جمهورية «البودكاست»

mainThumb

04-12-2024 11:05 AM

تنتعش هذه الأيام موضة المقابلات المباشرة، أو المسجلة مع شخصيات اعتبارية ونجوم ورياضيين ومثقفين ورجال دين وغيرهم، في استوديوهات بسيطة وإضاءة معينة تعطي للقاءات التي تُجرى رونقاً خاصاً، تغنيه الموسيقى المثيرة فيبدو كل ما يحكى وكأنه جديد وغريب وغير مسبوق. ولعل الميكروفونات المستخدمة، التي باتت السمة الواضحة لهذا النوع من المقابلات، تضاف لإثارة المشهد وجديته.
ثقافة هذه اللقاءات المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمعروفة بالـ»بودكاست»، تشكل نقلة مختلفة من عالم اللقاءات التقليدية التي أجريت في استوديوهات وظروف مملة، وتلك التي أجريت في استوديوهات فارهة ميزتها الكاميرات والإضاءة والأثاث وعالم الصور والأفلام الرقمية والرسومات التحريكية، وتقنيات البث والتحرير وحتى التجميل.
جمهورية البودكاست الشهيرة تستهوي المشاهير، كما تستهوي كل مذيع ومذيعة ومؤثر ومؤثرة وهاوٍ وهاوية… الجميع يتقاطرون للدخول إلى عالم البودكاست بصورة تتكثف وتتصاعد كل يوم، لكن زيادة الشيء كما نقصانه، فجمهورية البودكاست وإن زاد جمهور مشغليها، ربما سيجهض هذه الظاهرة برمتها، فليس لكل مذيع أو مذيعة الكاريزما ذاتها، والحضور وحتى خفة الروح المطلوبة لدخول هذا العالم، وليس لكل ضيف أو ضيفة القدرة ذاتها على المشاركة في هذا العالم للأسباب ذاتها، لذا فإن التفكير والتمحيص مرجوان من الضيف والمضيف، وإلا باتت جمهورية البودكاست كما باقي المنصات التقليدية. وعلى الرغم من هذا وذاك فإن اقتناع البعض بهذا الأمر، شبه مستحيل فلا الضيف ولا المضيف يقبلان بالانسحاب من هذا العالم على قاعدة: «لا أحد أفضل من أحد في هذا العالم».
ولكن عندما تتوافر كل الشروط مع بعض الإثارة واختيار موفق للموضوع فإن جمهورية البودكاست تصبح الأكثر إمتاعاً وحضوراً وسطوة، لما تحمله من تقريب بين القصة والمشهد ليساعدها في ذلك اختيار موفق لصور تحاكي القصة وتتقاطع مع تفاصيلها فترسخ أفكارها وتعزز محتواها. ومع اختيار قصص ضاربة في الماضي فإن ما يتم تقديمه يعتبر غاية في الإثارة، خاصة إذا ما فتحت أرشيفات أحداث مهمة لم يسبق وأن طرقت من قبل. فهل تكتسح جمهورية البودكاست عالم المقابلات، أم تفسد بفعل كثافتها ورداءة المحتوى في زمن ما؟ ننتظر ونرى.

كاتب فلسطيني
s.saidam@gmail.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد