، ساد الظلم وغابت العدالة، سيطرت العلوية التي ينتمي لها النظام على البشر والشجر والحجر.
أمام السوريين اليوم فرصة بناء دولتهم الحديثة على أسس المساواة والعدالة الإنسانية، يتطلب الإصلاح عقوداً أخرى، فبعد أن تحرر المساجين من قيود الاعتقال، هناك قيود أخرى بناها نظام البعث على العقل السوري يلزم تحريرها، يحدث هذا قبل تحرير الجغرافيا السورية من الكيان الغاصب مهما بسط ذراعيه وقدميه، فالأرض سوف تتحرر يوماً ما بعد أن تتحرر العقول من الأفكار البعثية والأيدي من قيود السجان، ومن بيته من زجاج لا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة، فالعناية بالبشر أولى من الإمساك بالحجر، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد