العقلية السنية الموالية لإيران

mainThumb

03-12-2024 03:10 PM

العقلية السنية الموالية لإيران ظاهرة خطيرة تعكس تأثير النفوذ الإيراني على المجتمعات السنية، إذ تسعى طهران إلى اختراق هذه المجتمعات عبر أدوات متعددة، من أبرزها الترويج لفكرة "محور المقاومة" وتبني خطاب يعادي إسرائيل والولايات المتحدة. إيران تستغل هذه القضايا العادلة، كالقضية الفلسطينية، لكسب التأييد، لكنها في الواقع تعمل على تمرير مشروعها الطائفي والتوسعي في المنطقة، وهو مشروع يستهدف ضرب استقرار الدول العربية وتفتيتها من الداخل.
وان الخطر الإيراني على العقلية السنية ندركه جميعا وتحذيرات جلالة الملك عبدالله الثاني من قيام الهلال الشيعي في المنطقة
وان إيران تدرك جيدًا أن مفتاح نجاح مشروعها التوسعي لا يقتصر على كسب ولاء الشيعة فقط، بل يتطلب أيضًا تحييد أو كسب دعم فئات من السنة. لتحقيق ذلك، تقدم نفسها كقوة "عابرة للطوائف" مناهضة للاستعمار الغربي وحامية لقضية فلسطين. هذا الخطاب يلقى قبولًا في بعض الأوساط السنية التي تُغلب العداء لإسرائيل والغرب على رفض الهيمنة الإيرانية. ومع ذلك، فإن هذه العقلية الموالية تُعرّض نفسها لخطر الوقوع في شَرَك المشروع الإيراني الذي يسعى إلى تحقيق أهدافه على حساب استقرار الدول العربية، السنية تحديدًا.
إيران تسعى لتفكيك النسيج السني عبر دعم جماعات سنية موالية لها، مثل بعض الحركات الفلسطينية، أو عبر تفكيك الدول من الداخل كما حدث في العراق وسوريا. العراق، مثلًا، شهد تحوّلًا جذريًا في تركيبته السياسية والاجتماعية بسبب النفوذ الإيراني الذي دعم ميليشيات طائفية وأضعف الدولة المركزية، مما تسبب في نزاعات طائفية مزقت المجتمع. في سوريا، استخدمت إيران الحروب لتثبيت نفوذها العسكري والسياسي عبر ميليشيات شيعية مدعومة من الحرس الثوري، مما أدى إلى تدمير المدن وتشريد الملايين، غالبيتهم من السنة.
ولتدمير العواصم العربية ومشروع الهلال الشيعي ان مشروع إيران التوسعي يقوم على فكرة "الهلال الشيعي"، وهو ربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت عبر ممر استراتيجي يصل إلى البحر المتوسط. لتحقيق ذلك، دفعت إيران نحو خلق بيئات فوضوية في الدول المستهدفة، مستخدمة أذرعها مثل الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن. هذه الأذرع تعمل على تقويض سيادة الدول وتحويلها إلى ساحات نفوذ إيراني.
إيران دمرت العواصم العربية، لكنها فشلت في تحقيق حلمها بالكامل. في اليمن، واجه الحوثيون مقاومة شديدة من التحالف العربي والشعب اليمني. في لبنان، يعاني حزب الله من أزمة شعبية بسبب سياساته التي أضعفت الدولة. وفي العراق، بدأت الأصوات المناهضة للنفوذ الإيراني ترتفع بين أبناء الشعب، حتى من داخل الطائفة الشيعية نفسها.
وعلى شواطئ الأردن وصخور البتراء، تكسرت الأحلام الإيرانية. الأردن، بحكمته السياسية ووعيه الشعبي، كان سدًا منيعًا أمام محاولات إيران لاختراق المنطقة. برغم الضغوط السياسية والاقتصادية، حافظ الأردن على موقفه الثابت ضد أي تدخل إيراني في المنطقة، ورفض السماح بتحويل أراضيه إلى ممر لمشروع طهران.

ويواجه المشروع الايراني تحديات في المنطقة تأثر على وجوده ومستقبله اذ أن مشروع إيران، رغم نجاحاته الجزئية، يواجه تحديات كبيرة. داخليًا، تعاني إيران من أزمات اقتصادية خانقة واحتجاجات شعبية متكررة ترفض سياسات النظام التوسعية التي تُهدر موارد البلاد على الحروب في الخارج. إقليميًا، بدأت الدول العربية تدرك خطورة هذا المشروع وتتحرك لمواجهته، سواء عبر التحالفات العسكرية أو تعزيز استقلالها السياسي والاقتصادي.
الشعوب العربية أصبحت أكثر وعيًا بخطورة الهيمنة الإيرانية، وأدركت أن محور المقاومة الذي تروج له طهران ليس سوى غطاء لمشروعها الطائفي. المقاومة الحقيقية هي تلك التي تحافظ على سيادة الدول واستقلالها بعيدًا عن أي تدخل خارجي.
وفي النهاية ان الخطرالإيراني على العقلية السنية لا يقتصر على محاولات الاستقطاب الأيديولوجي، بل يمتد إلى تدمير الدول واستنزاف مواردها وتحويلها إلى أدوات في خدمة طهران. لكن، ورغم كل ما حدث، فإن المشروع الإيراني يواجه عقبات كبرى تهدد استمراريته، من الرفض الشعبي المتزايد في الدول العربية إلى الأزمات الداخلية في إيران نفسها. وفي النهاية، تبقى الوحدة العربية والوعي الشعبي هما السلاح الأهم في مواجهة هذا المشروع وإفشاله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد